يقول الله في مطلع سورة الحشر، الآيات من 1 – 7: (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ ومَا فِي الأَرْضِ وهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ . هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وأَيْدِي المُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ . ولَوْلا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا ولَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ ورَسُولَهُ ومَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإنَّ اللَّهَ شَدِىدُ العِقَابِ . مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإذْنِ اللَّهِ ولِيُخْزِيَ الفَاسِقِينَ . ومَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ ولا رِكَابٍ ولَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ واللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القُرَى فَلِلَّهِ ولِلرَّسُولِ ولِذِي القُرْبَى والْيَتَامَى والْمَسَاكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ومَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ) صدق الله العظيم 1) بداية السورة التي تقص علينا "غزوة بني النضير" ذلك الفصيل من اليهود الذي تآمر على قتل النبي صلى الله عليه وسلم ومواقف المنافقين، تأتي لتنزيه الله وتعالى وتقديسه، حتى يستقر في النفوس أنه مالك الملك ومدبر الأمر كله. 2) ثم تأتي الآية الثانية لتبدأ بالضمير "هو" لكى لا يظن أحد أن هناك من مشاركة في إخراج اليهود من المدينةالمنورة. 3) الحديث عن فصيل محدد ووصفه الله بأنه (الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ) وليس جميع أهل الكتاب. 4) لم يكن يدور في خلد أحد، لا منهم ولا من المسلمين، أن هناك قوة تستطيع إخراجهم من المدينة. 5) تجلت القدرة الإلهية في عدة أمور، إحساسهم بالمنعة، أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، فقد حسبوا لكل شئ عدته وأعدوا أنفسهم لحصار طويل، سلاح الرعب مما أدى إلى أن يخربوا بيوتهم بأيديهم. 6) مرة أخرى يأتي الحديث بإسناد الأمر لله وحده (كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَلاءَ)، وسبب ذلك هو مشاقة الله والرسول، وذلك يقتضي العقاب الشديد. 7) آيتان تتحدثان عن الفيء وتوزيعه وأن الفضل لله وحده، والإشارة إلى أن بالعدالة وعدم احتكار المال وأهمية تداوله بين المسلمين فقراء وأغنياء، كأنها حديث اليوم عن "العدالة الاجتماعية" وضرورتها لتحقيق الاستقرار. 8) ثم يأتي بعد تلك الآيات الحديث عن ثلاث فئات من المؤمنين: المهاجرين ومن سبقهم في الإيمان وتضحياتهم، الأنصار ودورهم وإسهامهم وإيثارهم المهاجرين على أنفسهم وحتى الشح، وأخيرا فئة غير موجودة في ذلك الوقت ومستمرة إلى نهاية العالم وهي (والَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ) ولا يتلاومون حول الأخطاء التي وقع فيها السابقون من المهاجرين والأنصار والتابعين، بل شعارهم العظيم (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ولإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ ولا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا). والله أعلم