قامت ثورة 25 يناير لتعيد للشعب المصرى كرامته، وتمنع استمرار سياسة الاستهانة بالشعب والتعامل معه على أنه قاصر وليست له إرادة تُحترم. كان المخلوع وحزبه لا يخجلون من قول: إن الشعب غير جاهز للاستمتاع بالحرية والديمقراطية، ومن ثم فهم الأوصياء عليه.. يفعلون ما يريدون نيابة عنه ودون استشارته. وقد أوصلتنا هذه السياسة الغبية إلى ما نحن فيه من خراب شامل فى جميع المجالات، وتخلُّف عن العصر، وتبعية وخضوع غير مبرر لأعدائنا. ولا يمكن بعد هذه الثورة العظيمة أن يقبل الشعب استمرار سياسة تجاهله، أو عدم احترام إرادته ورغباته، أو السخرية من اختياراته. وقد فتحت الثورة الباب ليمارس الشعب حريته فى اختيار قياداته وبناء مؤسساته بالاقتراع الحر المباشر.. وكان المفروض أن تستقر البلاد وتبدأ هذه المؤسسات المنتخبة عملها للبدء فى إصلاح الخرائب التى أورثها لنا المخلوع ونظامه، والانطلاق إلى آفاق التنمية والتقدم. ولكن نظام المخلوع بقيادة المجلس العسكرى لا يزال قائما، ويعمل باستماته للتخلص من كل إنجازات الثورة، وأهمها نتائج الانتخابات الحرة التى استطاع الشعب بوعيه أن يستثمر حرية التصويت لأول مرة فى إبعاد فلول النظام المخلوع، وأن يختار قيادات ثورية جديدة، ويساعد نظام المخلوع فى السعى إلى إجهاض الثورة كل القيادات التى عينها المخلوع بطريقته المعروفة، خصوصا أولئك الذين كان يعدهم لفرض التوريث وحماية الوريث.. وهؤلاء لا يمكن أن يُخلصوا لمصر وثورتها لأن ملفاتهم المرعبة تحت يد زوجة المخلوع وتهددهم باستخدامها. كان المفروض أن يصر الثوار على خلع كل من عينهم المخلوع، ليلحقوا به، وتتخلص مصر من أركان النظام الفاسد.. ولكن قدر الله وما شاء فعل، وهو سبحانه الذى يحمى الثورة، ومن سنن الله ابتلاء المؤمنين، للصقل والتمحيص. إن إصرار المجلس العسكرى على التخلص من كل المؤسسات المنتخبة، لأن اختيار الشعب لم يعجبه!، ما هو إلا استمرار لسياسة المخلوع بأن هذا الشعب قاصر ولم يبلغ الرشد.. ولا ندرى بأية شرعية أو منطق يصرح رئيسه بأنه لن يسلم البلاد لجماعة أو فئة معينة؟!. إن ألف باء الديمقراطية أن تسلم الحكم للمؤسسات المنتخبة أيا كان رأيك فيها، لأن الكلمة الأولى والأخيرة ينبغى أن تكون للشعب وحده. كيف لمجلس عينه المخلوع، ولم ينتخبه الشعب أو يوافق عليه، أن يتحكم فى المؤسسات المنتخبة ويمنعها من ممارسة مسئولياتها؟!. هل هو استغلال للقوة العسكرية وتهديد باستخدامها؟.. أليس هذا تهديدا سافرا للشعب الثائر نفسه؟. من الواضح أن أركان النظام المخلوع قد عقدوا العزم على القضاء على الثورة، بأية طريقة حتى إن خربت البلاد.. ووسيلتهم الأولى استخدام الإعلام الكذوب فى زرع الفتنة والفرقة بين الثوار وتقسيمهم إلى فئات متناحرة سياسيا بطريقة (فرق تسد). وليس أمام الشعب الثائر، لإنقاذ ثورته، إلا العودة إلى فعاليات الثورة من جديد، والإصرار على خلع كل بقايا النظام، خصوصا كل من عينهم المخلوع.. لأن الخسائر التى تتحملها مصر من السياسة الحالية لا تقتصر على تأخير استثمار الطاقة الثورية والبدء فى إصلاح وإنقاذ الوطن، ولكن هناك خسائر إستراتيجية لا يمكن أن تتحملها دولة خارجة من محنة الطغيان والفساد. إن محاولات النظام (الذى لم يُخلع بعد) لتيئيس الشعب من الثورة وأهدافها وجدواها عرّضت الوطن والمواطن لتحمل خسائر فادحة نحن فى غنى عنها، فهم الذين فرضوا الانفلات الأمنى وما أسفر عنه من فوضى وقتل ونهب، وصنعوا الأزمات التى تضر بالشعب كله، وضيعوا الأرض الزراعية التى نأكل من خيرها، ونشروا القمامة وغيرها من القذارات بالشوارع، وقتلوا الأبرياء فى العديد من الميادين، ونشروا الفوضى فى كل مكان ومنها قنبلة الباعة الجائلين الموقوتة (الذين احتلوا الشوارع والميادين بل محطات المترو)، ويشجعون الاحتجاجات الفئوية المعطلة للعمل والإنتاج، ويمنعون الشرطة من العودة لعملها (وهو نفس ما حدث قبل ذلك فى غزة!)، وقاموا بحل البرلمان المنتخب، وقرروا التخلص من اللجنة التأسيسية للدستور الجديد لكى نعود إلى نقطة الصفر فى كل شىء، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية التى لا يمكن تعويضها.. إلخ. وكما فعلوا مع مجلس الشعب المنتخب، ورفضوا تسليم السلطة للأغلبية، وشوهوا إنجازات النواب المنتخبين.. لكى يقتنع الشعب بكلام إعلامهم الكذوب (ماذا فعل الإسلاميون المنتخبون؟!).. فهم الآن يعرقلون عمل الرئيس المنتخب، ويحاولون وضع العصا فى دولاب العمل الرئاسى لكى لا يشعر الشعب بإنجازاته، ولا ندرى كيف لمصرى أن يقبل أو يسعى لمنع إصلاح أوضاع البلاد، لمجرد (المكايدة) لفصيل ينافسه أو لا يرتاح له نفسيا؟!. إن الخسائر التى يتحملها الوطن من هذه السياسات القاتلة أكبر بكثير من الخسائر السياسية الظاهرة.. وسوف يأتى يوم يهرب فيه صناع الأزمات ويدفع المواطن المسكين وحده قوت يومه لتحمل هذه الأعباء. يا شعب مصر، ويا ثوار مصر؛ ليس هناك حل غير أن يهُبّ الشعب لحماية ثورته وإنقاذ مصر من الضياع، ولدينا الآن قائد للثورة هو الرئيس مرسى، الذى يتمتع بالشرعية الثورية والشرعية الدستورية معا. هذا هو الوقت المناسب لنسيان الاختلافات السياسية والعودة إلى الإجماع الشعبى.. بدعم الرئيس المنتخب وإنقاذ الإرادة الشعبية من العصف بها على يد العسكر والفلول، لأن عدم الاعتراف بنتيجة الصندوق النزيه سوف يفتح الباب للفوضى السياسية وعدم الاعتراف مستقبلا بأية نتيجة للانتخابات، لأنه يستحيل أن تُرضى أية نتيجة (كل) الشعب. ونقترح على الرئيس مرسى سرعة (إسعاد الشعب) ببعض الإنجازات العاجلة، ثم إلغاء كل قرارات المخلوع، خصوصا قرارات تعيين قيادات التوريث.. الذين يستخدمون لضرب الثورة ومنع تحقيق أهدافها. همسة: • ذهب المخلوع وحزبه.. وبقيت جريدة "الشعب": خالص التهنئة لكل المصريين والعرب بعودة صحيفة الشعب للصدور، بعد أن أوقفها المخلوع لاثنى عشر عاما.