الصفار: فساد الجهاز الإدارى سبب فشل الحكومات السابقة ماهر: ضرورة إيجاد حلول جذرية لأسباب المشاكل وعدم اللجوء إلى المسكنات عبد ربه: ننتظر الدفع بدماء جديدة وشابة فى الحكومة المقبلة بينما يترقب المصريون إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، فإن ثمة تحديات حقيقية ربما تواجهها وتضعها فى اختبار صعب، لا سيما كيفية تعاملها مع الملفات الساخنة والقضايا العاجلة على المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية. "الحرية والعدالة"، استطلعت آراء عدد من الخبراء السياسيين حول المنتظر من الحكومة الجديدة، وأهم الملفات التى ستضعها على رأس أجندتها، والتحديات التى ستواجهها، وكيفية الاستفادة من أخطاء الحكومات السابقة وشروط اختيار المجموعات المعاونة والمستشارين؟ وشدد الخبراء على ضرورة إعادة هيكلة الجهاز الإدارى للدولة وإجراء ما وصفوه ب"التطهير العقلانى"،محذرين من أنه دون إعادة الهيكلة ستظل العراقيل والمعوقات قائمة، ويعرض الحكومة لنفس مصير حكومة الدكتور عصام شرف فى أعقاب الثورة. وأشاروا إلى ضرورة أن يكون هناك تحركا فاعلا على مستوى الأداء الاقتصادى، وتنفيذ برنامج الرئيس محمد مرسى ومشروع النهضة من خلال الأجهزة التنفيذية بمختلف مستوياتها. د. محمد صفار -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- يرى أنه من المنتظر أن تستكمل الحكومة الجديدة أهداف الثورة جميعها، باعتبار أنها أول حكومة يشكلها أول رئيس مدنى منتخب جاء من الميدان وبإرادة الشعب، مشيرا إلى أن ذلك يقتضى أن تكون حكومة متعاونة وتعمل بالتكامل مع الرئيس ويتمتع كلاهما بصلاحيات كاملة، حيث يتسلم الرئيس والحكومة الحكم المدنى كاملا غير منقوص من المجلس العسكرى. ويرى صفار أن الأولوية هى عمل الحكومة بسلطات وصلاحيات حقيقية، حيث تكون قادرة على تلبية كل الطموحات المتوقعة منها كحكومة ثورة وقادرة على مواجهة كل التحديات، لافتا إلى أن من أهم أسباب فشل الحكومات السابقة أنها لم يكن لديها صلاحيات، فعجزت عن تلبية ما يطلبه الجماهير. وشدد على ضرورة أن تتعاون كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها مع الرئيس، خاصة مؤسسات الأمن والإعلام والمحافظين، وأن تدعم برنامجه بقوة ولا تعوقه بأى حال. وطالب بضرورة أن يكون من أولويات حكومة الثورة ملف التطهير، وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتنقيتها، موضحا أنه على الرغم من أن هناك العديد من العناصر الذين لم يكونوا موالين للنظام البائد بحكم الانتماء والفكر إلا أن لديهم مصالح مشتركة؛ لأن النظام سمح لهم باستشراء الفساد والثراء بشكل غير مشروع، وهؤلاء متغلغلون فى جذور جميع المؤسسات بالأجهزة الأمنية والشرطة والإعلام والجامعات والمحليات وغيرها. وحذر من أنه دون إعادة الهيكلة ستظل العراقيل والمعوقات قائمة ومحبطة ومانعة لأى تقدم مرجو، كما رأينا بحكومة الدكتور عصام شرف، لافتا إلى أن ملف التطهيروإعادة الهيكلة كان موجودا منذ حكومة شرف ومعروف فيه المفسدون بالجهاز الإدارى للدولة، ولكن تم تجاهله، وكان من أسباب إفشالها. ودعا إلى ضرورة التطهير أولا، والبدء بإعادة هيكلة المؤسسات الرئيسية بالمجتمع والمتمثلة فى الأجهزة الأمنية، يليها الإعلام، ثم الجامعات وغيرها، على أن يتم حسن اختيار المجموعات المعاونة للوزراء وضمان إصلاحهم، مشيرا إلى أنه إذا لم يتم تنقية الجهاز الإدارى فلن تستطيع الحكومة الجديدة ضبط زمام الأمور وسرعة تحقيق وإنجاز ملفاتها. ويرى أستاذ العلوم السياسية أنه بعد إنجاز ملف التطهير وإعادة الهيكلة بشكل سريع سيسهل تنفيذ المطالب المرجوة منها، منبها إلى أهمية دور الوزراء فى اختيار وانتقاء المجموعات المعاونة لهم بشكل واضح. واقترح أن يشكل كل وزير هيئة أو لجنة لإعادة التقييم والهيكلة وفق معايير موضوعية وعادلة وشفافة، حيث تفرز الصالح من الطالح، وتنقيته من العناصر الفاسدة. ودعا صفار إلى تحويل العمل الوزارى لعمل مؤسسى، حيث ينتهى عهد "الشخصنة" والفردية، وهذا ما ننتظره من الرئيس، حيث تكون الرئاسة مؤسسة وهيئة كاملة وقوية. من جانبه، طالب مدحت ماهر المدير التنفيذى فى مركز الحضارة للدراسات السياسية بأن تعمل الحكومة الجديدة بروح الثورة.. فكرا وعملا، حيث تمنع بكل السبل إعادة إنتاج النظام القديم وسياساته. وأوضح ماهر أن هذا يقتضى أن تضع الحكومة الجديدة على رأس أجندتها ملف التطهير، فهناك قطاع داخل جهاز الدولة بجميع مستوياتها يعد جزءا من الثورة المضادة التى تمتلك منظومة وشبكات لا بد من تطهيرها وهذا تحد كبير، حيث يقوم رئيس الوزراء بتشغيل الجهاز الإدارى وتطهيره فى الوقت نفسه وفى آن واحد، حيث يضمن أن عمل الجهاز متعاون، ومع مؤسسة الرئاسة والحكومة الجديدة لا عليها. لكنه شدد على ضرورة أن يكون التطهير "عقلانى راشد"، وبالقانون وليس المتجاوز له، وأن يكون تطهير فقط لمن يستحق التطهير، وليس كل من سبق وعمل بأجهزة الدولة. ويعد التحدى أو الإشكال المهم برأى ماهر اختيار الأكفأ من العلميين والمحترفين القادرين على حل المشكلات حلا جذريا ووقائيا، بشكل يمنع تجددها فى إطار رؤية إستراتيجية تضع الأزمات على طريق الحل الصحيح الناجع، حيث تنتهى سياسة المسكنات المؤقتة وعلاج العرض لا المرض، محذرا من أن العلاج الوقتى سيشعل الأزمات مجددا، ويؤثر سلبا على موقف الشارع من الحكومة الجديدة التى يتوقع منها الكثير والكثير. بدوره يقول د. أحمد عبد ربه -مدرس العلوم السياسية بجامعة القاهرة-: "ننتظر من الحكومة القادمة رئيس وزراء قوى يتعاون مع رئيس الجمهورية فى الفترة المقبلة لمصلحة البلاد، وليس معنى "قوى" بأن يكون هناك تضاد أو منافسة بين منصبه ومنصب رئيس الوزراء، ولكن يكون قويا بمعنى أن يكون هناك نوع من التفاهم والتعاون مع الرئيس، وكذلك فإنه مطلوب ومنتظر من الحكومة أداء اقتصادى عال جدا، وفتح كل الملفات المغلقة التى كانت فى عهد الرئيس السابق مبارك، وهى دخل المواطن والمعاشات، وكذلك حل أزمات المرور والصحة، وكل الأزمات التى تتعلق بشكل أو بآخر بحياة المواطن اليومية المباشرة". وحول برنامج الحكومة، شدد عبد ربه على ضرورة أن تأتى الحكومة القادمة للتعاون مع رئيس منتخب وفق برنامج ومشروع؛ وهو مشروع النهضة، الذى على أساسه اختاره الشعب المصرى، وليس بالضرورة أن تكون الحكومة مقتنعة بالمشروع كاملا، ولكن يجب عليها الاتفاق على المحاور العامة للمشروع مع الرئيس، ومسألة التعاون فى ذلك الأمر هى مسألة إجبارية ستتم لتحقيق المصلحة للوطن. وتابع: إن الحكومة القادمة أيضا تختلف عن حكومتى شرف والجنزورى، فى أنها أول حكومة تأتى من رئيس مصرى منتخب من الشعب عكس الحكومتين السابقين أتيتا بقرار تعيين من قبل المجلس العسكرى، كذلك كانت الحكومات السابقة تأتى وهى تعلم أنها ستأتى لفترة مؤقتة، عكس الحكومة التى سيأتى بها الدكتور مرسى، التى ستكون مستمرة لمدة أربع سنوات فترة حكم الرئيس، ومن ثم ستكون نمط ومنهج حلها للمشكلات مختلفة عن الذى اتبعته الحكومات السابقة، خاصة أنه سيكون لديها الوقت لدراسة الأزمات والقضاء عليها تماما. وحول المجموعات والمستشارين لكل وزارة، قال عبد ربه: "أنا ضد كثرة عدد المستشارين للوزراء، فيكفى مستشار واحد فقط لكى يكون كفئا؛ لأن زيادة عددهم هو سياسة اتبعها النظام السابق، وكانت لهم رواتب كثيرة، وكان عمل بعضهم يتناقض مع الآخر.