هو طالب الطب البيطرى الذى ارتدى ملابس ضابط ودخل وزارة الداخلية فى عقر دار النقراشى باشا, ووسط رجاله وحراسه وترصد له حتى استطاع إطلاق الرصاص عليه أمام المصعد، وهو الحادث الوحيد الذى سجل ضد شخص من الإخوان كحادث اغتيال. ولكن لماذا وكيف؟ كان محمود باشا النقراشى رئيسا للوزراء ووزيرا للداخلية من 4/2/1945م حتى 8/12/1948م, وإليك بعضٌ من أفعاله, وأترك للقارئ المحترم الحكم عليه: - ارتكب ما يسمى بحادثة كوبرى عباس أو مذبحة الطلبة, حيث قامت الشرطة بمحاصرة الطلبة فوق الكوبرى ثم قامت بفتح الكوبرى ومهاجمتهم من الجانبين مما دفع الطلبة إلى إلقاء أنفسهم فى النيل فغرق كثير منهم, غير من اعتقل ومن نال من الضرب ألوانًا، كل ذلك إرضاء للإنجليز. - تأخر فى عرض قضية مصر على مجلس الأمن عاما كاملا حتى تأخرت مصر فى استقلالها. - يسر الأمر لليهود فى احتلال فلسطين. - قبِل الهدنة فى 4 ديسمبر 1948م استجابةً لنداء اليهود ومن خلفهم الإنجليز والأمريكان, على الرغم من وصول المجاهدين وقوات الجيش لأماكن قريبة من تل أبيب. - أصدر أمرًا بمنع باقى المجاهدين من السفر، بل طالب بعودة المجاهدين الموجودين فى أرض المعركة، ومن ثمّ اعتقالهم. - عندما وقع الجيش المصرى تحت الحصار فى الفالوجا لم يمده بالإمدادات ولم تصل له أية إمدادات إلا عن طريق المتطوعين من الإخوان المسلمين. - بناء على اجتماع فايد بين الأمريكان والإنجليز والفرنسيين فى 10 نوفمبر, طُلب من النقراشى حل جماعة الإخوان، فقام بتكليف مسئول الأمن العام عبد الرحمن عمار بإعداد مذكرة ليبنى عليها الحل, فأعداها من قضايا ضد الإخوان برأهم القضاء منها جميعا. غير أن النقراشى باشا أصدر فى ديسمبر 1948م قرارًا بحل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة أموالهم وأملاكهم ومؤسساتهم وشركاتهم. وكأن التاريخ يعيد نفسه, ولكن تغيرت الأمور أيها الانقلابيون. - لم يكتف النقراشى بحل الجماعة ومصادرة ممتلكاتها، لكنه أصدر قرارًا باعتقال قادتها والزج بهم فى السجون, وعلى خطى النقراشى يسير السيسى والانقلابيون. كل هذه الأمور دفعت بعض شباب الإخوان- فى ظل غياب قادتهم - أن ينظروا إلى النقراشى على أنه خان القضية وباع البلاد فقرروا الانتقام منه. وبسبب العوامل التى ذكرناها آنفا تم اغتيال النقراشى باشا فى 28 ديسمبر 1948م، وقد قال الإمام البنا: "إن الجماعة لا تتحمل وزر هذا الحادث لأنها غير موجودة بحكم القانون، فكيف تتحمل عمل فرد ليس لديها القدرة على محاسبته"، وحيل بين الإمام البنا وبين أعضاء الجماعة حتى اغتيل فى 12 فبراير 1949م. إن ما سبق ذكره من أفعال النقراشى باشا قليل من كثير ولم ندخل فى تفاصيلها. والانقلابيون بحكمهم الذى أصدروه بحل الجماعة ومصادرة ممتلكاتها، يعيدون الغباء السياسى وانعدام الحس الوطنى إن وجدت لديهم وطنية, كالنقراشى وأمثاله، يجرون شباب الإخوان إلى العنف, ونحن على ثقة بأن ثورتنا سلمية رغم رصاصهم.. سلمية رغم ظلمهم وافترائهم.. سلمية رغم سجونهم ومعتقلاتهم.. سلمية رغم رائحة الجثث التى لم ولن ننساها فى رابعة والنهضة.. سلمية رغم انقلابهم. (لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِى تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النور: 11].