أنصفت محكمة أمريكية المسلمة “بهية عماوي” ضد ولاية تكساس إثر طردها من عملها بسبب رفضها التسليم بشروط جديدة على عقد عملها تلزمها بعدم مقاطعة الكيان الصهيوني أو مقاطعة بضائع شركاته؛ الأمر الذي اعتبره مراقبون هزيمة لإسرائيل واليمين المتطرف الذي تمكن من تمرير قوانين شديدة الانحياز للكيان الصهيوين في 27 ولاية أمريكية. وبحسب شبكة الجزيرة نت، فقد وصف قرار القاضي الفدرالي روبرت بيتمان الذي صدر الأسبوع الماضي في دائرة غرب ولاية تكساس، والذي أشار إلى عدم دستورية قرار الولاية بطرد بهية من عملها؛ بالنقطة المهمة في صراع محتدم تشهده الولاياتالمتحدة خلال العامين الأخيرين إزاء طبيعة العلاقة مع إسرائيل من ناحية، وحدود انتقاد سياساتها وحتى مقاطعتها اقتصاديا وأكاديميا من ناحية أخرى. جاء قرار القاضي روبرت بيتمان تأسيسا على التعديل الأول للدستور الأمريكي الذي ينص على أنه “لا يصدر الكونجرس أي قانون خاص بإقامة دين من الأديان أو يمنع حرية ممارسته، أو يحد من حرية الكلام أو الصحافة، أو من حق الناس في الاجتماع سلميا، وفي مطالبة الحكومة بإنصافهم من الإجحاف”. وفصل القاضي حكمه في مذكرة من 56 صفحة، وأشار فيها إلى أنه لا يحق للولايات أن تصدر تشريعات وتتبنى قوانين من شأنها حظر مقاطعة إسرائيل كشرط للحصول على فرص عمل حكومية. وأكد القاضي بيتمان في حكمه أن قانون الولاية “يعد مخالفا للتعديل الأول في الدستور الأمريكي؛ حيث إنه يهدد تبني فكرة أو رأي معين من خلال استخدام القوة وليس من خلال الإقناع”. هذا الحكم ليس الأول من نوعه، وقبل صدوره صدر حكمان من قضاة فدراليين يمنعان الولايات من ردع الأنشطة المناوئة لإسرائيل أو مقاطعتها. كان قضاة فدراليون بعدة ولايات – منها أريزونا وكنساس وأركانساس – أصدروا أحكاما مشابهة تعارض فرض الولايات عقوبات على مقاطعة إسرائيل استنادا إلى التعديل الدستوري الأول. الغريب في الأمر أنه تم تمرير قوانين مشابهة في 27 ولاية من ولايات أمريكا الخمسين، وخيرت مقاطعة بفلجرفيل التعليمية – حيث مقر مدرسة العمل – بهية بين التوقيع على العقد الذي يتضمن “عدم مقاطعة إسرائيل” أو أن تفقد عملها، وهو ما كان منذ بداية العام الدراسي في أغسطس الماضي. الانتصار للحريات وفي هذا الخصوص، قالت كارولين هومر محامية السيدة بهية إن “رفض القاضي قرار ولاية تكساس جاء قويا واعتمد على مخالفة الولاية عدة مبادئ دستورية؛ فالعقد يميز ضد المتعاقدين مع جهة حكومية، ولغته غير واضحة وتحمل عدة دلالات فضفاضة، وضرورة توقيع المتعاقد على التعاقد بصيغته المعروضة يخالف قوانين العمل، إضافة إلى أنه يخالف بوضوح حقوقا منها التعديل الأول للدستور الأمريكي في ما يتعلق بحرية الرأي”. وعقب صدور الحكم، تعهد المدير التنفيذي لمنظمة “كير” نهاد عوض “بالاستمرار في مواجهة الولايات ال26 الأخرى، التي مررت قوانين معادية لحركة مقاطعة إسرائيل، ونحن متأكدون من أننا على الجانب الصحيح من الدستور ومن التاريخ”. وذكرت المحامية كارولين “أن القرار الصادر يتعلق فقط بولاية تكساس؛ نظرًا لاستقلالية النظام القضائي لكل ولاية، لذا فالمعركة ضد القوانين المشابهة في الولايات الأخرى مستمرة بلا توقف”.ولن يقتصر تأثير الحكم على عودة السيدة بهية لعملها، بل سيمتد لحالات أخرى مشابهة داخل ولاية تكساس؛ فقد تم إيقاف أشخاص آخرين عن العمل بجامعة هيوستن للأسباب نفسها. ورحبت أكبر منظمات الحقوق المدنية الأمريكية (ACLU) بقرار القاضي الفدرالي في تكساس، ودعت “أعضاء الكونجرس والمشرعين المحليين لفهم قرار القاضي، وأن حركة الحق في مقاطعة إسرائيل (DBS) بخير، وأن أي محاولة لإيقافها تضعكم على الجانب الخاطئ من الدستور الأميركي”. ثبات امرأة وتحدثت بهية في تصريحات صحفية، مؤكدة أنها لم تتردد في رفض تشريع ولاية تكساس الداعي لرفض مقاطعة إسرائيل حتى وإن كلفها ذلك فقدان عملها لأكثر من عام، وذلك سعيا لتحقيق العدالة وإلقاء الضوء على ضرورة تمسك الشخص بكافة حقوقه السياسية، خاصة في ما يتعلق بحرية الرأي وحرية اتخاذ مواقف سياسية دون انتقام من الولاية أو جهة العمل. وتعود قضية بهية، التي تعمل خبيرة في التخاطب، ومتخصصة في معالجة أمراض النطق والكلام منذ 2009 في مدارس مدينة أوستن عاصمة ولاية تكساس؛ الصيف الماضي، عندما طردت من عملها ولم يجدد عقدها بسبب رفضها الموافقة على عبارة أضيفت لعقد العمل الخاص بها. وتنص العبارة على التعهد بعدم مقاطعة إسرائيل أو المشاركة في أي عمل من شأنه الإضرار بالاقتصاد الإسرائيلي. وكانت ولاية تكساس تبنت قانونا خلال 2017 يحظر مقاطعة إسرائيل. وأكد حاكم ولاية تكساس غريغ آبوت – في بيان له عقب توقيعه على القانون في مايو من العام نفسه – أن “العداء لإسرائيل يعني العداء لتكساس”، وأنه لن يتسامح مع أي موقف ضد الحليف المهم. وجاء في القرار نص يقول “لا يسمح لأي جهة حكومية أن تتعاقد مع شركة أو طرف ما لم يتم التأكد من أن هذه الجهات لا تقاطع إسرائيل خلال فترة التعاقد”. وأشادت بهية بالدور العظيم الذي قامت به العديد من المنظمات الأهلية والمدنية والحقوقية داخل ولاية تكساس وخارجها الذين يؤمنون بحقوق المواطن الدستورية، على رأسها منظمة “كير” وهي كبرى المؤسسات التي تدافع عن الجالية المسلمة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وتلقى حربا شعواء من جانب اليمين المتطرف وتحريض سافر من جانب حكومات السعودية والإمارات ومصر.