يضع تشكيل مجلس عسكري مدني مشترك لقيادة المرحلة الانتقالية، السودان على أعتاب مرحلة جديدة مع استمرار الخلاف على نسبة تمثيل كل طرف في المجلس الجديد، ليبقى التدخل الخارجي ومحاولة تغيير بوصلة الثورة السودانية عبر المعونات الاقتصادية هو التحدي الأكبر. إلى مفترق جديد يتجه السودان عبر الاتفاق على تشكيل مجلس عسكري مدني مشترك يقود المرحلة الانتقالية في السودان، ما قد يمهد لحل الأزمة القائمة منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير، في 11 أبريل الجاري، وهو ما يراه مراقبون حلًّا وسطًا بين سعي المجلس العسكري لإبقاء وجودٍ له في الحكم، وبين المعارضة التي تسعى إلى تسليم السلطة إلى مجلس مدني. وفي وقت لا يزال الخلاف فيه مستمرًا حول نسبة تمثيل كل طرف في المجلس الجديد وآلية اتخاذ القرار، يتواصل استمرار الضغط الشعبي عبر جداول الاعتصام داخل وخارج الخرطوم. تشكيل المجلس الرئاسي المشترك ليس هو التحدي الوحيد، إذ أن الصراع القائم تدعمه قوتان أجنبيتان حليفتان للولايات المتحدة، وتلعبان دورًا كبيرًا في معركة تحديد مستقبل السودان، وهما- بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”- السعودية والإمارات، اللتان قدمتا مليارات الدولارات للقيادة العسكرية الانتقالية، في محاولة لتعزيز مصالحهما الاستراتيجية في القرن الإفريقي، وإبقاء إيران بعيدة عن البحر الأحمر، وتقويض طموحات قطر وتركيا الإقليمية، والاحتفاظ بقوات سودانية إلى جانبها في الحرب باليمن. وفي صورة أخرى لرفض هذا التدخل شعبيًّا، نظم ناشطون سودانيون وقفة احتجاجية أمام مقر السفارة المصرية في العاصمة الخرطوم؛ تنديدًا بما وصفوه تدخل السلطات المصرية في الشأن السوداني، وهذه المظاهرة الثانية من نوعها، حيث سلّم ناشطون خلالها رسالة إلى السفير المصري حذروا فيها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي من التدخل في الأوضاع الداخلية لبلادهم، داعين إلى ترك بلادهم تقرر مصيرها. بدوره رأى محمد آدم عربي، المحلل السياسي السوداني، أن الوضع في السودان متأزم والبلد يمر بمنعطف خطير، فهناك انقسام في الرأي حول تشكيل المجلس الانتقالي: الأول يرى أن يكون المجلس عسكريًّا لأن دوره حفظ الأمن، وتُسند إليه وزارتا الداخلية والدفاع، وتشكيل حكومة تكنوقراط تضم كفاءات غير حزبية لإدارة الفترة الانتقالية لمدة عامين، تجرى بعدها انتخابات حرة نزيهة. وقال عربي: إن الرأي الثاني يرى ضرورة تشكيل مجلس انتقالي من مدنيين وعسكريين بجانب حكومة تكنوقراط، معربا عن تخوفه من وقوع إشكاليات كبيرة لتطبيق هذا الرأي. وأضاف عربي أن التدخل الإقليمي والدولي ظهر منذ الوهلة الأولى وعقب استلام المجلس العسكري للسلطة، حيث عقد وزير الخارجية الأمريكي مؤتمرًا صحفيًّا حول الوضع في السودان. وقال تجمع المهنيين، في بيان لقوى التغيير عن اليوم الأول للمفاوضات مع المجلس العسكري الانتقالي، إنه طرح تمثيلا نسبيا للمدنيين في المجلس الرئاسي، وتم رفع الجلسة لإتاحة الفرصة لكل طرف للتشاور. يذكر أن صندوق أبو ظبي للتنمية قد وقع اتفاقية مع بنك السودان المركزي، يتم بموجبها إيداع 250 مليون دولار، وحسب وكالة الأنباء الإماراتية فإن وديعة الإمارات تهدف إلى دعم السياسة المالية للبنك وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي في السودان.