رجّح د. خيري عمر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة “صقريا” بتركيا، في مقال له نشره على حسابه على فيسبوك، أن اندلاع الحرب هذه المرة في طرابلس الليبية سوف يضع ليبيا أمام مرحلة طويلة من الحرب الأهلية. وتحت عنوان “ليبيا.. الصراع الأخير على طرابلس” على موقع (العربي الجديد)، أكد “عمر” أن إقدام حفتر على خطوة حصار طرابلس ومحاولة اختراق حصونها يشكل نقطة النهاية للترتيبات السياسية أو العسكرية الحالية، كما يمثل الخطوة الأخيرة لحلفاء حفتر للإطاحة بحكومة الوفاق. واعتبر أنه في ظل الأوضاع التوازنية الحالية يكمن الخطر الأساسي في انعكاسات الحرب الأهلية في الجنوب والغرب على التماسك الاجتماعي. مرجحا أن تشهد مدن المنطقة الغربية انقسامات سياسية واجتماعية على أرضية الحسم المسلح. وفيما يبدو فإن إرهاصات الانقسام الدولي سوف تدعم الحرب الأهلية كخيارٍ وحيدٍ. أوضاع الجزائر ولم يستبعد الأكاديمي والباحث “خيري عمر” الملف الجزائري وتداخله مع الهجوم الحفتري، وقال إنه فيما تتزايد حدة انهيار الأمن في غرب ليبيا، يزداد تفكك إطار دول الجوار، بشكلٍ يسمح بزيادة تأثير أطراف خارجية أخرى. وهناك جدل أن هجوم خليفة حفتر على طرابلس محاولة للاستفادة من انشغال الجزائر بشئونها الداخلية. وبهذا المعنى، يحاول تمديد نفوذ فرنسا على الحدود الشرقية للجزائر، غير أنه إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الجنوب الغربي لليبيا شهد نفوذًا متزايدًا لفرنسا وداعمي حفتر في الشهور الأخيرة. انقسام دولي وعلى عكس آراء ترى أن الغرب متوحد على أن ليبيا فريسة يسهل الاستيلاء عليها من خلال حفتر وحلفائه الإقليميين، قال المقال إنه وبينما تندلع المعارك في الغرب الليبي، ظلت المواقف الدولية على انقسامها، خصوصا ما يتعلق بالتنافس الفرنسي الإيطالي، وسعي روسيا إلى الدخول المباشر في المسألة الليبية. خلال فترة ما بعد مؤتمر باليرمو (نوفمبر 2018)، حاولت إيطاليا توسيع علاقتها مع الليبيين لتشمل حفتر، لكن كثافة الدور الفرنسي أحبط تطلعاتها. وظهرت فواعل جديدة لم تقف عند دعم فرنسا لحفتر، سياسيًّا وعسكريًّا، فعلى خلاف السنوات السابقة، بدأت روسيا في تبنّي مواقف مماثلة لفرنسا، وتخلت عن حيادها في مجلس الأمن، وهذا ما يعمل على تشكيل توازناتٍ جديدةٍ تدفع إلى إطالة أمد الصراع والحرب. واستدل على رؤيته تلك بالبيان المشترك للمجموعة الدولية، في 4 أبريل (فرنسا، إيطاليا، بريطانيا، الولاياتالمتحدة، بالإضافة إلى الإمارات) من دون مشاركة مصر، على الرغم من دورها في الملف الليبي، تعبيرا عن حالة علاقات عامة لا ترقى إلى اتخاذ إجراءات لوقف الصراع أو حماية المدنيين، فالبيان لا يصدر تعبيرًا عن موقف متضامن، حيث تتبنّى هذه الدول سياساتٍ متباينةً تجاه ليبيا. روافد الحرب وعن أخطاء وقع فيها الليبيون تسببت في هذا الوضع العسكري، أوضح عمر أن الصراع على طرابلس يجري في ظل تفكك البنية العسكرية. ونتيجة للأزمة السياسية، استمر تمزق الجيش، وتعثّر بناء الأجهزة الأمنية. ومع تفاقم الصراع المسلح، زاد احتياج الحكومات للتحالف مع الكتائب المسلحة، وتم الاعتراف بها باعتبارها وحدات رسمية داخل الأجهزة الحكومية. ولعل الملاحظة المهمة هنا تكمن في صعوبة تحويل الكتائب المسلحة إلى وحدات نظامية منضبطة، فيما يمكن تنسيق أعمالها مؤقتا لأغراض القتال، وهي تعد الرافد الرئيسي لاستمرار الحرب الأهلية، فمنذ يونيو 2014، يزداد التباعد بين المكونات المسلحة وانكفاؤها على مصالحها الخاصة، ولعل الاستيلاء على المصارف، وابتزاز المصرف المركزي، من مؤشرات التحول في سياسات الكتائب، بعد إدماجها في مؤسسات الدولة. ونبه في هذا الإطار إلى تبنّى السراج خطة تغيير واسعة في هيئة الأركان العامة، من المتعاطفين مع حفتر، ورفض اعتبار اللواء السابع ضمن ألوية المنطقة الغربية. وكانت مواقفه أكثر وضوحا، حيث اعتبر أن دخول اللواء السابع طرابلس يمثل تهديدا للسلم الاجتماعي، واعتداءً على مؤسسات الدولة، تسبب في سقوط ضحايا، لكنه، في الوقت نفسه، أكد انفتاح العاصمة أمام كل الليبيين. وقد حاول السراج النظر إلى الأزمة من وجهة حياد المؤسسات، ويرى أنه يجب أن تظل مؤسسات الدولة بعيدةً عن الصراع المسلح، بشكلٍ يمكّنها من أداء خدماتها لجميع الليبيين، وفي هذا السياق، قال إنه لا يوجد جسم تحت مسمى اللواء السابع، فقد تم حله منذ أبريل 2018 بقرار، ولذلك لا يتوفر له الغطاء القانوني ليكون ضمن الجيش. خطة ماكرة وكشف الأكاديمي المصري عن أنه بينما أحدثت خطة غسان سلامة تقدما في تجاهل الجهة التشريعية (مجلس النواب، المجلس الأعلى للدولة)، بات واضحا عجز الأممالمتحدة عن بناء سلطةٍ بديلة. ولعل المعضلة الأساسية أن البعثة الأممية تشهد حالةً من تقاسم السلطة، فمن جهة يتوقف دورها على تماسك مجلس الأمن، ومن جهة أخرى يجعلها تكوينها الداخلي أكثر ارتهانا لمواقف بعض الدول، وبالتالي، فإن مطالبتها بتحمّل عبء إحلال السلم وتفعيل مبدأ الحماية الإنسانية لم يعد ذا معنى، خصوصا في ظل تنافر مصالح الدول المعنية بالوضع في ليبيا. وإزاء غموض نتائج الحوار، طالب تحالف القوى الوطنية (2 مارس 2019) البعثة الأممية بإطلاع الليبيين على نتائج المشاورات التي تجري تحت مظلتها، وتضمينها في خطة الأممالمتحدة والملتقى الوطني، فيما ذهب حزب العدالة والبناء إلى الترحيب بلقاء أبوظبي، شرط أن يؤدي إلى دولة مدنية وإنهاء الانقسام السياسي، وصولا إلى الانتخابات. ورأى أنه وبغضّ النظر عن تدقيق الحزبين في مسيرة اللقاءات بين السراج وحفتر، لم يتمكّن الحزبان من بناء أرضية سياسية مشتركة، أو حاضنة اجتماعية يمكنها تعزيز المشاركة في طرح مساراتٍ سلميةٍ لحل الأزمة.