تشهد الساحة الجزائرية تخوفات من تكرار سيناريو السيسي فى مصر وتطبيقه فى بلادهم؛ من أجل استمرار هيمنة العسكر على الحكم، وتزايدت المخاوف بعد تصريحات الفريق أحمد قايد صالح، قائد الجيش الجزائري، التي قال فيها “إن المؤسسة العسكرية لن تحيد عن مهماتها الدستورية”. نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، كان قد قال أمس الأربعاء: إن الجيش لن يحيد عن مهمته الدستورية، وذلك بعد يوم من طلبه تفعيل المادة 102 من الدستور الخاصة بعزل رئيس البلاد. وقال صالح، خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الرابعة بورقلة: إن البلاد “تعيش وسط محيط إقليمي متوتر وغير مستقر، يشهد تفاقما كبيرا لكافة أنواع الآفات بما فيها الإرهاب والجريمة المنظمة بكافة أشكالها، التي تمثل تحديات كبرى، وجب علينا في الجيش الوطني الشعبي التصدي لها بكل حزم وصرامة، وفقا لمهامنا الدستورية التي لم ولن نحيد عنها أبدًا”. وأثار مقترح قايد صالح بتفعيل المادة 102 من الدستور جدلا، حيث اعتبرته قوى معارضة “محاولة انقلاب” ضد إرادة الشعب لضمان بقاء منظومة الحكم، بينما وصفه العديد من الأطراف بالحل الأنسب لإخراج البلاد من أزمتها السياسية والدستورية غير المسبوقة. وبموجب المادة المذكورة، يمكن للمجلس الدستوري إعلان عزل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من منصبه إذا ثبت عجزه عن القيام بمهامه من الناحية الصحية، مع تعيين رئيس مؤقت وإجراء انتخابات. وكانت الاحتجاجات التي بدأت في الجزائر منذ أكثر من شهر، ترفض ترشح بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة في الانتخابات التي كانت مقررة أبريل المقبل. وعلى وقع مواصلة الاحتجاجات، قرر الرئيس تأجيل الانتخابات الرئاسية، ودعا إلى إقامة ندوة وطنية لتعديل الدستور، وإجراء انتخابات جديدة خلال عام لا يشارك فيها. لكن المحتجين اعتبروا قرار بوتفليقة تمديدًا لفترته الرابعة، وقرروا مواصلة المظاهرات. حرب مفتعلة وعلى ما يبدو أنه يتم نقل “التجربة السيساوية” تدريجيًّا للجزائر، فقد زعمت وزارة الدفاع الجزائرية أنها قامت بتفكيك خلية إرهابية بولاية وهران، كانت تعتزم تنفيذ عمليات إرهابية خلال التجمعات الانتخابية. وذكرت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان لها اليوم، أنه “في إطار مكافحة الإرهاب وبفضل الاستغلال الجيد للمعلومات، تمكنت مفرزة (دورية) مشتركة للجيش بالتنسيق مع الأمن الوطني بوهران، أمس، من تفكيك خلية إرهابية تتكون من ثلاثة إرهابيين”. وأضافت أن الإرهابيين الثلاثة كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية خلال التجمعات الانتخابية. وأشارت إلى أن العملية، التي لا تزال متواصلة، مكنت من ضبط بندقية آلية وبندقيتي صيد ومنظار ميدان وجهاز تحديد المواقع GPS، بالإضافة إلى أسلحة بيضاء. ولفتت إلى أن هذه العملية النوعية التي تضاف إلى سلسلة النتائج المحققة ميدانيا، تؤكد اليقظة العالية والحرص الشديد لقوات الجيش الجزائري على إحباط أي محاولة للمساس بأمن واستقرار البلاد. سيسي جديد فى المقابل، لم تكن “التطمينات” التى أعلنها أحمد قايد صالح كافية بالنسبة للمعارضة وكوادر الحراك التي تتوجس من بروز “سيسي” جديد في الجزائر، لا سيما مع تزايد الانشقاقات في معسكر الرئيس. ووسط هذه المخاوف، تُجري قوى المعارضة السياسية مشاورات بشأن عقد اجتماع بعد غد السبت لتوحيد الموقف إزاء مقترح الجيش. كما يتوقع أن يرد الحراك الشعبي ميدانيا على خطوة الجيش، في مسيرات الجمعة السادسة، ودعا النشطاء إلى استمرار المسيرات الشعبية غدا الجمعة، ورفع شعارات ترفض إدارة رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح ورئيس الحكومة نور الدين بدوي للمرحلة الانتقالية أو الإشراف على الانتخابات الرئاسية التي يقرها تطبيق المادة 102 من الدستور. مصلحة العسكر وأجمعت مجمل المواقف الصادرة عن المعارضة وكوادر الحراك على اعتبار أن مقترح الجيش يصب في صالح النظام، ومناورة سياسية لإنقاذ السلطة من المأزق السياسي الذي انتهت إليه بفعل إصرارها على ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات التي كانت مقررة في 18 إبريل المقبل، قبل التراجع عن الخطوة. وتضع شخصيات وكوادر فاعلة في الحراك الشعبي المستمر منذ 22 فبراير الماضي. وقال الناشط في الحراك عبد الوكيل بلام: إن “تصريحات قائد الجيش نوع من البطولة الثورية المتأخرة. كان يمكن لقرار الفريق قايد صالح تطبيق المادة 102 من الدستور أن يكون ذا معنى لو تم قبل العاشر من فبراير الماضي، أي قبل الإعلان عن ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وخصوصا أن قائد الجيش كان يعلم أكثر من كل الجزائريين ومن كل المسئولين في الدولة أن الرئيس كان مغيبًا عن الحكم وأن شقيقه (السعيد بوتفليقة) ومحيطه كان يتخذ قرارات باسمه. مناورة ويضيف “لكن الآن لم يعد للقرار معنى”؛ لأن “قائد الجيش جزء من الكتلة التي كانت تدعم بوتفليقة للترشح، ولم يعترض على ذلك في حينه، لذلك من حق الحراك والناشطين أن يتوجسوا من أن يكون للرجل مطامع في الحكم”. وتابع “سمعنا وقرأنا تقارير تتحدث عن رغبة قائد الجيش بنيل منصب الرئاسة في حال لم يكن ممكنا ترشيح بوتفليقة، ولذلك نحن متحفزون من إمكانية أن ينزع قائد الجيش البزة العسكرية ويتحول على طريقة (عبد الفتاح السيسي) في مصر إلى سيسي في الجزائر”. فى حين وجه الناشط السياسي المعارض ومنسق الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي (قيد التأسيس) “كريم طابو” نفس الاتهامات إلى قائد الجيش، ووصف قراره “بالمناورة السياسية لكسر الحراك”. وقال إن “هدف قايد صالح هو الإبقاء على نفس النظام، وتنظيم انتخابات تأتي بأحد رموز النظام، وهذا تدخل من المؤسسة العسكرية في الشئون السياسية. والفريق قايد صالح ليس له الحق، احتراما للدستور، في التكلم والتدخل بالأمور السياسية، كما أنه ليس له صلاحية لتفعيل مادة من مواد الدستور”. وتشير بعض التحليلات إلى أن خطوة الجيش كانت تستهدف قطع الطريق على إمكانية عودة الرئيس السابق ليامين زروال أو رئيس حكومة الإصلاحات في تسعينيات القرن الماضي مولود حمروش إلى سدة الحكم ظرفيا، بما يعني ذلك من خلخلة جدية للنظام السياسي الحاكم، وخصوصا أن تحرك الجيش باتجاه الحل تزامن مع إعلان قوى المعارضة والحراك عن خطتها للحل.