الزخم الإعلامي الضخم الذي تحظى به الجريمة الإرهابية المروعة التي نفذها إرهابي استرالي من أصول بريطانية، يحمل شارة الصليب؛ والذي أسفر عن مقتل 49 مسلما بينهم أطفال وإصابة 50 آخرين خلال هجوم إرهابي مسلح على مسجدين أثناء صلاة الجمعة أمس 15 مارس 2019م؛ تحمل كثيرا من الأبعاد والدلالات؛ لعل أهمها على الإطلاق هو تكثيف الضوء على أكذوبة «الإرهاب الإسلامي»، وهو المصطلح الذي يحظى بترويج واسع بين أوساط المستبدين العرب وقادة الغرب وإعلامه غير المهني. ففي يناير 2019، وخلال مؤتمر صحفي مشترك جميع زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته للقاهرة؛ استخدم ماكرون مصطلح “الإرهاب الإسلامي”، حيث قال: « السعي الدؤوب إلى تحقيق الأمن هو جزء لا يتجزأ من مسألة احترام حقوق الإنسان. فالمجتمع المتماسك هو الحصن الواقي من الإرهاب الإسلامي». كما كتب ماكرون وقتها على حسابه بموقع تويتر، إن مصر وفرنسا تعرضتا لما وصفه ب”الإرهاب الإسلامي”، وهو مصطلح يستخدمه قادة الدول الغربية بشكل متكرر بهدف التحريض على المسلمين في كل مناسبة، وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ماكرون: واجهنا نوعا من الإرهاب الإسلامي
حيال ذلك؛ وقف زعيم الانقلاب مزهوا مبتسما عندما استخدم الرئيس الفرنسي هذا المصطلح الكذوب؛ كأنه يملح إلى انتصار قد حازه على التو بأن الغرب بات يأخد بتصوارته عن هذا الإرهاب المزعوم! تدوينة ماكرون أثارت غضبا عارما في أوساط المسلمين؛ حيث كتبت مئات الرسائل تحت تغريدة الرئيس الفرنسي للتعبير عن الانزعاج الشديد، حيث ذكّر المغردون ماكرون بالجرائم والمجازر التي ارتكبتها فرنسا بطرق وحشية على مدى تاريخها بحق الأبرياء في إفريقيا ومناطق مختلفة حول العالم.
ترامب: سنواجه الإرهاب الإسلامي المتشدد ويعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبرز من يصرون على استخدام مصطلح “الإرهاب الإسلامي” حيث أكد أكثر من مرة أن إدارته تتخذ إجراءات قوية لحماية أمريكا من الإرهاب الإسلامي المتطرف! كما يستخدمه المستشارة الألمانية إنجيلا ميريكل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وغيرهم. بينما كان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما يرفض استخدام هذه العبارة.. كذلك كانت ترفضه هيلاري كلينتون، كما يرفض فلاديمير بوتين استخدام “الإرهاب الإسلامي” ويستخدم بدلا من ذلك “الإرهاب الدولي”. ميركيل تستخدم مصطلح “الإرهاب الإسلامي”
في مقابل بطولة الرئيس التركي ودفاعه عن الإسلام والمسلمين؛ يذهب طاغية مصر وفرعونها الجديد عبدالفتاح السيسي بعيدا؛ فلم يعلق مطلقا على استخدام المستشارة الألمانية لمصطلح “الإرهاب الإسلامي” في مؤتمر صحفي مشترك لهما. كما وقف مزهوا عندما استخدم الرئيس الفرنسي نفس المصطلح الكذوب في مؤتمر صحفي بالقاهرة. السيسي ذهب لأبعد من ذلك؛ عندما زعم في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية في سبتمبر 2016م، بأن الإرهاب نوع من التطرف الإسلامي وأيد استخدام هذا التعبير ودعا إلى ما وصفه بضرورة تجديد ما يسمى بالخطاب الديني الإسلامي. وأضاف السيسي خلال المقابلة: أنا مسلم ومن الصعب علي قول ذلك لكنها الحقيقة! وبحسب الإمام المصري بالمشيخة الإسلامية بدولة الجبل الأسود، سامح الجبة، أن تحريض السيسي على الإسلام بدعوى الحرب على الإرهاب هو وظيفة يقوم بها نظامه؛ ويعزو ذلك لأربعة أسباب: أولها محاولة كسب الشرعية ورضا المجتمع الدولي بأنه أفضل من يخدمهم في مواجهة الإسلام خاصة بعد تعالى الأصوات في الغرب بخطأ دعم هذا النظام الإستبدادي والسكوت عليه”. وثانيا: فإنه يسعى للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان التي فاقت كل حدود وإسكات الأصوات المطالبة بفضح هذه الانتهاكات ومحاكمته عليها”. والسبب الثالث: هو “التغطية على الفشل الاقتصادي والمعاناة التي يعانيها الشعب من جراء هذا الإنقلاب الدموي”، ورابعا: تكريس التبعية والسير في ركاب المجتمع الدولي والإقليمي والذي يريد رهن إرادة مصر وعدم تحريرها”. أردوغان يفخم الجميع وكانت المستشارة الألمانية ميركل أشارت في مؤتمر صحفي مع الرئيس التركي أردوغان في أنقرة (مطلع عام 2017)، إلى أن “الإرهاب الإسلامي” كان من بين المسائل التي تم التطرق إليها خلال المحادثات. وعمد الرئيس التركي فورا إلى مقاطعتها قائلا: “عبارة (الإرهاب الإسلامي) تؤلمنا بشكل كبير.. إن عبارة كهذه لا يمكن استخدامها، هذا ليس عدلا، لأنه لا يمكن الربط بين الإسلام والإرهاب”. وأضاف، “كلمة (إسلام) تعني (السلام)..، إذا ربط بين كلمتين تشيران إلى السلام والإرهاب فإن ذلك يؤلم المسلمين”… “أرجو عدم استخدام ذلك لأنه ما دام الأمر على هذا النحو سنكون مختلفين بالضرورة. وإذا التزمنا الصمت فهذا يعني أننا نقبل بالأمر.. لكنني كمسلم وكرئيس مسلم لا أستطيع القبول به”. وفي وقت سابق، تساءل الرئيس التركي مستهجنا: “هل سمعتم مصطلحات مثل الإرهاب المسيحي والإرهاب اليهودي والإرهاب البوذي، أو إذا كان الفاعل ملحدا، هل سمعتم بالإرهاب الإلحادي؟”. بين السيسي وأردوغان
وبلغة الأرقام وبعد حادثة تشارلي إيبدو بفرنسا، نشطت الإحصائيات حول العمليات الإرهابية، وكانت النتيجة صادمة للكثيرين. ففي إحصاء لمنظمة يوروبول (وكالة إنفاذ القانون بالاتحاد الأوروبي) تبين أن 2 في المئة فقط من الهجمات الإرهابية في أوروبا عام 2013 نفّذها مسلمون و98%، نفذها غير مسلمين على خلفية دوافع عرقية أو قومية أو انفصالية. وفي دراسة أجرتها جامعة نورث كارولاينا الأمريكية عام 2014، فإنه منذ هجمات 11 سبتمبر لم تُوقِع العمليات المرتبطة بمسلمين إلا 37 قتيلا، في حين أن 190,000 قتلوا في الفترة الزمنية ذاتها بالولايات المتحدةالأمريكية من غيرهم. واستنادا إلى هذه الأرقام وغيرها، خصصت مجلة ديلي بيست الأمريكية تحقيقا خلُصت فيه إلى ما يلي: “ليس خطؤك لو لم تكن على علم بحقيقة أن غالبية الجرائم الإرهابية في أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية ينفذها غير مسلمين.. إنه خطأ الإعلام”، وقديما قيل: “أعطني إعلاما بلا ضمير، أعطك شعبا بلا وعي”.