في واقعة لا تحدث إلا في مصر وبعهد الانقلاب العسكري، كشف الدكتور سعيد نعمان، عضو لجنة الفتوى بالأزهر، عن تعيين “مؤذن أخرس” في وزارة الأوقاف. وقال "نعمان" خلال لقائه ببرنامج "كل يوم" على فضائية "أون أي": إن "هناك مؤذنًا أبكم يعمل بأحد مساجد وزارة الأوقاف"، رافضًا الكشف عن هويته أو مكان عمله"، كما لفت إلى أن “الرشوة والمحسوبية هي من مكنت المؤذن من الحصول على عمل رسمي غير مشروع له”. يأتى تصريح عضو لجنة الفتوى ذلك في محاولة لتأييد “مشروع الأذان الموحد” الذي تحاول وزارة أوقاف الانقلاب تطبيقه في مساجد مصر، وهو المشروع الذي يواجه اعتراضات بسبب اختلاف فروق التوقيت بين المحافظات. كان وزير أوقاف الانقلاب مختار جمعة، أعلن أن الوزارة تعمل على إنجاح تجربة الأذان الموحد، كاشفًا عن التعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام ووزارة الاتصالات لتنفيذ التجربة.
نفي الأوقاف وبعد التصريح كذبت أوقاف الانقلاب ما قاله “نعمان”، وادعت، في بيان أصدرته اليوم الخميس، أن “نعمان” صرح “بما يثير الريبة ويوحي افتراء بأن هناك فسادًا ومحسوبية، ويثير الرأي العام، ويشككه ظلمًا في مؤسسات الدولة”. وأشارت إلى أنه منذ تولي مختار جمعة، لم تُعيّن الوزارة أي مؤذن على الإطلاق. وقرر الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بالوزارة، منع “نعمان” من صعود المنبر أو أداء أي دروس دينية بالمساجد أو إمامة الناس بها، وتوجيه الشئون القانونية بالوزارة بسرعة تحرير محضر له، مضيفا: “الوقت لا يحتمل إثارة الرأي العام وتأليبه بالتدليس في العرض، علما بأن الأوقاف كانت قد ألغت ترخيص خطابته في أغسطس 2018 للشكاوى المتكررة ضده”. السر في الأذان الموحد وقبل أيام، أعلنت وزارة الأوقاف بحكومة الانقلاب، بدء البث التجريبي للأذان الموحد من 100 مسجد بالقاهرة، بعد الانتهاء من الإجراءات الفنية والتقنية والإدارية لإعادة الأذان الموحد وتعميمه على مساجد الجمهورية. وانتشرت موضة رفض الأذان والمؤذنين، حيث طالبت الممثلة شرين رضا بوقف الأذان الحي من المساجد. وكتبت على حسابها ب"تويتر" “أعتقد أن قرار توحيد الأذان لازم يتنفذ وبسرعة لأن في مقرئين صوتهم يكفر البني آدمين”. ومر مقترح تطبيق الأذان الموحد بمراحل من التعثر قرابة 10 سنوات، وما زالت أوقاف الانقلاب تصر على تطبيقه، وترجع فكرة اقتراح الآذان الموحد إلى عهد وزير الأوقاف الأسبق د. محمود حمدي زقزوق عام 2009، بسبب شكاوى المواطنين من أمور تشهدها المساجد وتسبب إزعاجا للمواطنين، وبالفعل عرض زقزوق، الاقتراح على مجلس وكلاء الأوقاف، وقيادات المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع للوزارة، ووجد معارضة نسبية، إلا أنه أجرى دراسة فنية وتقنية، جعلته يلجأ إلى هندسة القاهرة والهيئة العربية للتصنيع لتقديم مخطط من قبل كلية الهندسة . خالف تعرف وقبل 3 أعوام ،أعلنت وزارة أوقاف الانقلاب تعطيل مشروع الأذان الموحد لترشيد النفقات وجاء فى بيان آنذاك ،أن وزارة الأوقاف قررت توقيف مشروع الأذان الموحد، الذي كان مقررا تنفيذه، “في ظل رغبة الحكومة في ترشيد النفقات” وفقا لادعئها. وكشفت مصادر بوزارة الأوقاف بحكومة الانقلاب أن الوزارة أنفقت قرابة 400 ألف جنيه عام 2015، لتوفير “ريسيفرات” لاستقبال الأذان الموحد، موضحة أنه كان من المقرر اختيار مؤذن واحد حسن الصوت، إلى جانب الاتفاق مع الإذاعة على النقل المباشر من إحدى محطاتها. إنفاق بلا جدوى الباحث خالد القعوجى علق على إلحاح الوزارة على فكرة الأذان الموحد قائلا: “توحيد الأذان يعني إلغاء روح المنافسة بين المؤذنين وحرمان المواطنين من الأذان، وعدم انتباه الناس لصوت الأذان، لأن الإنسان بطبيعته يحب التنوع والاختلاف بالإضافة إلى عدم اهتمام الناس مستقبلاً في تعلم الأذان وتجويده وإتقانه لأنه لا يسمح لهم بتطبيق هذا الأمر بعد إن كان متاحاً. فيما انتقد الداعية الدكتور عبد العاطى فضل إنفاق ملايين الجنيهات في شراء الأجهزة الجديدة رغم ما تحتاجه المساجد من أموال لدعم رسالتها وتمكينها من أداء دورها. مشيرا إلى أن الأذان الموحد محاولة لجني الملايين والإنفاق فيما هو غير محمود، وكذلك تقليد بعض الدول ولا يقدم أي منافع شرعية بل يتسبب في مشاكل للمؤذنين والمساجد والمصلين. كما أبدى تعجبه من إصرار وزارة الأوقاف على تطبيقه رغم رفضه سابقاً من قبل البرلمان.