الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
وزير التموين: الدولة تدعم رغيف الخبز ب142 قرشا بعد زيادة السولار
مقترح روسي بإقامة مركز إعلامي عابر للحدود الوطنية للدول الآسيوية والإفريقية
ترامب يصف الرئيس الكولومبي بزعيم مخدرات
نجم الزمالك السابق: الجزيري من أفضل المهاجمين في مصر
البسوا الجواكيت.. الأرصاد تحذر من طقس غدا الاثنين
ضبط 54 طن لحوم فاسدة داخل مخزن بمدينة العبور
محافظة قنا تكثف جهودها لاختيار مكان كمأوى للكلاب الضالة
نجوم الفن يتألقون على السجادة الحمراء في العرض الخاص لفيلم «إسكندرية كمان وكمان»
نجوم الفن والإعلام يتألقون في حفل هاني شاكر بمهرجان الموسيقى العربية
القبض على كروان مشاكل بتهمة بث أخبار كاذبة وممارسة أفعال خادشة للحياء
جدول مواقيت الصلاة غدًا الإثنين 20 أكتوبر بمحافظات الصعيد
أوقاف الفيوم تعقد الاختبارات الأولية لمسابقة القراءة الصيفية.. صور
الرئيس الصيني يدعو تايوان من أجل توحيد الصف وزيادة تبادل التعاون
وزير الداخلية الفرنسي: عملية سرقة اللوفر استغرقت 7 دقائق ونفذها فريق محترف
محافظ الشرقية يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفل
ياسين منصور: ترشحت لخدمة الأهلي بدعم الخطيب.. والاستثمار أولوية
جامعة حلوان تشارك بفعالية في الندوة التثقيفية حول انتصارت أكتوبر
كل ما تريد معرفته عن برنامج البريد المصري حساب يوم على يوم
رفع كفاءة وتجميل ميدان أحمد زويل استعدادا للعيد القومى لمحافظة كفر الشيخ
بنك saib يطلق حملة لفتح الحسابات مجاناً بمناسبة اليوم العالمي للادخار
لجنة تطوير الإعلام تشكل 8 لجان فرعية وتبدأ اجتماعاتها غدًا بمقر الأعلى للإعلام
"الجبهة الوطنية": كلمة الرئيس السيسي في الندوة التثقيفية رسالة وعي وطني تمهد للجمهورية الجديدة
العقيد حاتم صابر: ما حققه الجيش المصري في القضاء على الإرهاب يُعادل نصر أكتوبر
«بلاش بالله عليكم».. جدل على منصات التواصل مع الإعلان عن مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي 2»
علاء عابد: كلمة الرئيس السيسي بالندوة التثقيفية تجسّد رؤية قائد يضع مصلحة الوطن أولًا
5 أبراج «أهل للنصيحة».. واضحون يتميزون بالصراحة ونظرتهم للأمور عميقة
بعد وفاتها.. أمير عيد يكشف تفاصيل مرض والدته بالزهايمر: «أكبر صدمة في حياتي»
هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح
هل يمكن العودة للصلاة بعد انقطاع طويل؟.. أمين الفتوى يجيب
ظهور 12 إصابة بالجدري المائي بين طلاب مدرسة ابتدائية في المنوفية.. وتحرك عاجل من الصحة
غدا.. انطلاق قافلة طبية مجانية بقرية الحبيل في الأقصر
بخطوات سهلة.. طريقة عمل مخلل القرنبيط المقرمش
مصر تتوج بلقب بطولة العالم للكونغ فو
الرئيس السيسي: نتطلع إلى فوز مصر برئاسة منظمة الطيران المدني الدولي "الإيكاو" لتعزيز مكانتها الدولية في مجال الطيران
نيكو باز موهبة كومو يفرض نفسه تهديفياً فى الدوري الإيطالي.. بالأرقام
تقرير: رافينيا يغيب عن برشلونة في دوري الأبطال من أجل الكلاسيكو
وفاة الفنان أحمد عبد الرازق مؤسس فرقة الأقصر للفنون الشعبية
تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا
نجم إنجلترا: صلاح ضحية ميسي ورونالدو
المشدد 3 سنوات لعامل شرع مع أخويه في قتل ابن عمه بسبب الميراث
محافظ أسوان يتفقد معرض المشغولات اليدوية بمنتدى السلام والتنمية
محافظ القاهرة يفتتح فعاليات ملتقى التوظيف والتدريب
إصابه سائق ومرافق في حادث انقلاب سياره تريلا محمله بالقمح في المنوفية
«الأمم المتحدة» تحذر من مخاطر الذخائر غير المنفجرة في غزة
صعود مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الأحد 19 أكتوبر
بطرس الثانى وتيموثاوس الأول قصة أخوين توليا سدة الكرسى المرقسى
مواعيد مباريات الأحد 19 أكتوبر 2025.. مواجهتان بالدوري وقمة إنجليزية ونهائي مونديال الشباب
هيئة «التأمين الصحي الشامل» تناقش مقترح الهيكل التنظيمي الجديد
حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر
التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الأول الثانوي العام
بعد انتهاء الإيقاف .. تريزيجيه يدعم صفوف الأهلي أمام الاتحاد السكندري فى الدوري
«الرعاية الصحية»: بحث إنشاء إطار إقليمي موحد لدعم أداء المنشآت الصحية مقره شرم الشيخ
حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل
نتنياهو يعلن عزمه الترشح مجددا بالانتخابات العامة في 2026
سعر الذهب اليوم الأحد 19 أكتوبر 2025 بعد خسارة 10 جنيهات.. كم سجل عيار 21 الآن؟
تمهيدا لإدخالها غزة .. قافلة المساعدات ال52 تتحرك باتجاه منفذي كرم أبو سالم والعوجة
دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء
عبدالرحمن مجدي: تعاهدنا داخل بيراميدز على حصد البطولات
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
د. عبدالرحمن البر يكتب: ابتلاء ونصر.. لا مبدل لكلمات الله
عبد الرحمن البر
نشر في
بوابة الحرية والعدالة
يوم 04 - 03 - 2019
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومَنْ والاه،
وبعدُ؛ فمن العجيبِ أنْ نقرأَ آياتِ القرآن، ونمرَّ على ما حَوَاه من قوانينِ اللهِ وسننِه النافذةِ في الكونِ مرورَ الكرامِ، مع أنَّه ﴿لَا مُبْدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ﴾ فِي وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ الَّتِي مِنْهَا وَعْدُهُ لِلرُّسُلِ وللمؤمنين بِالنَّصْرِ، وَتَوَعُّدُهُ لِأَعْدَائِهِمْ بالهزيمةِ وَالْخِذْلَانِ.
ومن ذلك أن تَجِدَ البعضَ تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الابتلاءِ وهم فِي غَفْلَةٍ عَنْهَا، وعَنِ انْطِبَاقِهِا عَلَى الْوَاقِعِ، حتى تستغرقَهم شِدَّةُ الابتلاءِ وظهورُ الباطلِ كالمنتصرِ أحيانًا، فيقولون: لو كان هذا حقًّا لنصرَه اللهُ! فَمَا أَجْهَلَهُمْ بِكِتَابِ اللهِ! وَمَا أَبْعَدَهُمْ عَنِ الْعِلْمِ بِسُنَنِ اللهِ الناطقةِ بأنَّ الابتلاءَ عنوانُ صحَّةِ الطريقِ، وإذا تمتْ مواجهتُه بالصبرِ وحُسْنِ التصرُّفِ انقلبَ عِزًّا ونصرًا مُبِينا.
فلْنَعِشْ مع بعضِ آياتِ القرآنِ التي تُطمئِنُ أهلَ الحقِّ أنَّ شِدَّتَهم إلى زوالٍ، وأنَّ الابتلاءَ الحاصلَ اليومَ مُفْضٍ لا محالةَ إلى نصرٍ عزيزٍ، قريبًا بإذن الله.
(1) المُدَاوَلَةُ سُنَّةُ اللهِ فَلا تَبْتَئِسْ مِنْ شِدَّةِ الابْتِلَاء
مهما تمكَّن الظالمون من أسبابِ القوَّةِ فإنَّ الاستمرارَ في الحراكِ الثوريِّ المبدِعِ المتوهِّجِ، ورَفْضَ باطلِهم، والإصرارَ على عدمِ شرعيَّتِهم، والصبرَ الجميلَ على إيذائِهم، سيُحقِّقُ غايتَه بإزْهاقِ الانقلابِ الدمويِّ الظالمِ بإذنِ الله ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ﴾.
فَمَنْ كَانَ أَصْبَرَ كَانَ أَجْدَرَ بِالنَّصْرِ، وسُنَّةُ اللهِ في الدعواتِ واحدةٌ: فئةٌ تتلقَّاها بالتكْذيبِ، وتتلقَّى أصحابَها بالأذى، وصبرٌ وجهادٌ متنوِّعٌ مناسبٌ من أهلِ الحقِّ، ثم نصرٌ في النهاية، في الموعدِ الذي سبق تقريرُه في علمِ الله، مهما دلَّتْ ظواهرُ الأمورِ على خلافِه ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾، فإذا اسْتَيْأَسَ أهلُ الإيمانِ، وظنَّ الغافِلون أَنَّ مَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ مِنْ نَصْرِهِ وهْمٌ خادعٌ؛ جَاء النَّصْرُ حِينَئِذٍ، مهما قلَّ العددُ وضعُفَت العُدَّة، فكَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ، وَالْعَدَدُ الْقَلِيلُ مِنْ أَهْلِ الْعَزَائِمِ يَفْعَلُ بعوْنِ الله مَا لَا يَفْعَلُ الْكَثِيرُ مِنْ المهزُومين المأْزُومين.
وهو نصرٌ عزيزٌ ممتدُّ الأثرِ لأجيالٍ تاليةٍ، بقدْرِ التضحياتِ النفيسةِ التي قُدِّمتْ لتحقيقِه.
(2) الابتلاءُ يُظْهِرُ المَعْدِنَ النَّفِيس
﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾، ففي أَتُونِ الفتنةِ ونارِ الابتلاءِ تحترقُ المعادِن المزيَّفة، وتزدادُ المعادنُ الأصيلةُ صلابةً ونَفَاسةً ولمعانًا، ويميزُ اللهُ الخبيثَ المتساقِطَ من الطيِّبِ الذي سيحملُ رسالةَ الحقِّ والخيرِ والعدلِ بحقِّها، وهذا أحدُ أهمِّ مكاسبِ الأمةِ من سُنَّة الابتلاءِ ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.
فمع شِدَّةِ الابتلاءِ تُهْتَكُ الأستارُ، وتُكْشَفُ الخياناتُ، فيمتازُ المخلصون، وينكشِفُ المخادِعون، ويعرفُ النَّاسُ كلا الفريقينِ على حقيقتِه، وإن كان اللهُ يعلمُهم من قبل. ولئِنْ كنَّا نألَمُ من شِدَّةِ الابتلاءِ والمحنةِ فإنَّ أَلَمَنَا لَأَشَدُّ بما كشفتْ من زُيوفٍ، وبما أحرقتْ من رموزٍ وقاماتٍ طالما انخدَعَ النَّاسُ بها، ولكنه الخيرُ المطْوِيُّ في قلبِ المحنةِ؛ ليكونَ البناءُ من بعدُ خاليًا من الغشِّ.
رُبَّ أَمْرٍ نَتَّقِيهِ جَرَّ أَمْرًا نَرْتَجِيهِ
خَفِيَ الْمَكْرُوهُ مِنْهُ وَبَدَا الْمَحْبُوبُ فِيهِ
وكم سقطَ في المحنةِ من شخصياتٍ! لو أنَّ أحدًا كان أشارَ إلى خَلَلِها أو عِلَلِها لأُرْعِدَتْ لها أُنوفٌ صارت اليومَ تتبرَّأُ منها!.
وكم كشفت المحنةُ عن معادنَ نفيسةٍ كانت بصِدْقِها مغمورةً مطمورةً بعيدةً عن أضواءِ الإعلامِ! فأصبحتْ بثباتِها مِلْءَ القلوبِ قبلَ الأسماعِ والأبصارِ، إذْ عصمَها اللطيفُ من الفتنةِ بإخلاصِها ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، ومضتْ إرادةُ الله أن تمرَّ عليهِم الفتنُ الشديدةُ فيسْلَمُوا من آثارِها، وفي الحديث: «إِنَّ لِلَّهِ ضَنَائِنَ مِنْ خَلْقِهِ يُحْيِيهِمْ فِي عَافِيَةٍ، وَإِذَا تَوَفَّاهُمْ إِلَى جَنَّتِهِ، أُولَئِكَ الَّذِينَ تَمُرُّ عَلَيْهِمُ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، وَهُمْ فِيهَا فِي عَافِيَةٍ». فالشِّدَّةُ بحقٍّ خافضةٌ رافِعة.
(3) الدعوةُ تَعْلُو وَتَغْلُو وتَعِزُّ علَى أهلِها بقَدْرِ بذْلِهمْ وتضحِيَاتِهم
لا شكَّ عندَ أُولِي النُّهَي أنَّ الظالمينَ في قبضةِ الله ﴿وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾، فهكذا مضتْ سُنَّةُ الله؛ لأنَّ النصرَ السهلَ بلا تكلفةٍ لا يصنعُ حملَةَ رسالةٍ، أمَّا النصرُ الذي بُذِلَتْ فيه الأرواحُ والنفائِسُ فإنَّ أصحابَه يكونون أشدَّ حفظًا له وحرصًا عليه.
إنَّ الصبرَ على الابتلاءاتِ والمقاومةَ للشدائدِ للباطلِ هي التي تستثيرُ القوى الكامنةَ وتُنَمِّيها وتُجَمِّعُها وتُوَجِّهُها، فتتأصَّلُ جذورُ الدعوة وتتعمَّقُ وتتصلُ بالفِطْرةِ السليمةِ، فتصنعَ الرَّوَاحِلَ التي تحمِلُ الأُمَّةَ والدعوةَ، وفي الصحيح: «إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ المِائَةِ، لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً».
ما أيسرَ أنْ يتحدَّثَ البليغُ عن الصبرِ على الشدائدِ، وما أسهلَ أن يتوقَّعَ المتحمِّسُ الصمودَ للفتنةِ، غير أن ميدانَ القولِ والتوقُّعِ غيرُ ميدانِ الواقِعِ والجهادِ ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ. وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾.
إنه ليس بمجردِ التمَنِّي وإعلانِ الاستعدادِ يحصُلُ النصرُ، بل لا بُدَّ من الصبرِ على التكاليفِ المستمرَّةِ المتنوِّعَةِ التي لا تنتهي، من الاستقامةِ والجهادِ، والصبرِ على الضَّعْفِ الإنسانيِّ في النفسِ وفي الغير، والصبرِ على الفتراتِ التي يستَعْلِي فيها الباطلُ وينتفِشُ ويبدُو كالمنتصرِ، والصبرِ على طُولِ الطريقِ وبُعْدِ الشُّقَّةِ وكثرةِ العقباتِ، والصبرِ على وسوسةِ الراحةِ وهفْوةِ النفسِ لها في زحمةِ الجهادِ، في الطريقِ المحفوفِ بالمكارِه! وبهذا الصبرِ الإيجابيِّ الرائعِ ينفتِحُ الطريقُ إلى النصرِ المأمولِ، ولن يقدرَ على ذلك إلا الرَّوَاحلُ الذين ثَبَتُوا للشِّدَّةِ وعُصِمُوا من الفِتْنة.
(4) تجاوُزُ الابْتِلاءِ يكونُ بالصبرِ والتَّقْوَى واليَقِينِ بلقاءِ الله
إنها سنَّةُ اللهِ في الدَّعَوات: لا بُدَّ من ابتلاءٍ، ولا بُدَّ من أذًى في الأموالِ والأنفسِ ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا﴾، ﴿وإِنْ تَصْبِرُوا﴾ على الابتلاء ﴿وَتَتَّقُوا﴾ مَا يَجِبُ اتِّقَاؤُهُ فِي الِاسْتِعْدَادِ لِذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِهِ، وَمُكَافَحَتِهِ عِنْدَ وُقُوعِهِ ﴿فَإِنَّ ذَلِكَ﴾ الصَّبْرَ وَالتَّقْوَى ﴿مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾، أَيِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ تُعْقَدَ عَلَيْهَا الْعَزِيمَةُ، وَتَصِحَّ فِيهَا النِّيَّةُ وُجُوبًا مُحَتَّمًا لَا ضَعْفَ فِيهِ، ولا انكِسَارَ معَه، فإِنْ كنتم مِمَّنْ تُوهِنُهُمُ الشِّدَّةُ ويكسِرُهم الأَذَى فَلَسْتُم أَحْرِيَاءَ بِنَصْرِ الْحَقِّ.
ولنْ ينصرَه إلا مَنْ كان أصلبَ عودًا، فهؤلاء هم الرَّوَاحِلُ الذين يصلُحونَ لحمْلِ الدعوةِ، ويؤتمنون على القيام بها، ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾، وهؤلاء هم ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾، والظَّنُّ هَاهُنَا يَقِينٌ، فإذا عايَنُوا ضخامَةَ الكَيْدِ ضدَّهم ﴿قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ فينطلِقُون مُتَحَمِّلين مرارة َالصبرِ على الأذَى، مُصِرِّينَ على الثباتِ على الحقِّ، فلا تُوهِنُهُم المصائبُ والشدائدُ، بل تزيدُهم قوة.
(5) النَّصْرُ بعدَ النَّجاحِ في اختبارِ الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاء
فلا تمكينَ إلا بعد ابتلاءٍ، ولا نصرَ إلا بعد تمحيصٍ ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾، وَلَيْسَ قَوْلُ الرَّسُولِ ﴿مَتى نصر الله﴾ شَكًّا؛ بَلِ هو طلبٌ واستِنْجَازٌ لِلنَّصْرِ مِثْل قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: «اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي».
وما يجري لا يَعْدُو أن يكونَ اختبارًا، لا حالةً دائمةً، ولا يلبثُ أنْ ينتَهي، بعد أن ينجحَ الصادِقُون بفضلِ الله ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ﴾، فقوله ﴿بِشَيْءٍ﴾ يُؤْذِنُ أَنَّ كُلَّ بَلاءٍ أَصَابَ الإِنْسَانَ وَإِنْ جَلَّ، فهو طَرَفٌ قليلٌ، وَإذا كان البعضُ يهتزُّ أمامَه فإنَّ اللهَ بلُطْفِه يُخَفِّفُه عَلى المؤمنينَ، ويجعلُ رَحْمَتَهُ مَعَهُمْ فِي كُلِّ حَالٍ؛ لأنهم ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.
ولهذا استحقُّوا البُشْرَى والنَّصْرَ ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ أي ثنَاءُ مِنَ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ وَمَدْحٌ وَتَّزْكِيَةٌ لَهُمْ ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ أي كَشْفٌ للْكُرْبَةِ، وَقَضَاءٌ للْحَاجَةِ ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ الذين أصابوا طَرِيقَ الْحَقِّ، دُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ ﴿فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.
ومهما حاولَ الظالمونَ الإِضْرارَ بهم فلنْ يضرُّوهُم إلا أذًى، يستقبِلُونه بثباتٍ ورضًا، ويستعينُون بالله على تجاوُزِه، ويستغيثونَه فيُنْزِلُ عليهم نصرَه من فَوْرِهم ﴿بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ﴾.
أيُّها الثُّوارُ الأحرارُ، في ضوءِ هذه المعانِي القرآنيةِ نمضِي في ثورتِنا السِّلْمِيَّةِ العظيمةِ، مؤمنيَن بصِحَّةِ طريقِنا، مطمَئِنِّين لوعْدِ ربِّنا، نجمعُ صفوفَنا، ونوحِّدُ كلمتَنا، ونُجدِّدُ صبرَنا، ونُبْدِعُ في أدائِنا، وننتظرُ ساعةَ النَّصرِ، وما هي منَّا ببعيد.
—————-
نشره “إخوان أون لاين” في 18 فبراير 2017
المقالات لا تعبر عن رأي بوابة الحرية والعدالة وإنما تعبر فقط عن آراء كاتبيها
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
التفائل وقت الشدائد
اخبار مصر اليوم : الإخوان : الأمة في مرحلة مخاض يشتد ويعثر لكن يعقبه الفرج والفرح إنشاء الله
الفِتَنُ تُقَوِّي إِرادَةَ النُّهُوضِ بالأُمَّة
رسالة من الإخوان المسلمين: اشتدي يا أزمة تنفرجي
الابتلاء في السيرة النبوية
أبلغ عن إشهار غير لائق