بعد ست سنوات من الانقلاب العسكري، لا يزال الرئيس محمد مرسي الرئيس الشرعي للبلاد، رغم كونه رهن الاعتقال التعسفي والمحاكمة ممنوعا من الزيارة، لكنه يؤكد دائما خلال محاكماته تمسكه بشرعيته كونه رئيسا لمصر، ورافضا الاعتراف بالإجراءات التي تمت بعد الثالث من يوليو 2013، ومنها قرارات المحاكم التي يديرها العسكر بالهواتف من ثكناتهم، وقصورهم وفيلاتهم، ولأجل ذلك سيستمر الضغط عبر المحاكم التي تتبع العسكر. وقضت محكمة جنايات الجيزة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطره، اليوم الخميس، ببراءة مرشد جماعة الإخوان الدكتور محمد بديع و6 آخرين من قيادات الجماعة، في أحداث مسجد الاستقامة، بعد قبول محكمة النقض الطعن المقدم من المرشد والدكتور محمد البلتاجي وصفوت حجازي والحسيني عنتر، وعصام رجب ومحمد جمعة وباسم عودة، ونقض الحكم والإعادة، وعدم جواز الطعن المقدم من الدكتور عصام العريان في القضية. وزعمت سلطات الانقلاب عام 2013 أن المعتقلين لهم صلة بعمليات قتل عمد، وشروع في القتل، والانضمام إلى جماعة الغرض منها تكدير الأمن والسلم العام، والإضرار العمدي بالممتلكات العامة والخاصة، ومقاومة الانقلاب، يقول رئيس حزب الأصالة، إيهاب شيحة، أن “الوضع المصري الحالي غير قابل للحلحلة في ظل وجود السيسي؛ الذي ليس لديه أي أفق لأي حل سواء مع الإخوان؛ أو فتح أفق حريات للتيارات الأخرى”. حلحلة المشهد وتابع شيحة: “السيسي، الذي جاء على ظهر الدبابة، حرق كل الطرق التي تؤدي لفتح حوار أو مصالحة أو حتى تفاوض”، وأكد “أن توازن الفشل هو الحال القائم في مصر إلى أن يتحلحل المشهد باختفاء السيسي”، ويعمل قائد الانقلاب العسكري السفيه عبد الفتاح السيسي، منذ انقلاب 3 يوليو 2013 على توطيد أركان انقلابه على جميع الأصعدة، عبر وسائل عدة، يتمثل آخرها في الدفع بكثافة بعناصر جديدة موالية له في جميع أجهزة الدولة، والتوجه إلى تعديل دستوري يسمح له بالاستمرار على رأس السلطة، وعدم الالتزام بمبدأ الولايتين المنصوص عليه في دستور 2014. وفي المقابل تستمر حكومته في تضييق الخناق على الحقوق الأساسية، ويواصل قضاؤه إصدار الأحكام المرتفعة ضد خصومه السياسيين رافضي الانقلاب، ولم تتعافَ مصر بعد مما أصابها عقب الانقلاب العسكري الذي دبّره وزير الدفاع على أوّل رئيس منتخب ديمقراطيًا بعد ثورة " 25 يناير". الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، والذي وقع في 3 يوليو عام 2013، أدخل مصر في أزمات متتابعة، أدت إلى تدهور الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية على حد سواء، فيما جعل منها إحدى أكثر دول العالم انتهاكًا لحقوق الإنسان وقمع حرية الرأي والتعبير. ومرت أزمة شرعية النظام السياسي في مصر بثلاث مراحل منذ الانقلاب، بدأ الأمر بطلب ” تفويض” لمواجهة "إرهاب محتمل"، ثم زاد الإعلام المؤيد بطرح "إنجازات" وهمية تدعم هذه الشرعية، إلى أن وصل الأمر حاليا إلى دعوات متكررة من سلطات الانقلاب إلى "الصبر" في مواجهة ظروف اقتصادية صعبة. غير أن مراقبين يرون أن الفترة الثانية لاستيلاء السفيه السيسي (2022/2018) عجزت عن اكتساب الشرعية، التي ألح عليها معارضوه خلال السنوات الستة الماضية، إذ يتمادى في سحق الشعب الساخط جراء أوضاع اقتصادية صعبة، وطيلة الفترة الأولى للاستيلاء على الحكم (2018/2014) كثيرا ما يلح إعلام الانقلاب على شرعيتي "التفويض" و"الإنجاز"، في مقابل عودة الشارع إلى تأييد الثورة التي تتصدرها جماعة الإخوان المسلمين. أدانتهم محاكمهم جدير بالذكر أنه بعد ثورة 25 يناير2011، فإن الجيش كان فاعلا سياسيا رئيسيا مستغلا عدم اتفاق الثوار على قيادة موحدة تتولى زمام أمور البلاد، وهو ما أعطاه الفرصة الذهبية للقيام بدور سياسي متمثلا في مهام السلطتين التنفيذية والتشريعية خلال الفترة الانتقالية من خلال الإعلان الدستوري، الذي أصدره نهاية مارس 2011. وكذلك الإعلان المكمل "المكبل" الذي أصدره يوم 17 شهر يونيو 2012 عشية الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، والذي أعطى لنفسه حق التشريع حتى في ظل وجود رئيس منتخب، بسبب حكم المحكمة الدستورية بحل البرلمان يوم 14 يونيو 2012 قبيل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية. ثم كان ثالثة الأثافي بتدخله في الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي يوم 3 يوليو، ثم بترشح شخصية عسكرية هي السفيه عبد الفتاح السيسي في منصب رئيس البلاد، لنصبح أمام انقلاب عسكري مكتمل الأركان، وعلى عكس رغبة الانقلاب في أن تأتي شهادة المخلوع "مبارك" ضد الرئيس محمد مرسي وقادة جماعة الإخوان في القضية المزعومة "اقتحام السجون". وأن يدعم بشهادته إدانتهم، جاءت شهادة مبارك – على تناقضها ومحاولته إدانة الإخوان الذين ساهموا في خلعه – لتصدم سلطة الانقلاب، بعدما أظهرت ضمنا مسئولية السفيه السيسي ومخابراته الحربية، وقت رئاسته لها وأنه يجب محاكمته هو وقادة الجيش بتهمة الخيانة، لأنه ترك الحدود نهبا لمن يغزو سيناء ويهدد أمن مصر. وشهد مبارك بأن اللواء عمر سليمان أخبره صباح 29 يناير بتسلل نحو 800 شخص اقتحموا الحدود وضربوا الكمائن في سيناء والعريش ودخلوا القاهرة وميدان التحرير؛ ما يعني ضمنا أنه لا يوجد جيش في مصر يحمي الحدود؛ لأنه لو كان في مصر جيش في يناير 2011 لما استطاعت قوة صغيرة 800 فرد اقتحام حدود مصر بأسلحة خفيفة كما يدعي مبارك، وسيطرت على مساحة بطول 60 كيلومترًا؟ وهزمت قرابة نصف مليون ضابط وجندي مصري في سيناء! والأخطر أن هذا يطرح سؤال: ماذا لو كانت هذه القوة التي اقتحمت الحدود "إسرائيلية"، واقتحمت حدود مصر بمدرعات ودبابات؟ هل كان السفيه السيسي مدير المخابرات الحربية حينئذ، وقادة المجلس العسكري سيتركونها حتى تصل إلى القاهرة؟!