كشف تقرير لوكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية، آثار الحرب وعمليات التهجير التي قامت بها سلطات الانقلاب خلال السنوات الماضية على شمال سيناء، والتواجد اﻷمني الهائل، فضلا عن الحالة الصعبة التي يعيشها أهالي سيناء بسبب التشديدات الأمنية على دخول المواد الغذائية والاستراتيجية التي يحتاج إليها المواطنون. وقالت الوكالة الأمريكية، خلال تقريرها، إنها رصدت مشاهدات زيارة نادرة نظمتها القوات المسلحة إلى سيناء، بهدف إبراز مظاهر الحياة الطبيعية في العريش، كدليل على نجاح العملية الشاملة «سيناء 2018» التي بدأتها قوات الجيش والشرطة قبل 10 أشهر، وضمت الزيارة ما يزيد على عشرين صحفيًا، ومع ذلك رفضت القوات المسلحة التي نظمت الرحلة عبور الصحفيين خلال العودة إلا بعد تسليم الكاميرات لمراجعة الفيدوهات والصور التي تم التقاطها، قبل نشرها، وهو ما تمّ بالفعل، غير أن الوكالة لم تتلق ردًا حول إمكانية نشر تلك المادة من عدمها رغم مرور أسبوعين من تقديمها. الرحلة المنكوبة وقالت الوكالة، إن الرحلة المنكوبة- كما وصفتها- شملت زيارة ساحة داخلية مكتظة بالآلاف من أطفال المدارس الذين يصرخون، كما زارت مشروعًا إسكانيًّا جديدًا ومدرسة ومصنعًا. ونقلت عن محافظ شمال سيناء، اللواء عبد الفضيل شوشة، قوله إن «الإرهاب سينهزم في غضون شهور قليلة. نحن اﻵن نركز على التنمية، التي هي أساس اﻷمن». إلا أنها كشفت وبالرغم من تصريحات المحافظ أن علامات الصراع والانهيار والبؤس باقية في العريش. وقال مُعد التقرير: إن بعض شوارع المدينة لا يزال مغلقًا بالسواتر الرملية، والبعض الآخر بحواجز خرسانية، وسط انتشار المباني غير المنتهية في أرجاء المدينة التي تبدو أجزاء منها مهجورة، كما يبدو أن الكثير من نخيلها الذي تشتهر به العريش تلقى قدرًا ضئيلًا من العناية. وذكر أن سلطات الانقلاب تبني جدارًا حول مطار المدينة، في أعقاب عملية استهداف طائرة وزيري الدفاع والداخلية، في ديسمبر من العام الماضي، فيما تبني جدارًا آخر بأبراج مراقبة شديدة التحصين جنوبالمدينة. جدار عازل وتنفذ سلطات الانقلاب الجدار العازل بمحاذاة الطريق الدائري المار جنوبالعريش، والذي يفصلها عن الحرم الآمن للمطار. وهو الجدار الذي نقل شهود عيان عن عاملين مشاركين في تشييده، أن حدوده غير معلومة حتى اﻵن، وما يعرفونه أنه سيمتد لعشرة كيلومترات بمحاذاة الطريق الدائري، و17 كم جنوبًا. على أن يصل ارتفاع حوائطه الإسمنتية إلى قرابة خمسة أمتار ونصف المتر، بسمك نصف المتر، ويعلوها سلك شائك بارتفاع متر، بحسب المعلومات التي توافرت للمصادر. وكشفت «أسوشيتدبرس» المبالغة في الانتشار اﻷمني، فضلًا عن الإفراط في تأمين الصحفيين من قِبل الجيش، ما كشفت مؤشرات على أن الخطر قد لا يكون غائبًا عن المدينة. واصطحب الجيش الوفد الصحفي في سيارات مدرعة بصحبة جنود مسلحين وفي معدات قتال كاملة، رافقها سيارة تشويش على الإشارات اللاسلكية، كإجراء وقائي للحماية من العبوات الناسفة التي قد تكون مزروعة على جانبي الطريق. فيما خضع كبار الضباط المرافقين للوفد لحماية رجال شرطة مقنعين ومدججين بالسلاح. وقال لهم ضابط مرافق لهم: «ابقوا في السيارة. لا تخرجوا أو تتجولوا؛ الوضع ليس آمنًا كما قد تظنون»، أثناء أحد التوقفات، بينما أشار إلى الصحراء الممتدة على جانب الطريق. مسلحون مجهولون ونقل التقرير مشاهدات للوضع على طول طريق الرحلة الممتد إلى 200 كم من قناة السويس إلى العريش، والذي يمتلئ بالارتكازات العسكرية، التي تختفي في بعضها دبابات بأكملها تحت الرمال، بهدف حمايتها هي وطاقمها، فيما تظهر أبراجها فقط، بينما الجنود على أبراج المراقبة في وسط الفراغ يبدون مهجورين والصحراء من خلفهم، فيما تمتد طوابير طويلة من المركبات أمام نقاط التفتيش، وتحوم طائرات الهليكوبتر بين الحين واﻵخر. وتقوم الهيئة العامة للاستعلامات بتنظيم رحلات لمراسلين أجانب، كان آخرها هذا الشهر بزيارة مماثلة إلى العريش وبئر العبد، ضمّت عددًا من مراسلي الصحف ووكالات اﻷنباء اﻷجنبية. وشهدت الكتلة السكنية لمدينة العريش، خلال الشهور الستة اﻷخيرة، عددًا من العمليات التي استهدف مسلحون مجهولون خلالها مدنيين في اﻷغلب بدعوى تعاونهم مع اﻷمن، وذلك بخلاف استمرار استهداف قوات اﻷمن وعربات الإسعاف بالعبوات الناسفة، واستمرار إقامة المسلحين التابعين لتنظيم «ولاية سيناء» كمائن على الطُرق المحيطة بالمدينة أحيانًا، فضلًا عن تعرّض عمال في مشروعات تابعة أو متعاونة مع القوات المسلحة لتهديدات بالقتل. وفي 9 فبراير الماضي، أعلنت القوات المسلحة عن بدء «العملية الشاملة سيناء 2018» بمشاركة الشرطة، وأصدر المتحدث العسكري بيانه الأول والذي تضمن صورًا لحشود عسكرية تنقل جوًا وبرًا إلى شمال سيناء للقضاء على الجماعات المسلحة هناك. “الوهن” مستمر وبالرغم من وعود السيسي بانتهاء هذه العملية في غضون ستة أشهر، إلا أن الضربات التي وجهتها التنظيمات المسلحة في سيناء للجيش والشرطة، كشفت مدى الوهن الذي ظهر على قوات السيسي. كان المتحدث العسكري للقوات المسلحة قد نشر، اﻷربعاء الماضي، البيان رقم 30 للعملية الشاملة «سيناء 2018»، وأكد أن الفترة الماضية شهدت تدمير سيارة دفع رباعي، ومخزن مخصص تابع للتكفيريين، وتدمير أيضًا 61 سيارة على الحدود الجنوبية والغربية، وتم قتل 3 عناصر شديدي الخطورة في الظهير الصحراوي، وقتل 24 من العناصر التكفيرية، والقبض على 403 من العناصر الإجرامية، وتفجير 344 عبوة ناسفة كانت معدة للتفجير في منطقة العمليات، واكتشاف 324 مخبأ للعناصر التكفيرية وضبط 27 سيارة أخرى، غير ضبط 233 من المتسللين وهم من جنسيات مختلفة عبر الحدود، بحسب البيان.