كشف تقرير البنك المركزي الأخير، عن أن الاستثمارات الأجنبية في أذون الخزانة المصرية ما زالت تواصل تراجعها للشهر السادس على التوالي، ليبلغ إجمالي ما فقدته مصر في تلك الفترة 11.7 مليار دولار. وقالت بيانات التقرير الشهري للبنك المركزي عن نوفمبر الماضى، إن استثمارات الأجانب في أذون الخزانة سجلت حوالي 210.2 مليار جنيه (ما يعادل 11.7 مليار دولار) في نهاية أكتوبر، مقابل نحو 380.3 مليار جنيه (ما يعادل 21.5 مليار دولار) في نهاية مارس الماضي. الأمر الذي حذرت من خطورته تقارير اقتصادية، وصفت هذا الرقم بأنه ليس بالهيّن، وكفيل بإثارة العديد من الأسئلة حول المخاطر التي قد يتعرض لها الاقتصاد المصري حال استمرار هذا النزيف. وتعرضت الأسواق الناشئة لموجة خروج الأجانب من الاستثمارات في أدوات الدين الحكومية بدءا من أبريل 2018، مع ارتفاع الدولار الأمريكي، والمخاوف المتصاعدة من اقتصادات هذه الأسواق، خاصة بعد أزمات تركيا والأرجنتين. واضطرت مصر لتقليل سعر الفائدة، الأمر الذي أدى إلى انسحاب المستثمرين الأجانب بالسندات الحكومية في مغادرة السوق المصرية قاصدين تركيا، بعد أن قررت الأخيرة رفع سعر الفائدة إلى 24%، في حين أنه بمصر لن يتجاوز 17.75%، وبذلك أصبحت تركيا جاذبة أكثر للمستثمرين في السندات الحكومية. 18 سعر صرف الجنيه وقالت صحيفة “عربي بوست”، اليوم الخميس، إن خروج تلك الأموال ( 11.7 مليار دولار) من السوق كان لا بد من تعويضه، وإلا أدى إلى انهيار سعر صرف الجنيه أمام الدولار، إلا أن الإشكالية التي واجهت حكومة الانقلاب كانت أنها- وفقا لاتفاقها مع صندوق النقد الدولي على تحرير سعر الصرف- لا يمكنها دعم العملة بشكل مباشر، وعليه قررت الحكومة اللجوء إلى البنوك التجارية المملوكة للدولة لضخ دولارات تعوّض ذلك العجز، بهدف المحافظة على استقرار الجنيه. وفي الوقت الذي شهدت فيه مصر تراجعًا في استثمارات الأجانب، ارتفعت استثمارات البنك القومي في أذون الخزانة بشكل ملحوظ منذ بداية أبريل حتى نهاية أكتوبر الماضي، بقيمة 115.5 مليار جنيه، لتصل إلى نحو 166.5 مليار جنيه بنهاية أكتوبر مقابل 51 مليار جنيه في نهاية مارس. كما زادت استثمارات البنوك العامة في أذون الخزانة خلال 7 أشهر بقيمة 53.4 مليار جنيه، إذ سجلت بنهاية أكتوبر 386.3 مليار جنيه مقابل 333 مليار جنيه بنهاية مارس الماضي. ونقلت الصحيفة عن منير واصف، مدير أحد فروع البنوك الخاصة، أن البنك الأهلي وبنك مصر هما اللذان قدَّما دعما للسوق منذ فترة ولا يزالان، مضيفا: «أكثر من مرة تواجهنا أزمة في الفرع في تدبير الدولارات المطلوبة لعميل لدينا، ولا نجد الدولارات الكافية، فنلجأ إلى البنك الأهلي الذي يدبر لنا الدولارات المطلوبة». وقال إن هذا الأمر يحدث بشكل مُعتاد منذ اتخاذ قرار تحرير سعر الصرف، إذ أن البنك المركزي لا يمكنه الاشتباك بشكل مباشر الآن للمحافظة على استقرار العملة المحلية. بنوك القطاع الخاص وارتفعت استثمارات بنوك القطاع الخاص خلال الفترة من بداية أبريل حتى نهاية أكتوبر بقيمة 22.7 مليار جنيه، لتصل بنهاية الفترة إلى 302.4 مليار جنيه مقابل 279.8 مليار جنيه بنهاية مارس الماضي. وأكد خبراء اقتصاديون أن استمرار انسحاب المستثمرين الأجانب هو مؤشر شديد الخطورة على مستقبل الاقتصاد المصري، في حين يرى الآخرون أن لا داعي للقلق، وأن هذه الأزمة لن تستمر طويلاً، وأنه ما زال لدينا الحل الأخير متمثلا في رفع سعر الفائدة. وأضافوا أن المشكلة الحقيقية ستكون إذا استمر ضعف الطلب على العملة المصرية دون أي تعديل في سعر الصرف؛ لأن ذلك سيؤدي بشكل مباشر إلى تراجع القدرة التنافسية للصادرات المصرية، واستنفاد احتياطيات النقد الأجنبي تماما، وهذا هو الكارثي. 8 مليارات دولار وتوقع بنك “استثمار إتش سي” تراجع الجنيه أمام الدولار بنسبة تتراوح بين 5 و10% على مدار العام المقبل، تأثرا بإنهاء البنك المركزي آلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب اعتباراً من يوم 4 ديسمبر الجاري. وأوضح أن البنوك غطت خروج حوالي 8 مليارات دولار من استثمارات الأجانب، خلال الشهور الأخيرة، وهو أدى إلى عجز في أصولها الأجنبية بقيمة 3.9 مليار دولار في سبتمبر، وأن صندوق تحويلات أموال الأجانب لدى البنك المركزي غطى المبلغ المتبقي بقيمة 1.7 مليار دولار، الذي انخفض إلى 7.8 مليار دولار أمريكي في نهاية أكتوبر، مقارنة ب9.7 مليار دولار أمريكي في مارس. وتعد «أذون الخزانة» أداة من أدوات الاقتراض قصيرة الأجل التي تصدرها الحكومة، على أن ترد تلك الأموال للمستثمرين خلال فترة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر بفائدة محددة، ويفضل البعض الاستثمار في تلك السندات؛ أولا لأنها مضمونة، وثانيا لقصر مدة دورة رأس المال بها.