واصلت الحكومة التركية ضغوطها المكثفة على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على خلفية محاولاته التهرب من تورطه في جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في مقر قنصلية بلاده بإسطنبول مطلع أكتوبر الماضي، وكشفت مصادر تركية اليوم الثلاثاء 06 نوفمبر أن تركيا أطلعت الإدارة الأمريكية والحكومات الغربية على أدلة تورط “بن سلمان” في الجريمة الوحشية. وقال مصدر تركي لقناة الجزيرة: إن أنقرة أطلعت الولاياتالمتحدة عبر مديرة الاستخبارات الأمريكية جينا هاسبل والأوروبيين على الصورة الكاملة لجريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده مطلع الشهر الماضي، وإن أنقرة تأمل في ضغط أمريكي وأوروبي على السعودية للكشف عن التفاصيل. المصدر أكد أن الأدلة التي اطلعت عليها هاسبل تثبت أن الاغتيال تمّ بأوامر من مستويات سعودية عليا، مشيرًا إلى أن المسئولة الأمريكية التي اطلعت على كامل الأدلة، غادرت تركيا وهي على قناعة تامة بتفاصيل الجريمة. وأشار المصدر إلى أن لقاء الرئيس رجب طيب أردوغان بنظيره الأمريكي دونالد ترامب في باريس سيكون محطة أساسية في الموقف الأمريكي من جريمة خاشقجي، وأضاف أن أنقرة أطلعت دولاً أوروبية على أدلة جريمة خاشقجي، وأنها تتوقع موقفا أوروبيا سيصدر قريبا، مشيرا إلى أن تلك المعلومات تعطي تصورا كاملا للجريمة وما سبقها من إعداد. مزيد من الأدلة وفي ذات السياق، أكد فؤاد أقطاي، نائب الرئيس التركي، أن بلاده تملك مزيدا من المعلومات بشأن جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. يأتي هذا التصريح بعد أن كشفت مصادر تركية أمس الإثنين، أن السعوديين عملوا لمدة أسبوع كامل على طمس الأدلة على جريمة القتل بقنصلية المملكة في إسطنبول. ونفى أقطاي – في مقابلة مع قناة الأناضول – أن تكون بلاده تتستر على المعلومات التي لديها بخصوص جريمة القتل، مؤكدا أنها “تتشاركها مع كل الأطراف من مؤسسات ودول، في الوقت الذي تراه مناسبا وعندما ترى ضرورة لذلك”. وأكد المسئول التركي أن تفاصيل قتل خاشقجي “أصبحت دولية ولا يمكن التستر عليها” مشيرا إلى أن اتفاقية فيينا لا تشفع بارتكاب أي نوع من الجرائم داخل أي مبنى على الأراضي التركية. وكان أقطاي قد أشار – في تصريح سابق لوكالة الأناضول – إلى احتمال قيام السعوديين بتذويب جثة خاشقجي بالحمض، قائلاً إنه ينبغي التحقيق بهذا السيناريو الذي أثير مؤخرًا. كبار المسئولين تأتي هذه التطورات بعد أن أكدت مصادر تركية أن السعوديين عملوا لمدة أسبوع على طمس الأدلة على جريمة تصفية الصحفي بقنصلية بلاده في إسطنبول. واستنادا لتلك المصادر، فإن السلطات السعودية بعثت بالكيميائي أحمد عبد العزيز الجنوبي، وخبير علم السموم خالد يحيى الزهراني، وذلك بهدف طمس وإخفاء الأدلة بالقنصلية ومنزل القنصل. حيث كانا يذهبان يوميًّا ولمدة أسبوع كامل، وقبل معاينة قوات الأمن التركية منزل العتيبي. ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسئول تركي – أكد ما ورد بتقرير صحيفة صباح- أن قيام الرياض بإرسال خبراء لطمس الأدلة يؤكد أن قتل الصحفي داخل القنصلية في الثاني من الشهر الماضي كان بعلم كبار المسئولين السعوديين. لغز الجثة! وعن مصير جثة خاشقجي، قالت المصدر إن السلطات التركية ليس لديها أي معلومات عن ذلك، وأضاف أن السلطات السعودية تضع العراقيل أمام الوصول إليها، مشيرًا إلى أن النائب العام السعودي سعود المعجب أبلغ تركيا بجهله أيضا بمصير الجثة. وأوضح المصدر التركي للجزيرة أن السيارات التي نقلت جثة خاشقجي خارج القنصلية قادها أعضاء في فريق الاغتيال إلى مقر القنصل. وأضاف أن إفادات موظفي القنصلية بينت أنهم منعوا من الصعود للطابق الثاني بعد دخول خاشقجي، مشيرا إلى أنهم أُبلغوا أن اجتماعات دبلوماسية عالية المستوى تعقد في مكتب القنصل. وعن المشاركين في عملية الاغتيال، قال المصدر إنه تم تشكيل ثلاث فرق لعملية التخطيط والتنفيذ والدعم، مؤكدا أن الفرق تم تشكيلها قبل البدء بالتخطيط. الاتحاد الأوروبي وحول الردود الدولية الجديدة، قال الاتحاد الأوروبي: إنه ما زال ينتظر أن تكشف السلطات السعودية عما لديها من معلومات بشأن مقتل خاشقجي. في غضون ذلك، أبلغت الولاياتالمتحدة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أنها تدين “القتل العمد” للصحفي السعودي جمال خاشقجي، وقالت: إنه من الضروري إجراء تحقيق مستفيض وشفاف. كما دعت دول أعضاء في المجلس السلطات السعودية إلى ضمان إجراء تحقيق مستقل ومحايد وشفاف لتحديد المسئولين عن جريمة اغتيال جمال خاشقجي ومحاسبة كل من يثبت تورطهم، وكشف كل الحقائق المتعلقة بهذه الجريمة التي وصفتها بالمروعة. وكانت أنقرة قد أبدت قبل هذه التسريبات بساعات تصميمها على المضي حتى النهاية لكشف من أصدر التعليمات بتصفية الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول، والإفصاح عن مكان جثته. وقال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو اليوم الثلاثاء -في مؤتمر صحفي في نادي الصحافة الوطني بالعاصمة اليابانية طوكيو- إن بلاده طلبت من السلطات في السعودية الكشف عمن أصدر الأمر بقتل الصحفي. وأكد الوزير تصميم بلاده على المضي حتى النهاية لمعرفة من أصدر التعليمات بالقتل، مشيرا إلى أنهم طلبوا من الرياض تسليم المشتبه بهم ال18 لاستجوابهم بتركيا، وأن المملكة يقع على عاتقها إطلاع أنقرة على مكان جثة خاشقجي. وكان أردوغان تعهد مرارا بكشف كل جوانب قضية اغتيال الصحفي، وكرر ذلك بمقاله يوم الجمعة بصحيفة واشنطن بوست، ووفق بعض التفسيرات فإن استبعاده تورط الملك سلمان بن عبد العزيز دون غيره من المسؤولين يعد تلميحا لمسؤولية ولي العهد محمد بن سلمان.