يصادف اليوم ذكرى اقتحام مجموعة من الشباب الإيرانيين، المدفوعين من قبل بعض رجال الدين إلى مقر السفارة الأمريكية في طهران، واحتجازهم كرهائن قبل 39 عامًا، فهل يصادف تاريخ إطلاق أقوى عقوبات اقتصادية على إيران مع تاريخ ذكرى حجز الرهائن. وماذا تعني عقوبات 5 نوفمبر بالنسبة لإيران؟. دخلت العقوبات الأمريكية الجديدة ضد إيران حيز التنفيذ، صباح اليوم الإثنين، وهي العقوبات التي وُصفت بأنها ستكون الأكثر صرامة وتأثيرًا على الاقتصاد الإيراني؛ فالإدارة الأمريكية تهدف للوصول بصادرات النفط الإيراني إلى المستوى صفر؛ فبعد الإعلان الرسمي الأمريكي عن إعادة فرض كافة العقوبات التي كانت قد توقفت، أو علقت مع توقيع الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، تلقت إيران ضربة موجعة. وقال مسئولون في العراق وتركيا والهند، إنها من بين الدول التي حصلت على إعفاءات أمريكية من العقوبات النفطية والمالية الإيرانية التي تدخل حيز التنفيذ اعتبارا من الإثنين، وقال ثلاثة مسئولين عراقيين إن الولاياتالمتحدة أبلغت العراق بأنها ستسمح له بمواصلة استيراد إمدادات حيوية من الغاز والطاقة والمواد الغذائية من إيران بعد أن تعيد واشنطن فرض عقوبات على قطاع النفط الإيراني، ولكن بشرط ألا يدفع العراقلإيران ثمن الواردات بالدولار الأمريكي. زيارة نتنياهو من جانبه، هدد الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن طهران “ستبيع النفط وستخرق العقوبات”، وقال في خطاب متلفز لمجموعة من الاقتصاديين: “إيران ستلتف وبفخر على العقوبات.. نحن في وضع حرب اقتصادية ونواجه قوة متغطرسة، سنصدر النفط مهما كلفنا الأمر”. ولعل أول القطاعات المتأثرة على الإطلاق، هو قطاع النفط، وتم تفعيل الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية، والتي تشمل الشركات التي تدير الموانئ الإيرانية، إلى جانب الشركات العاملة في الشحن البحري وصناعة السفن، وقطاع الطاقة الإيراني، وخاصة قطاع النفط، وفرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني وتعاملاته المالية. وفي كواليس تلك العقوبات تأتي ورقة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، التي استغلها بعض الأوروبيين للانتقام من السعودية، لأن الرياض نجحت ولو بالمال في إقناع أمريكا بإسقاط الاتفاق النووي وفرض عقوبات على إيران، وسيؤدي ذلك إلى إرغام شركات أوروبا على الانسحاب من طهران. المفارقة أن واشنطن استثنت 8 عواصم، منها أنقرة، من حظر التعامل مع إيران، وحول ذلك يقول وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في حديث للصحفيين: “أجريت نقاشا جيدًا وبنّاء مع الرئيس أردوغان، تحدثنا عن إيران وكيف سيتم فرض عقوبات عليها، نحن نعمل مع الأتراك للتأكد من وصولنا إلى الهدف الصحيح. يشتري الأتراك النفط الخام الإيراني ونود أن يقوموا بشراء كميات أقل”. التحضير للعقوبات الأمريكية على إيران، حليفة واشنطن في العدوان على أفغانستانوالعراق، فسرّ الغرض من زيارة رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو إلى سلطنة عمان، تلك الزيارة المفاجئة الغريبة ما هي إلا رسالة إلى إيران مفادها “أنكم غير قادرين على قطع مضيق هرمز والسعودية سوف تصدر نفطها بأريحية تامة وبالتعاون مع حلفائنا”، وسبق وهددت إيران بقطع المضيق في حال فرض عقوبات على تصدير ثروتها من النفط. عقوبات الحبايب الغريب أن واشنطن تنتقي وقت العقوبات كما تنتقي النظام المستحق لها، ففي العام 1983 قام الإيراني الجنسية، إسماعيل عسكري، بتنفيذ عملية انتحارية في بيروت استهدف مقر البحرية الأمريكية، وقتل 241 شخصا وجرح أكثر من 100 من أفراد البحرية والمدنيين الأمريكيين، ولم يتم فرض أي عقوبات دولية على إيران. ويؤكد مراقبون أن أسخف عقل في التاريخ هو العقل الذي سيصدق وجود خلاف بين أمريكاوإيران، وأسخف عقوبات في التاريخ هي التي فرضتها أمريكا على إيران، حيث منعوا عنها بيع النفط لأي دولة باستثناء 8 دول فقط هي التي تبيع لها إيران نفطها وغازها، وأصبح السؤال: “نكتة تلك الإجراءات أم عقوبات حقيقية؟”. ترامب أصدر اليوم عقوبات على إيران، لكنه سمح لها بتصدير النفط إلى 7 دول هي أكبر المستوردين منها، العيب ليس في أمريكا العيب في من لا يفهمون السياسة الأمريكية غير العادلة بالمرة، والقائمة على المصالح أولا وأخيرا، ولا يصدق عداوة واشنطنلإيران إلا من غفل تحديدا عن ذلك المحور المهم في السياسة الخارجية الأمريكية. يقول الكاتب والمحلل السياسي العراقي حسين الدلي: “واشنطن تسمح ل8 دول بالإعفاء من عقوبات إيران، بينما لم تسمح لأي دولة في العالم بالسماح ولو بإدخال قلم رصاص للمدارس في العراق طيلة 13 عاما من أسوأ حصار في التاريخ”. ويقول الناشط السياسي سامح عسكر: “السعودية قتلت أمريكيين في 11 سبتمبر.. وترامب يفرض عقوبات على إيران.. السعودية تدعم داعش بالسلاح والمال.. وترامب يفرض عقوبات على إيران.. السعودية تقتل خاشقجي وتقطع جثته.. وترامب يفرض عقوبات على إيران.. السعودية تقتل شعب اليمن.. وترامب يفرض عقوبات على إيران!”. عكس التاريخ إلا أن الأذرع السعودية أو الذباب الإلكتروني كان له رأي آخر، ومن هؤلاء الناشط اللبناني جيري ماهر الذي نشر تغريدة على موقع تويتر رصدتها “الحرية والعدالة”، يقول فيها: “قبل دقائق قليلة دخلت العقوبات الأمريكية الأقصى ضد إيران حيّز التنفيذ، لتكون بإذن الله عقوبات تجوّع وتحاصر وتقتل نظام الملالي وحلفائه من بيروت إلى بغداد، مرورا بدمشق وصنعاء. شكرا للمملكة العربية السعودية وقيادتها على دورهم الأساسي في فرض هذه العقوبات على نظام الملالي”. ويوافقه الرأي الناشط محمد القحطاني، ويقول: “الخامس من نوفمبر يوافق اليوم اللي اقتحمت عصابات الخميني سفارة أمريكا وتغير مسار إيران من بلد حضاري إلى بلد إرهابي بقيادة ملالي الظلام… ترامب يريد أن يعكس التاريخ عسى أن الشعب الإيراني يلفظ هالطغمة الضلالية ليعيش في سلام مثل باقي الشعوب”.