في تلميحات ربما تكشف عن معلومة استخباراتية صادرة من "الموساد" الصهيوني، أشار الإعلامي والباحث الأكاديمي في معهد "بيجين السادات" إيدي كوهين، إلى بئر قديم بجانب منزل القنصل السعودي في إسطنبول، من المحتمل أن تكون جثة الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي قد ألقيت فيه. وقال "كوهين" في تدوينة له عبر حسابه بموقع التدوين المصغر "تويتر" رصدتها "الحرية والعدالة":" يسألون هدهد سليمان عن جثة الخاشقجي، وردي أنا هو: نحن لا نعلم الغيب، من ناحية أخرى يوجد بئر قديم في قصر القنصل السعودي اقترح تنظيفه حفاظا على البيئة والنظافة العامة". وتواصلت داخل مقر إقامة القنصل السعودي في مدينة إسطنبول أعمال فريق التحقيق التركي، مع دخول وفد ثانٍ لتعزيز الوفد الأول الذي دخل عصر الأربعاء، بحثًا عن أدلة ممكنة توثّق ما حدث مع الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي اختفت آثاره منذ دخوله قنصلية بلاده في الثاني من أكتوبر الجاري. العشق الممنوع وفي أكتوبر 2017 كشف مسئول في حكومة الاحتلال، عن زيارة سرية أجراها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى تل أبيب، وأفردت صحيفة يديعوت أحرنوت الصهيونية، تقريرًا موسعًا لتحليل التقارب المتزايد في الفترة الأخيرة، بين النظام السعودي وإسرائيل. وهو التقارب الذي يصفه متابعون ب”المتسارع”، ويرى فيه وزير الأمن الصهيوني، أفيغدور ليبرمان، حدثًا لا يمكن التعتيم عليه، إذ طلب من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، تعليقًا على عدم إعلانه “الرسمي” عن العلاقات التي تربط بين البلدين، وأن عليه أن يكون جريئًا مثل “السادات”، وأن يخرج ويعلن علاقات رسمية للسعودية مع إسرائيل. لكن تصريح ليبرمان الذي نقلته مجلة نيوزويك لم يكن بالجرأة التي طلبها من ابن سلمان، إذ لم يسم السعودية بشكل صريح وإنما خاطب “الدول المعتدلة”، التي صار معنى اعتدالها واضحًا في الاصطلاح العربي. ويبدو أن جريمة قتل الصحفي السعودي خاشقجي، جاءت فرصة لتل أبيب حتى تبتز ولي العهد المشتاق إلى كرسي العرش، وحتى يرتمي بشكل مطلق في أحضان تل أبيب، وتعي الإدارة الصهيونية الحالية أن فرصتها اليوم مواتية، بوجود ولي العهد المثير للجدل، الذي منح “تقاربًا” ثمينًا، وتسهيلات للإسرائيليين لم يحلموا بها، على أرفع المستويات، مخابراتيًا وحتى على الصعيد الاستراتيجي. القدس مقابل العرش ويبدو أيضًا أن اللهجة الرسمية السعودية مع القضية الفلسطينية أصبحت أكثر حدة وعداءً، إذ تذكر يديعونوت أحرونوت أن محمد بن سلمان قال في اجتماع مع العديد من قادة المنظمات اليهودية في أواخر مارس الماضي، إنه “خلال الأربعين سنة الماضية تكررت الفرص المتاحة لدى القيادة الفلسطينية، لكنها رفضت جميع المقترحات”، ثم أضاف أنه “لقد حان الوقت أن يقبل الفلسطينيون المقترحات… أو أن يخرسوا ويتوقفوا عن الشكوى”، مستلهمًا لهجة تسيبي ليفني في 2009 وهي تقول للفلسطينيين “كفى يعني كفى”. لم يكن هناك تقارب حقيقي بين إسرائيل والسعودية من قبل، له أساسات واضحة على الأرض مثل هذه الأيام، لكن النظام السعودي يعي جيدًا أنه يضع نفسه في مرمى النيران، إذا يتحول هذا التقارب ليصبح علنيًا، في بلد دأبت على الترويج لنفسها باعتبارها حامية الدين والأماكن المقدسة، وممثلة الإسلام السني. في الآونة الأخيرة ظهرت إيران كفزاعة للنظام السعودي، وحددت المملكة تحركاتها على أساس هذه المخاوف، وكانت أولى خطواتها على ما يبدو، الاتجاه نحو تقارب متين مع إسرائيل ضد طهران باعتبارها العدو المشترك، على حد تعبير رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو نفسه. وفي ظل عدم استقرار البيت السعودي من الداخل، وتورطه في جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي والحرب في اليمن، وتوغل إيران في سوريا، فإن الساحة والتوقيت مواتيان للحليف الجديد إسرائيل، التي تقدم نفسها باعتبارها لاعبًا رئيسيًا في تغيير ميزان القوى الإقليمي.