"الصفقات والمساومات السرية" هو عنوان لشهر أكتوبر الذي يرفض أن يمضي دون مفاجآت، فكانت البطولة لقصص اغتيالات، واطلاق صراح بعض الجواسيس والشخصيات الهامة التي كان يظن البعض أن الافراج عنهم شبه مستحيل، وتتحول لصفقات متبادلة بين الدول مقابل الصمت.
فأصبح غلق القضايا الدولية، التي سببت أزمات على مستوى العالم، هو الحل الأمثل مقابل "مصلحة"، وفي ظل البحث عن الصحفي جمال خاشقجي، الذي دخل السفارة السعودية في تركيا، ولم يخرج منها، كان العالم بأكمله يتابع لغز اختفائه، وأثناء البحث عنه، تم إطلاق صراح القس الأمريكي، أندرو برونسون، الذي اعتقل في تركيا لمدة 3 سنوات بتهمة التجسس والانضمام لجماعات مطلوبة أمنياً، وتم ذلك بشروط من كلا الطرفين الأمريكي والتركي، لم يتم الكشف عنها حتى الأن.
ثم يأتي تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للمملكة العربية السعودية، بسرعة الكشف عن المتسبب في اختفاء الخاشقجي، وإلا سوف يكون "العقاب شديد"، بعد أن كشفت الكاميرات المحيطة بالسفارة السعودية فيديو للصحفي المختفي، وهو يدخل ولم يخرج منها ثانية.
وأصبح الشك يقيناً لدى الرأي العام في تورط مسؤولين سعوديين فى اختفاء "خاشقجي"، عندما أشار القنصل السعودي في تركيا، إلى أن كاميرات السفارة كانت معطلة، ولم تسجل ما حدث يوم 2 أكتوبر وهو يوم اختفاء الخاشقجي، بالإضافة إلى حضور عدد من الشخصيات في نفس التوقيت، إلى السفارة بدون هدف محدد وانصرفوا بشكل غامض جعل الأمر مؤكدا لضلوع الطرف السعودي في اغتيال الخاشقجي نظراً إلى انه كان ضمن القائمة السوداء ومطلوب للأمن في السعودية.
وبعد أيام على تهديد الرئيس الأمريكي ترامب، يرسل وزير خارجيته "مايك بومبيو"، للقاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ووزير الخارجية عادل الجبير، لفتح ملف الصحفي جمال خاشقجي، الذي تم النقاش فيه ولم يتم الكشف عن تفاصيل اللقاء، وأكتفى بومبيو بقوله :" أن هناك التزام جدي لتحديد كل الحقائق، والتأكد من محاسبة المتورطين في قضية خاشقجي، مؤكداً أن القيادة السعودية نفت أي معرفة بما حدث داخل قنصليتهم في إسطنبول، أما الجانب السعودي "وعد بالتحقيق ومعاقبة المتسبب دون استثناء".
ثم خرج الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد أن قال أن هناك مسؤولين سعوديين متورطين في اغتيال الصحفي، ليدافع عن المملكة العربية السعودية، ويعلق بعد زيارة "بومبيو" :" أرفض فكرة أن المتهم مدان حتى تثبت براءته".
الغريب في الأمر أن بومبيو، انهى زيارته للسعودية، وانطلق لتركيا للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في حضور وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ورئيس المخابرات هاكان فيدان، لبحث ملف قضية "خاشقجي"، وحتى الأن لم يتم الكشف عن تفاصيل اللقاء أيضاً.
كان للرئيس التركي دور كبير في الكشف عن المتسبب في لغز الخاشقجي، وكانت اصابعه توجهه لتورط الجانب السعودي، وكشفت تركيا عن صور وأسماء بعض الأشخاص قادمين من السعودية إلى إسطنبول، وعادوا مرة أخرى في نفس التوقيت الذي اختفى فيه "جمال"، كما كشفت الكاميرات المحيطة للقنصلية عن تحركات غامضة لدخول وخروج اشخاص يشار إلى انهم متورطين فى اغتيال الخاشقجي.
ربما يعرض الجانب التركي عن موقفه القاسي تجاه السعودية، ويخفض إصبعه الذي يوجهه باستمرار تجاه المملكة العربية السعودية، حول ملف الخاشقجي، أو يظل متمسكا باتهاماته لها، هذا ما سوف ينكشف خلال الفترة القادمة فلم ينتهي شهر أكتوبر "شهر الصفقات والمساومات السرية".