معايير اختيار الكفاءات لإدارة الحقائب الوزارية لا تختلف كثيرا من دولة إلى أخرى، حتى في الدول الأشد فقرا وتخلفا، إلا أن مصر ومنذ انقلاب 30 يونيو 2013، أصبحت أكثر شذوذًا من الشذوذ نفسه، وبات لا يقاس عليها بالمرة، فإسناد الحقائب الوزارية في قواعد العسكر يخضع للأكثر فسادا؛ حتى يسهل الإمساك به ولضمان الطاعة والخضوع المطلق، بل في غالب الأحيان يتطوع هذا الفاسد لإرضاء العسكر بدون طلب أو تكليف. وزيرة الصحة في حكومة الانقلاب الدكتورة هالة زايد، لا تشذ عن تلك القاعدة، ذلك لو عرفنا أن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي من عتاة الاستيلاء على الأراضي والمال العام. وصلة نفاق عندما طلبت وزيرة صحة الانقلاب من الأطباء أن يقطعوا عملياتهم ويتركوا أمعاء المرضى متدلية على أرضية غرفة العمليات إذا سمعوا صوت النشيد الوطني يصدح من فوهات الميكرفونات داخل المستشفى، بل وعلى المريض نفسه أن يفيق من جرعة التخدير ويلملم أحشاءه سريعا ويقف في موضع "صفا وانتباه" ويؤدي التحية العسكرية عند سماع النشيد، لم يكن ذلك كله عبثاً ومزاحا ثقيلا كما ظن البعض، بل هى "شمخة نفاق"، يقول الناشط خالد عطية: "يا ناس اعذروها.. وزيرة الصحة أبوها لواء وجوزها لواء متربية على كده في البيتين، فاكره نفسها مش ماسكة وزارة صحة ماسكة كتيبة في الجيش". إذًا حققت "هالة" المعادلة الصعبة، فمن جهة الفساد هى قادمة من مستنقع مستشفى سرطان الأطفال (57357)، يفضح ذلك ما نشرته بوابة "فيتو" بتاريخ الثلاثاء 21 يونيو 2016، يقول نص الخبر:" زار مؤسسو "جمعية من أجل مصر" مستشفى سرطان الأطفال 57357، وجاء على رأس الحضور رئيس مؤسس الجمعية الدكتور محمد منظور، والنائب طارق الخولي، والنائبة شادية خضير، والنائبة رشا رمضان، والنائب أحمد بدوي، وكريم درويش، وداليا يوسف، والنائب عبد الحميد الدمرداش، والنائبة مارجريت عازر، والنائب سامر التلاوي. وكان في استقبالهم الدكتور شريف أبو النجا مدير عام المستشفى، والدكتورة هالة زيادة رئيس أكاديمية التدريب بالمستشفى ومستشارة وزير الصحة". إذًا مستشارة وزير الصحة التي تمرغت في فساد مستشفى سرطان الأطفال، وحضرت القسمة بين العصابة بقيادة كبيرهم الدكتور شريف أبو النجا، مدير عام المستشفى، أصبحت بقدرة قادر هى نفسها وزيرة الصحة، وهى نفسها بعد تفجير فضيحة الفساد التي أمرت بتشكيل لجنة لفحص بلاغات الفساد والتي هى جزء لا يتجزأ منه، فأهلاً بنا وبكم في جزر الموز أو جمهورية ثلوج الهيمالايا. زوجة وابنة اللواء إلا أن العجب يزول ويخفي احتقان الدهشة قليلاً لو علمنا أنها تنحدر من عائلة تقدس الفساد، بل إن الفساد جزء أصيل من تكوينها النفسي، فالزوج لواء والأب لواء، وآخر ما يقع في دائرة رحمتهم هو المواطن المدني البئيس، سواء كان رجلا لا يجد قوت يومه، أو امرأة هدها الغلاء ووقفت حائرة أمام حاجة أولادها في قطعة لحم ولو كل شهر، وبين نصيحة شيخهم علي جمعة الذي أرشدها إلى قول "الرحمة في فضل قطعتي الجاتوه على اللحمة". يقول الدكتور مصطفى سيد خطاب: "وزير الأوقاف يمنع استخدام الميكروفونات الخارجية بالمساجد لعدم إيذاء المرضى وكبار السن. وزيرة الصحة تأمر بإذاعة النشيد الوطني والسلام الجمهوري كل يوم في المستشفيات اللي فيها مرضى.. أنا من رأيي إن احنا نروح لشيخ الحارة ويجيب الاتنين وزراء دول ويقعد معاهم ويتفقوا علي حاجة واحدة، عاوزين نذيع قول ذيع، مش عاوزين قولوا متذيعوش، إنما الخوتة دى ميصحش كده". في مستشفيات مصر سرير واحد لكل ألف مواطن، أما في مستشفيات "إثيوبيا" 6 لكل ألف مواطن، لم نقارن وضعنا المزري طبيًّا بالوضع الصحي في بلاد الفرنجة الكفار بل بالأحباش، وزيرة الصحة في حكومة الانقلاب الدكتورة هالة زايد القادمة من مستنقع فساد سرطان الأطفال، تركت كل مصائب الصحة في مصر ونظافة المستشفيات والقطط التي تشارك المرضى أسرتهم، والناس التي تموت وهي تنتظر دورها على الأرض، والكراسي المهترئة إن وجدت، وخرجت بقرار وجوب عزف السلام الجمهوري بالمستشفيات الحكومية صباح كل يوم، أحيانا يعجز التعليق عن التعليق ولو أتيحت له مساحة تحليل كامل على بوابة (الحرية والعدالة).