حالة من الفزع والهلع تصيب المواطنين الواقفين على باب مسجد الإيمان بشارع مكرم عبيد بحي مدينة نصر لاستلام جثث ذويهم، بعد المشاهد التي شاهدها الأهالي أثناء البحث عن جثث أبنائهم، حيث لم يستطع عدد كبير من التعرف على أي جثة بالرغم من تأكيد اللجنة المنظمة للمسجد أن صاحب الجثة باسم ابنهم أو مفقودهم، إلا أن بشاعة المنظر لم تمكن هؤلاء من التأكد إذا كان ابنهم من عدمه نظرا لحرق عدد كبير من الجثث. ووقع عدد كبير من النساء على الأرض نظرا لحالات الإغماء التي تعرضن لها بعد مشاهدة جثث ذويهم بهذا المنظر الذي لم يسجله التاريخ من قبل إلا فيما زعمه اليهود تجاه محارق هتلر ضدهم، في الوقت الذي سادت حالة من الغضب بين عموم الشباب والرجال الذين لم يستطيعوا مشاهدة أبناءهم في مثل هذا المشهد الذي لم يتحمله بشر، ومع ذلك لم يحترم مشاعر هذه الأباء والأمهات الغاضبة أحد رجال الشرطة من الملطخ أيديهم بالدماء حينما مر بسيارته على الواقفين حول المسجد وأشار لهم بإشارات نابية، ما استفزهم بتحطيم سيارته. من ناحية أخرى، استفزت طائرة للشرطة الواقفين أيضا بالطيران لمدى منخفض حولهم في صورة دائرية، توحي بتخويفهم، ما قابله الأهالي بالهتاف ضد بلطجة الداخلية، فضلا عن الأحاديث التي دارت بين المواطنين حول قصص أبناءهم الإنسانية وكيف قتلوا وكيف وصلوا للمستشفى وكيف تم تحريقهم، ما أدى إلى انهيار المواطنين في حالة هيستيرية من البكاء. وسرد أحد المواطنين من الشرقية كيف قتل ابنه حينما كان واقفا أمام عينه وأتته رصاصة الموت بدم بارد على يد بلطجية الداخلية، من خلال أحد القناصة الواقفين على أسطح مبنى المخابرات، حتى أغمي على والده ولم يستطع أن يحمله، ليفاجأ بأنه مصاب داخل المستشفى ثم يفيق ولا يعرف أين جثمان ابنه، حتى علم من خلال مجيئه للمسجد بأن ابنه من الذين تم حرقهم داخل مسجد رابعة العدوية. رجل أخر يدعى محمد عبد الحميد يقف ليبحث عن أخيه وهو ينهمر في البكاء خوفا من أن يجد اسم اخيه ضمن المعلن عن استشهادهم، حتى يأتيه الخبر الصاعق عن وقوع عينيه على اسم أخيه ضمن الكشوف الموضوعة على باب المسجد ليقع مرة واحدة على الأرض، ويدخل أحد أقاربه من الذين أتوا معه في حالة هيستيرية من البكاء، في الوقت الذي تقف فيه أم أخرى لتمر بنفس الحالة حينما تقع عينيها على اسم ابنها وزوجها ضمن الشهداء وتقف مزهولة لمدة دقيقة ودموعها تبلل وجهها دون معرفة سر بكاءها حتى فوجئ الناس بوقوعها على الأرض وتبين وفاة ابنها وزوجها. من ناحية أخرى، قص الأهالي عدد من القصص كشهود عيان حول ما حدث من فض اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة، والتي روعت سامعيها، حينما أكدوا دخول قوات الأمن على عدد من الخيام وحرقها بمن فيها وبسالة المعتصمين في ميدان رابعة أمام هذه المذبحة بصدورهم العارية، ما استغله بلطجية الداخلية والمخابرات العسكرية بقنصهم واحدا تلو الأخر من فوق الأبنية العسكرية، وحرق جثامين الشهداء حينما تمكنت بلطجية الداخلية من دخول الميدان وفض الاعتصام من حرق المسجد بالمستشفى الميداني وكان يحتوي على أكثر من ألفين شهيد قاموا بحرقهم وإزالتهم بجرافات الجيش داخل سيارات الأمن المركزي ليدفونهم كنافايات في الجبل الأحمر. كما أبكى الواقفين قصص الأهالي حول أخلاقيات شهداءهم من حفظ للقرآن الكريم والتمسك بالدفاع عن الحق والشهادات العلمية التي حصلوا عليها حيث كان أغلبهم من طلاب كليات الهندسة والطب ومنهم من تخرج فعلا ومنهم الأطباء والمهندسون والمدرسون وخريجي كليات الأزهر. على الجانب الأخر، كانت هناك نفوس متألمة أكثر لما أصابها من فقدان أبناءهم حتى أنهم بحثوا عنهم في كل المستشفيات وسألوا عنهم أسرهم في جماعة الإخوان المسلمين واصدقائهم وبحثوا عنهم في المشرحة وفي ميدان رابعة، إلا أنه لم يعرفوا عنهم شيئا، حتى أن أحد الفتيات أخذت تبحث عن خطيبها في مسجد الإيمان وفي جميع المستشفيات وسألت عنه ولم تجده، لدرجة أنها انهارت من البكاء فاضطروا لادخالها المسجد لتنظر في وجوه عدد من الشهداء لم يتم التعرف عليهم الا انها لم تتمكن من الاستدلال عليه، ليكون مصيرها فقدان من ارتضت دينه وخلقه وتأهبت للزواج منه بعد عيد الفطر.