فجأة انفجرت ظاهرة "الشحاتة" المقننة في مصر ، أصبحت البديل عن شبه دولة العسكر التي من المفترض أن تمول المشروعات الصحية وبالتحديد المستشفيات والخدمات الأخرى ، إلا أنَّه ومع دخول شهر رمضان المعظم ، اتجهت فضائيات موالية للانقلاب لمحاصرة المصريين والطرق على زوايا التكافل والإنسانية والشفقة من خلال سيل النمل من الإعلانات التي أصبحت تحاصرنا من كل زاوية على شاشات التليفزيون من قبل المستشفيات الفقيرة التي لا تجد ما تنفقه على علاج الناس حتى الغلابة والأطفال والجمعيات الخيرية من طلبات المساعدات لتلبي احتياجات الفقراء من غذاء وعلاج . استغلال محمد الخولي – خبير الإعلام الدولي – قال أن "استخدام الفقراء وأصحاب الأمراض المزمنة في جذب الناس للتبرع للمؤسسات الخيرية والجمعيات يعد "شحاتة منظمة وممنهجة" ، وهي بعيدة تمامًا عن أخلاقيات الإعلان المتعارف عليها. وأضاف في تصريحات صحفية، لابد من وجود الرقابة على تلك المؤسسات والجمعيات لمعرفة أوجه إنفاقها لتلك الأموال التي تجمعها من الجمهور، ملقيًا اللوم على الدولة في تحميل الجمهور عبء بناء المستشفيات والتبرع للنهوض بالدولة. شد الحزام الناشط السياسي سلامة عبد الحميد ، تساءل : "ممن تطلبوا تلك التبرعات ، من الشعب المطحون الغلبان ؟ والذي أغلبه من الطبقة المتوسطة التي تلبي احتياجاتها الأساسية فقط وتواجه الغلاء الفاحش للأسعار ، وهل تطلبوا التبرعات من ناس يريدوا من يتبرع لهم من أجل الوقوف في وجه الغلاء ؟ وتساءل : "أين رجال الأعمال ؟ أين أصحاب الملايين الكثيرة من السادة الفنانين والسادة القاطني "الكومباوندز" السكنية الغالية ؟ وأين وزارة التضامن الاجتماعي ومساعداتها لهؤلاء ؟ الموت في إعلان "رسالة" ! ومن مصائب العسكر ، فقد شارك الفنان هشام ماجد في إعلان جمعية "رسالة" للأعمال الخيرية ، مطالبًا الجمهور بالتبرع لصالح الجمعية ؛ لإعانة الفقراء والمرضى وكفالة اليتيم. لكن أثار "ماجد" انتقادات عديدة بسبب ظهوره خلال الإعلان مرتديًا "تي شيرت" مكتوبً عليه كلمة "Death – الموت" ؛ فبدا وكأن الملابس التي يرتديها تدعو لما يناقض الإعلان . الإعلان شارك فيه العديد من النجوم والمشاهير أيضًا، أبرزهم هند صبري، درة، ظافر العابدين، نيللي كريم، مدحت شلبي، محمد هنيدي، نيكول سابا، حازم إمام، مجدي عبد الغني. مفيش فقير في مصر الناشط الحقوقي أحمد البيلي ، سخر من حديث رئيس جمعية "الأورمان" : مفيش فقير في مصر . وقال "البيلى" عندما يخرج اللواء ممدوح شعبان مدير عام جمعية "الأورمان" ليتحدث : إن تبرعات المصريين ورجال الأعمال والمؤسسات خلال الفترة الأخيرة ارتفعت بنسبة 300%، لافتًا إلى ميزانية جميعة الأورمان كانت 300 مليون منذ 3 سنوات حتى أوشكت أن تبلغ قرابة المليار في الفترة الأخيرة. وتابع: لماذا تنشر إعلاناتك بالملايين في ظل عدم وجود فقراء بمصر؟! مردفًا : "الحقيقة إن السبوبة هي التي تجبر مثل هؤلاء لسرقة مال المصريين عبر "بوابة الخير" في رمضان" . تكلفة الإعلانات ويبلغ سعر الإعلانات في بعض الفضائيات 50 ألف جنيه لمدة 30 ثانية لمدة شهر، لتذاع الإعلانات 250 مرة على مدار الشهر لمدة 30 ثانية، فيما يبلغ سعر الإعلانات في فضائيات أخرى بين 35 إلى 40 ألف جنيه، ليكون مجمل تكلفة الإعلانات 5.66 مليون يتم إذاعة الإعلان 300 مرة لمدة 30 ثانية على مدار الشهر. أي أن تكلفة الإعلان الواحد قد تصل لأكثر من مليون جنيه، وقيمة التبرعات التي ستصل للمستشفى من هذا الإعلان حوالي 50 ألف جنيه بحد أقصى، إذن كان من الأفضل دفع قيمة الإعلان كتبرع للمستشفى أفضل . إعلانات التسول وإهانة المصريين عادل السنهوري – الصحفي بالأهرام – علق على الأمر بأن : "إعلانات التسول عبر شاشات الفضائيات طوال الشهر الكريم و الذي حوله شلة المنتفعين والمستفيدين من شركات إعلانات، وجمعيات خيرية عليها عشرات علامات الاستفهام" . وأضاف "السنهوري" : "إعلانات التسول المدفوعة الثمن لصالح شركات إعلانية أو شركة إعلانية بعينها تتم على عينك يا تاجر، ودون تدخل مسؤول من جهات الدولة المعنية لوقف هذا العبث والدجل الإعلاني الذي يطلق سهامًا قاتلة في صميم كرامة وأخلاقيات المصريين" . إعلانات رمضان .. زفة كدابة وعبر الدكتور مجدي الداغر – أستاذ الإعلام بكلية الآداب جامعة المنصورة – عن استيائه من إعلانات رمضان مؤكدًا أنَّ هذه الحملات الإعلانية الضخمة التي يقدمها نجوم الفن والرياضة والغناء في المجتمع ، وتقاضوا عليها الملايين لم تكن لله والوطن، ولا مساهمة من القنوات الفضائية في عمل الخير أو من أجل عيون مصر، وإنما تحصلت خلالها القنوات الفضائية التابعة لرجال أعمال كل الأنظمة السابقة على مستحقاتها كاملة، كما تقاضى الفنانون مستحقاتهم والتي كانت تكفي لتغطية كافة المشروعات التي يطالبون الفقراء بالتبرع لها والمساهمة في بناء مستشفيات الأورام والسرطانات . أين دور الدولة ؟! في المقابل ، تساءل أسامة هيكل – رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس نواب العسكر – قائلاً : إن إعلانات التبرعات الخاصة بعدد من المستشفيات تحتاج لنظرة من جانب الدولة، من خلال وضع خطط لدعم المستشفيات على القيام بدورها، قائلاً : "وجود إعلانات التبرعات بهذا الشكل تؤكد أن الدولة لم تقم بدورها على مستوى الخدمة الطبية وأنَّ هناك عجزًا كبيرًا في هذا القطاع" . وأضاف "هيكل" – في تصريح له – أنَّ : "أزمة قطاع الصحة ستتفاقم لأنها تعتمد بشكل رئيسي على التبرعات ، خاصة فى الأمراض عالية التكلفة مثل الأمراض السرطانية، خاصة أن استمرارها يتطلب استمرارية في وجود التبرعات وهو أمر غير مضمون" . وأضاف : "إن حجم إعلانات التبرعات التي سيطرت على التليفزيون المصري تؤكد على وجود قصور حكومي في تقديم الخدمة الطبية" ، قائلاً : "عندما أجد مستشفى 57 ، والمعهد القومي للأورام، ومستشفى بهية، ومعهد القلب، ومستشفى الحروق، ومستشفى الطوارئ التابعة للقصر العينى، ومستشفى الكبد إضافة إلى إعلانات التبرع للمرافق والتبرعات الاجتماعية، سيكون ذلك انعكاسًا لوجود قصور في أداء الحكومة تجاه دورها الأساسي" .