عقب سقوط حكم مبارك وزوال حكم العسكر– مؤقتا- وانتخاب الشعب للرئيس محمد مرسي، رفع أهالي ضحايا مجزرة مدرسة بحر البقر دعوى قضائية في أكتوبر عام 2013، بعد مرور 43 عاما على الجريمة، لمطالبة كيان العدو الصهيوني بتعويض أسر شهداء ومصابي المجزرة ماديا ومعنويا، بما لا يقل عن التعويضات التي يحصل عليها الصهاينة من ألمانيا حتى اليوم عمّا يسمى ب"الهولوكوست". وجاء في الدعوى أن "إسرائيل حصلت على مليارات الدولارات من ألمانيا، فيما يعرف بتعويضات الهولوكوست، وهو ما يعطي نفس الحق لضحايا حادث مدرسة بحر البقر"، ولكن بعد انقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي، دخلت القضية إلى "فريزر" العسكر وعادت للتجميد أمام المحاكم المصرية، ولم يتم البت في التعويضات حفاظًا على أمن المواطن الإسرائيلي، كما تعهد بذلك السيسي في خطابه أمام الأممالمتحدة. خيانة السيسي وحاليا، بسبب العلاقات الأمنية والاستخبارية العميقة التي يقيمها العسكر مع الحكومة الإسرائيلية، يستبعد مراقبون للشأن المصري فصل القضاء الشامخ في القضايا المتعلقة بمجزرة "بحر البقر"، لا سيما في ظل الخيانة التي يمارسها العسكر، ومن ضمنها تعيين سفير مصري جديد في تل أبيب بعد سحبه قبل عامين. وقبل 48 عاما من الآن أحدثت الغارتان الوحشيتان على مدرسة "بحر البقر"، رد فعل عميق لدى الرأي العام العالمي، لتتكشف وقتها أمام مرأى العالم حقيقة التخطيط العسكري الإسرائيلي الذي يستهدف المدنيين؛ إذ سبق هذه المجزرة أيضا عدد من الغارات في منطقتي "المعادي" و"حلوان" بالقاهرة، كما استهدفت مصنع "أبو زعبل"، وأخيرا مدرسة "بحر البقر". في تمام التاسعة و20 دقيقة من صباح يوم الثامن من إبريل لعام 1970، قامت الطائرات "الفانتوم" الإسرائيلية بقصف مبنى مدرسة "بحر البقر الابتدائية المشتركة" ب 5 قنابل وصاروخين، مخلفةً 30 طفلا و50 جريحاً بإصابات بليغة، من إجمالي 150 طالباً وطالبةً اعتادوا ارتياد المدرسة المذكورة. صمت الشامخ وجاء هذا القصف ضمن تصعيد الغارات الإسرائيلية على مصر لإرغامها على إنهاء حرب الاستنزاف آنذاك وقبول مبادرة "روجرز"، في حين برّرت تل أبيب المجزرة بمزاعم تفيد بأن القصف استهدف "مواقع عسكرية"، غضّت سلطات العسكر النظر عن تلك المجزرة؛ حيث امتنعت عن مقاضاة إسرائيل أو حتى التوجّه بشكوى لأي محكمة أو هيئة دولية، وهو الموقف الذي يتبناه العسكر منذ ذلك الحين حتى الآن. واستخدمت أمريكا "حق النقض" الفيتو 83 مرة في مجلس الأمن، من بينها 44 مرة لحماية إسرائيل من قرارات إدانة دولية، وذلك بالرغم من بشاعة جرائمها التي شهد بها العالم كله. وتكرّرت مجزرة "بحر البقر" في فلسطينالمحتلة، مرات عديدة، آخرها ما جرى في مدرسة "الفاخورة" الفلسطينية بغزة عام 2009، تكريساً لنهج إسرائيلي يقوم على استهداف الأطفال الأبرياء لتظل أماكنهم فارغة من أجسادهم ولكنها مرتبطة بأرواحهم وأسمائهم.