"ولا يوم من أيامك يا مرسي".. هكذا لسان حال الصحفيين والإعلاميين في مصر هذه الأيام، بعد تصاعد الانتهاكات والجرائم ضدهم، والتي لم تقتصر فقط على المعارضين للانقلاب، بل طالت أيضا من يخرج قليلا عن النص من الأذرع الإعلامية والصحفية للعسكر. وكان آخر مظاهر تلك الجرائم، قيام قوات أمن الانقلاب باقتحام موقع "مصر العربية"، وإغلاقه والعبث بمحتوياته واعتقال رئيس التحرير عادل صبري؛ وذلك على خلفية تغطية الموقع ل"مسرحية السيسي"، وإعلان المجلس الأعلى للإعلام، التابع لنظام الانقلاب، عن تغريم صحيفة "المصرى اليوم" 150 ألف جنيه، وإحالة رئيس تحرير الجريدة ومحرر خبر "حشد المواطنين بالانتخابات" إلى التحقيق. كما قرر المجلس الانقلابي فرض غرامة قدرها 50 ألف جنيه على موقع "مصر العربية"، بعد تقدم هيئة "انتخابات الانقلاب" بشكوى ضد الموقع، بعد نشره تقريرا، يوم الخميس قبل الماضى، بعنوان: "نيويورك تايمز: المصريون يزحفون للانتخابات من أجل 3 دولارات". جرائم الانقلابيين بحق أتباعهم سبقها طوال السنوات الماضية جرائم أكثر بشاعة بحق المعارضين للانقلاب، من بينها إغلاق 14 قناة تلفزيونية و3 صحف، وقتل 10 صحفيين ومصورين خلال أول شهرين، وإصابة العشرات من المراسلين والصحفيين أثناء التغطيات، واعتقال 300 صحفي ما زال منهم 100 صحفي في الحبس، واقتحام نقابة الصحفيين لأول مرة في تاريخها منذ إنشائها، ومحاكمة نقيب الصحفيين ووكيلها وسكرتيرها لدفاعهم عن نقابتهم. كما شملت الجرائم أيضا صدور عشرات قرارات حظر النشر، والعودة لإعلام الصوت الواحد، وحجب أكثر من 450 موقعا إلكترونيا، وحجب المئات من صفحات التواصل الاجتماعي وملاحقة أصحابها، وسن التشريعات المقيدة لحرية الإعلام، والاستحواذ العسكري على المنابر الإعلامية المهمة. ولم تتوقف جرائم عصابة العسكر عند الصحف ووسائل الإعلام، بل امتدت إلى المواقع الإلكترونية، حيث وافقت لجنة الاتصالات في برلمان الانقلاب، الشهر الماضي، على ما يعرف بمشروع قانون "مكافحة جرائم تقنية المعلومات"، والذي يجيز لسلطات الانقلاب حجب المواقع الإلكترونية المعارضة. ويمنح مشروع القانون المقدم من حكومة الانقلاب، سلطة التحقيق المختصة حق الأمر بحجب موقع أو عدة مواقع أو روابط أو محتوى، سواء داخل الدولة أو خارجها، حيث تنص المادة 7 من مشروع القانون الانقلابي على أنه "لسلطة التحقيق المختصة، متى قامت أدلة على قيام موقع يبث داخل الدولة أو خارجها، بوضع أى عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أية مواد دعائية، أو ما فى حكمها مما يعد جريمة من الجرائم المنصوص عليها بالقانون، وتشكل تهديدا للأمن القومى أو تعرض أمن البلاد أو اقتصادها القومى للخطر، أن تأمر بحجب الموقع أو المواقع أو الروابط أو المحتوى محل البث، كلما أمكن تحقيق ذلك فنيا، متى قامت". كما ينص المشروع الانقلابي على أنه "يجوز فى حالة الاستعجال لوجود خطر أو ضرر وشيك الوقوع من ارتكاب جريمة، أن تقوم جهات التحرى والضبط المختصة بإبلاغ الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات ليقوم بإخطار مقدم الخدمة على الفور بالحجب المؤقت للموقع أو المواقع أو الروابط أو المحتوى". ويجوز لسلطة التحقيق المختصة إلغاء الأمر الصادر منها أو تعديله، برفع اسم المدرج من قوائم المنع من السفر أو قوائم ترقب الوصول لمدة محددة، إذا دعت الضرورة لذلك، وفى جميع الأحوال ينتهى أمر المنع من السفر بمضىّ عام من تاريخ صدوره، أو بصدور قرار بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو بصدور حكم نهائى فيها بالبراءة أيهم أقرب". تلك الجرائم وغيرها جعلت منظمة «مراسلون بلا حدود»، تضع مصر ضمن أسوأ الدول في مجال الصحافة والإعلام، واحتلت وفقا للتقرير السنوى لعام 2017، المرتبة 161 من إجمالى 180 دولة.