نشرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تقريرًا عن التحركات التي بدأتها حكومة الانقلاب لطرح أسهمًا بشركات مملوكة للدولة بسوق المال، قالت فيه إن تلك الخطوة بمثابة خصخصة جديدة، وخضوع جديد من قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ونظامه لصندوق النقد الدولي. وتابعت "بي بي سي" أن السيسي يستهدف من تلك الخطوة مواجهة عجز الموازنة وجذب الاستثمار الذي تهاوت معدلاته بشكل كبير خلال السنوات الماضية، مضيفة أنه يأتي على الرغم من أن هذا العدد الكبير من الشركات المطروحة تُحقق أرباحا، إذ تصل القيمة السوقية لهذه الشركات إلى 430 مليار جنيه مصري. جاء ذلك التقرير عقب إعلان حكومة الانقلاب طرح نسب من أكثر من عشرين شركة من شركات القطاع العام في البورصة، في مدى زمني لن يتجاوز ثلاثين شهرا، ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي تبنته منذ نوفمبر 2016، والذي كان من أهم إجراءاته تحرير سعر الرصف، مما زاد الأعباء الاقتصادية على المصريين. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن خبراء اقتصاديين قولهم، إنه لا شك أن طرح الشركات المملوكة للدولة، سواء بشكل كامل أو جزئي للتداول في البورصة المصرية، يعد نوعا من أنواع الخصخصة، مثلما حدث خلال عهد المخلوع مبارك، لافتين إلى أن التساؤل الحقيقي يتمثل في أسباب تلك الخصخصة، خاصة مع تحقيق تلك الشركات لأرباحٍ. الدكتور عمرو عادلي، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، قال إن هذه العملية تأتي كموجة جديدة من خصخصة القطاع العام، حتى وإن اختلفت طريقة البيع عن تجارب الخصخصة السابقة، مضيفا أنه من المحتمل أن تساهم فكرة الطرح في البورصة (بدلا من البيع المباشر لمستثمر رئيسي)، في رفع قيمة الأسهم، خاصة في الخصخصة الجزئية، لأنه بالطبع ليس سهلا الإتيان بمستثمر واحد ليدخل في شراكة مع أطراف حكومية ستحتفظ بالأغلبية، وبالتالي بحق الإدارة. وتابع أن الهدف من الطرح بهذه الطريقة هو درء الشبهات حول عمليات تقييم الأصول، التي شابها الفساد، أو سوء الإدارة، أو انعدام الكفاءة في فترة حكم مبارك. ورغم قوة الشركات المطروحة، إلا أن البعض يشير إلى أن الطرح الجزئي، مع احتفاظ حكومة الانقلاب بالنسبة الأكبر، وبالتالي إدارة هذه الشركات، سيدفع المستثمرين للعزوف عن عمليات الشراء. وأعلن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي رفضه لقرار البيع الذي أعلنته حكومة الانقلاب، ووصف الشركات المطروحة ب"القطاعات الاستراتيجية الحاكمة للاقتصاد الوطني". وقال الحزب- في بيان له- إن عمليات الخصخصة التي تنفذها سلطة الانقلاب يمكن أن تفتح طريقا يتضمن خطوات أخرى، من السكة الحديد إلى الكهرباء والمياه. ولم لا، فربما قناة السويس ذاتها، منتقدا توجيه عائد عملية البيع هذه لسد عجز الموازنة إذ أن ال 80 مليار جنيه مصرى لن تكفى لسداد سوى نسبة محدودة، لا تزيد على 18 فى المائة، من عجز الموازنة الضخم، الذى يصل مبدئيا هذا العام إلى 432 مليار جنيه.