سعر الذهب اليوم الجمعة في مصر ينخفض مع بداية التعاملات    لتضامنه مع طلاب محتجين.. إيقاف رئيس حرم جامعي بكاليفورنيا    موعد مباراة الأهلي والترجي في ذهاب نهائي أبطال أفريقيا 2024    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    موعد مباراة الأهلي والزمالك في نهائي دوري اليد والقنوات الناقلة    العظمى بالقاهرة 35.. "الأرصاد": موجة حارة ورياح واضطراب الملاحة بهذه المناطق    بعد 12 يوما على غيابه عن المنزل.. العثور على جثة طفل داخل بالوعة صرف صحي بالإسكندرية    ضبط زجاجات مياه غازية ولحوم مذبوحة خارج السلخانة ببني سويف    الإثنين.. المركز القومي للسينما يقيم فعاليات نادي سينما المرأة    لطيفة تحتفل بعيد ميلاد عادل إمام: "من أكتر الناس اللي وقفوا جمبي لما جيت مصر"    "زووم" برنامج للأنشطة الصيفية في متحف الطفل    دعاء يوم الجمعة المستجاب.. «اللهمَّ اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أعمارنا أواخرها» ردده الآن    هل يمكن أن يؤدي الحسد إلى الوفاة؟.. الأزهر للفتوى يجيب    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    أسعار الحديد اليوم الجمعة 17-5-2024 في أسواق محافظة المنيا    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أستراليا تفرض عقوبات على كيانات مرتبطة بتزويد روسيا بأسلحة كورية شمالية    أين وصلت جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل؟    السفير سعيد أبوعلى الأمين العام المساعد بجامعة الدول العربية ل«روزاليوسف»: تحركات عربية مكثفة لملاحقة المسئولين الإسرائيليين أمام «الجنائية الدولية»    أسعار السمك اليوم الجمعة 17-5-2024 في محافظة قنا    فرصة استثمارية واعدة    كريم الحسيني يقلد الزعيم عادل إمام احتفالا بعيد ميلاده (فيديو)    تركيا تجري محادثات مع بي.واي.دي وشيري لبناء مصنع للسيارات الكهربائية    موعد مباراة النصر والهلال والقنوات الناقلة في الدوري السعودي    «الأوقاف» تعلن افتتاح 12 مسجدا منها 7 إحلالا وتجديدا و5 صيانة وتطويرا    احذر.. قلق الامتحانات الشديد يؤدي إلى حالة نفسية تؤثر على التركيز والتحصيل    تقنية غريبة قد تساعدك على العيش للأبد..كيف نجح الصينيون في تجميد المخ؟    سيولة مرورية وسط كثافات محدودة بشوارع القاهرة والجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 17 مايو 2024    فيرشينين: روسيا مستعدة لتوسيع مساعداتها الإنسانية لسكان غزة    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    النواب الأمريكي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إمداد إسرائيل بالأسلحة دون انقطاع    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    النمسا تتوعد بمكافحة الفساد ومنع إساءة استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي    بركات: الأهلي أفضل فنيا من الترجي.. والخطيب أسطورة    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    ملف يلا كورة.. موقف شيكابالا من النهائي.. رسائل الأهلي.. وشكاوى ضد الحكام    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    «رايحة فرح في نص الليل؟».. رد محامي سائق أوبر على واقعة فتاة التجمع    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    "كاميرا ترصد الجريمة".. تفاصيل تعدي شخص على آخرين بسلاح أبيض في الإسماعيلية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» .. موضوع خطبة اليوم الجمعة    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبدالرحمن البر يكتب: هَلْ يَتَخَلَّى الرَّحْمَنُ عَنْ أَوْلِيَائِه؟!.. هذا جوابُ القُرْآنِ العَظِيم

الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِه ومَنْ والاه.
وبعدُ؛ فقد يستبطِئُ البعضُ نصرَ اللهِ عزَّ وجلَّ لأهلِ الحقِّ، وقد يَهُولُه تسلُّطُ الظَّلَمةِ والمفسِدين على دُعاةِ الحقِّ والعدْلِ والخيرِ، وقد يستفزُّ مشاعرَه هذا الطغيانُ الكبيرُ، وهو يرى الباطلَ مُدجَّجًا بقوى: السلاحِ الغاشمِ، والقضاءِ الظالمِ، والمؤسساتِ الفاسدةِ، والإعلامِ الصاخبِ، والنفاقِ الماجنِ باسمِ الدين، وبقوةِ الإسنادِ الماديِّ والمعنويِّ المجرمِ من القوى الإقليميةِ والدوليةِ الكارهةِ للإسلامِ، والرافضةِ للحقِّ ولحريةِ الشعوبِ وكرامةِ الإنسانِ، بينما الحقُّ لا ظهيرَ لأصحابِه إلا اللهُ تعالى، والأحرارُ من الناس.
وكلما ازداد عنفُ الظَّلَمَةِ وبطشُهم يثورُ السؤالُ المكتوم: إذا كان الظالمون يتوَلَّى بعضُهم بعضًا فهل يتخلَّى اللهُ عن أوليائه؟.
وحتى تتجلَّى الحقيقةُ لا بدَّ أن نعرفَ حقيقةَ الولايةِ وأسبابَ استحقاقِها وأسبابَ سقوطِها، وآثارَها على أولياءِ الرحمن.
(1) معنى الولايةِ وأمارةُ صِدْقِها
الولايةُ تعني المحبةَ والنُّصْرَةَ، فَالْوَلِيُّ سبحانه يَنْصُرُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ لأنه يُحبُّهم، والوليُّ من العبادِ: مَنْ توالتْ طاعاتُه للهِ، فتوالى عليه إحسانُ الله وأفضالُه، وتولَّى اللهُ أمرَه فحفظه من المحن، وثبَّته على الحقِّ، فتيقَّنَ بأنَّ الأمرَ كلَّه في يدِه سبحانه "قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا" أي مَنْ الذي يحقِّقُ لكم من دونِه مَرْجُوًّا؟ ومن الذي يصرفُ عنكم دونَه عَدُوًّا؟.
"مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ" أي لا معتمدَ ولا مستندَ تُعَوِّلُون عليه، سوى مطلقِ عنايتِه ورحمتِه، فإذا لم يُرِدْ بكم خيرًا فلا أحدَ يقدرُ على نصرِكم، وإذا لم يُعْنَ بشأنِكم فلا أحدَ يقدرُ على نفعكم "قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ".
والذين يظنُّونَ أنَّ غيره -مهما كانت قُوَّتُه- يمكنُ أن يفيدَهم عِزًّا أو نفعًا واهمون "بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا. الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا".
والذين يمدُّون أيديَهم وأعناقَهم لأعدائِه سِرًّا، ويُلْقُون إليهم بالموَدَّة؛ ظنًّا أنهم سيحمونهم ضالُّون "تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ".
إنه عنوانٌ واحدٌ لا غير للولايةِ الصحيحةِ "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ. وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ".
ومن علاماتِ صدقِ ولايةِ العبدِ: أنَّه لا يخشَى من الموت، لأنه يُوَصِّلُه إلى الكرامةِ العُظمى بلقاءِ المحبوبِ سبحانَه، ولهذا فهو شجاعُ النفسِ ثابتُ الجَنَان لا يستخِفُّه التهديدُ، وقد ادَّعى اليهودُ أنهم أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ, وأولياؤُه من دونِ الناس، فكشف اللهُ كذبَهم، فقال لهم "إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِين".
أما يوسفُ عليه السلامُ الوليُّ حقًّا فقال: "فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِين".
(2) المستحقون للولاية
(1) المؤمنون:
"وَاللَّهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ" لأنهم تولّوا دينَه، فتولَّاهم اللهُ بالعونِ والنصرةِ والقُرْبةِ والمثوبة "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ" فهو المتولِّى لأمورِهم، والمتفرِّدُ بإصلاحِ شئونهم، يخرجُهم من ظلماتِ الشكِّ والخوفِ والجهلِ والضلالِ، ويدخلُهم في ظلِّ عنايتِه وأنوارِ توفيقِه وهدايتِه "لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".
(2) الصالحون:
?إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ?، فمن قام بحقّ الله تولّى أمورَه على وجه الكفاية، ولا يدَعُ شيئًا من أحوالِه إلّا أجراه على ما يريدُه بحسنِ أفضالِه، فيتولَّاه في نفسِه في حياتِه وبعد مماتِه، ويتولَّاه في ذريتِه من بعده.
(3) المتقون:
"إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ" أي إن أراد سبحانه بك نعمةً فلا يمنعُها أحدٌ، وإن أراد بك فتنةً فلا يصرفُها عنك أحدٌ، فلا تُعلِّقْ بمخلوقٍ فكرَك، ولا تتوجَّهْ بضميرِك إلى غيره، وثِقْ بربّك، وتوكَّلْ عليه "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ".
(3) أسباب سقوط الولاية
(1) اتباع هوى النفس أو هوى الغير:
"وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ"، وقال تعالى "وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ".
قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: «اتَّقُوا اللَّهَ مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ، وَخُذُوا طَرِيقَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَقَمْتُمْ لَقَدْ سبقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا، وَلَئِنْ تَرَكْتُمُوهُ يَمِينًا وَشِمَالًا لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا أَوْ مُبِينًا»
(2) عمل السوء:
"لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا"
(3) الاستكبار والإعراض عن أمر الله:
"وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا?، ?فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ".
(4) الركون إلى الظالمين:
"وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ" أي لا تعملوا أعمالَهم، ولا تَرْضَوْا بأعمالِهم، ولا تمدحُوهم على أعمالِهم، ولا تُسَاكِنُوهم بقلوبِكم، وعنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «خَصْلَتَانِ مِنَ الْعَبْدِ إِذَا صَلُحَتَا صَلُحَ مَا سِوَاهُمَا: الرُّكُونُ إِلَى الظَّلَمَةِ، وَالطُّغْيَانُ فِي النِّعْمَةِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ"، وَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي"".
(5) عدم إجابة داعي الله:
قال تعالى "وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" هذا بيانٌ لاستحالةِ نجاتِه مِنْ أمرِ الله بواسطةِ الغيرِ، إثرَ بيانِ استحالةِ نجاتِه بنفسهِ.
(4) آثارُ ولاية الله لعبده
(1) ولايةُ الله حماية من الفشَل والتخاذُل:
"إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" أَيْ: تَجْبُنَا وَتَضْعُفَا وَتَتَخَلَّفَا، وقد أخرج الشيخان عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: نَحْنُ الطَّائِفَتَانِ بَنُو حَارِثَةَ، وَبَنُو سَلِمَةَ، وَمَا نُحِبُّ -وَمَا يَسُرُّنِي- أَنَّهَا لَمْ تُنْزَلْ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ: "وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا".
وفي الآية دليلٌ واضحٌ على أن أهلَ ولايةِ الله لا يتقلَّبُون إلا بتصريفِ القبضةِ، وتقليبِ القدرةِ، وأنَّ اللهَ يعصمُهم من الفشَل والتراجُع.
(2) ولايةُ الله تطمئن من الخوف والحزن:
"أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ"
قيل: إنه "لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ": فى الدنيا، "وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ": فى العاقبة.
ولكنَّ الأوْلَى أن يُقال: إنّهم لا يصيبُهم الخوفُ ولا الحزنُ في الدنيا؛ لأنهم فى رَوْحِ الرِّضا بكلِّ ما يجرى به القَدَرُ، ولا في الآخرةِ؛ لأنهم يُبَشَّرون بالنعيمِ المقيم.
(3) الملائكة أولياء المؤمنين في الدنيا والآخرة:
"إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" بالمحبةِ، وبالإيمانِ، وبالرضا بالقضاءِ، "وَفِي الْآَخِرَةِ" بالغفران، وبالقربةِ باللقاءِ في دار البقاء.
(4) ولايةُ الله كفاية ونصرة:
"وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا" أَيْ: كَفَاكُمْ وَحَسْبُكُمْ بِاللَّهِ رَبِّكُمْ وَلِيًّا، يَلِيكُمْ وَيَلِي أُمُورَكُمْ بِالْحِيَاطَةِ لَكُمْ وَالْحِرَاسَةِ مِنْ أَنْ يَسْتَفِزَّكُمْ أَعْدَاؤُكُمْ عَنْ دِينِكُمْ، أَوْ يَصُدُّوكُمْ عَنِ اتِّبَاعِ نَبِيِّكُمْ، وَحَسْبُكُمْ بِاللَّهِ نَاصِرًا لَكُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ وَأَعْدَاءِ دِينِكُمْ, وَعَلَى مَنْ بَغَاكُمُ الْغَوَائِلَ, وَبَغَى دِينَكُمُ الْعِوَجَ، وفي بعض الآثار: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ابْنَ آدَمَ إِذَا ظُلِمْتَ فَاصْبِرْ، وَارْضَ بِنُصْرَتِي؛ فَإِنَّ نَصْرِي لَكَ خَيْرٌ مِنْ نُصْرَتِكَ لِنَفْسِكَ".
(5) ولايةُ الله غوثٌ ونجدةٌ بعد الاستيئاس والقنوط:
"وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ" وقِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَجْدَبَتِ الْأَرْضُ وَقَنَطَ النَّاسُ. قَالَ: «مُطِرُوا إِذًا» وتلا هذه الآية.
وَالْقُنُوطُ لَيْسَ يَقِينًا أَنّ الْمَطَرَ لَا يَكُونُ، وَلَكِنّ الْيَأْسَ دَخَلَهُمْ حِينَ تَطَاوَلَ إبْطَاؤُهُ، فجاءهم بعد طولِ انتظارٍ، وهو كقوله تَعَالَى "حَتّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرّسُلُ وَظَنّوا أَنّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا". فمهما تأخَّر النصرُ فهو آتٍ لا محالةَ لأوليائِه الذينَ يطلبونَ ولايتَه ونصرتَه في مواجهةِ الظلمِ والظالمين "لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ".
وفي الجملة: ما خاب له وليٌّ، وما ربح له عدوٌّ، وهو سبحانه يُدَمَّرُ على أعدائِه تدميرا، ويُوَسِّعُ لأوليائه فضلا كبيرا.
فهل تتصوَّرُ بعد هذا أن يتخلَّى الرحمنُ عن أوليائِه إذا حقَّقُوا في واقعِهم معنى الولايةِ حقا؟.
اللهم اجعلْنَا من أهلِ ولايتِك، واسلُك بنا سبيلَ أهلِ طاعتِك، وأدخِلْنا في أهلِ رحمتِك، وعجِّل لنا بنُصْرتِك "وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا".
———-
نقلاً عن "إخوان أون لاين".
المقالات لا تعبر عن رأي بوابة الحرية والعدالة وإنما تعبر فقط عن آراء كاتبيها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.