"صفقة القرن" التي أتت بالسفيه قائد الانقلاب إلى سدة الحكم، وكانت أحد أهم أسباب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب للبلاد، ليست بين طرفين بل هي تعبير عن غطرسة الحلف الصهيوأمريكي، ومحاولة لفرض إرادة الاحتلال الصهيوني وشروطه وتصوراته لإغلاق الملف الفلسطيني، وأياً تكن طبيعة تلك الصفقة التي يجري الإعداد لها بالدم والقتل والتهجير على أرض سيناء؛ فإن هذا النوع من "الصفقات" مهما جرى تزويق عناوينه، فإن مصيره إلى مزبلة التاريخ، وليس إلى صناعة مفاصله وتوجيه مساراته. يقول الكاتب الصحفي أحمد حسن الشرقاوي: "تخيل لو أن إسرائيل قامت باجتياح شامل لقطاع غزة بكامل قوتها العسكرية بينما تسمح قوات السيسي للغزاويين المدنيين بعبور الحدود بأعداد كبيرة لدواع إنسانية.. ألا تعتقد أن تلك الخطة الصهيونية ستكون خطوة رئيسية في تنفيذ "صفقة القرن" وتصفية قضية فلسطين؟!". ويخشى مراقبون أن تكون الإجراءات التي تسربت من وزارة الصحة بحكومة الانقلاب برفع درجة الاستعداد القصوى بجميع مستشفيات محافظة الإسماعيلية، وأثارت موجة من القلق والتوجس في الأوساط السياسية والشعبية، خوفا من إقدام السفيه السيسي على مجزرة جديدة بحق أهالي سيناء، يتزامن مع التحضير لاجتياح إسرائيلي موسع للضفة الغربية. إعلان حرب وتساءل المذيع حمزة زوبع، خلال برنامجه "مع زوبع" على قناة مكملين مساء الأربعاء، عن السر وراء رفع حالة الطوارئ بمستشفيات الإسماعيلية؟ وهل له علاقة بعملية متوقعة للجيش في سيناء ووجود تخوفات من سقوط قتلى ومصابين بأعداد كبيرة؟ من جانبه أرجع الإعلامي محمد ناصر قرار وزارة الصحة بحكومة الانقلاب برفع حالة الطوارئ بجميع مستشفيات محافظة الإسماعيلية، إلى قرب بدء عملية عسكرية موسعة بسيناء، مضيفا أن رفع حالة الطوارئ ليس خوفا على أبناء سيناء ولكن تحسبا لوقوع ضحايا ومصابين بين أفراد قوات الجيش. وأضاف ناصر خلال برنامجه "مصر النهاردة" المذاع على قناة مكملين مساء الأربعاء أن تلك إجراءات تحدث في حالة إعلان الحرب فقط. مذابح شمال سيناء رغبة نتنياهو واليمين الصهيوني في تصفية القضية الفلسطينية واختزال الوجود الفلسطيني في غزة الكبرى ودفعها نحو مصر والتي لا يرفضها السفيه السيسي راغباً أو متساوقاً، تواجه عقبات أهمها رفض الشعب المصري للتنازل عن أي أرض، والوجود الديمغرافي في شمال سيناء رفح والشيخ زويد والعريش، واعتراض قطاعات واسعة من جهات سيادية (وزارة الخارجية وجهاز المخابرات العامة)، وكان على السيسي تفكيك هذه العقبات بخطوات وإجراءات عملية، ونجح في تحقيق جزء منها وحولها واقعاً على الأرض: – تدمير مدينة رفح بالكامل عبر المراحل الأربع للمنطقة العازلة التي يبلغ عمقها ألفي متر (ما زال العمل جارياً في المرحلة الرابعة)، تحت عنوان وقف التهريب وقطع خطوط الإمداد. – تهجير حوالي 75% من سكان مدينتي رفح والشيخ زويد (عدد السكان حوالي 140 ألفاً قبل عام 2013 منذ بداية العمليات العسكرية في سيناء بعد الانقلاب العسكري). – الضغط الإنساني والعسكري على ما تبقى من سكان رفح والشيخ زويد، وسكان العريش وبئر العبد عبر سلسلة طويلة من الإجراءات من قبيل القصف العشوائي والاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري وتقييد الحركة وتقنين الحاجات الأساسية. – الاستثمار في صناعة ما يسمى "مكافحة الإرهاب في سيناء" لأسباب لا مجال لذكرها، لإضافة أسباب أخرى لتحويل حياة السكان إلى جحيم، عبر تحديد نشاطات الجماعات المسلحة دون القضاء عليها لطالما تخدم الهدف البعيد بتفريغ سكان شمال سيناء. الفصل الأخير وفي السياق ذاته قال يحيى عقيل النائب عن محافظة شمال سيناء ببرلمان 2012، إن وزارة الصحة بحكومة الانقلاب رفعت درجة الاستعداد بمستشفيات شمال سيناء أيضا وألغت إجازات عمال الإسعاف والعاملين بالمستشفيات وتم انتداب أكثر من 20 سيارة إسعاف للمحافظة من محافظات مجاورة. وتوقع "عقيل" -في مداخلة هاتفية لبرنامج مصر النهاردة على قناة مكملين، مساء أمس الأربعاء- إطلاق قوات الجيش عملية عسكرية استثنائية في المنطقة، ينتج عنها وقوع عدد كبير من الضحايا والمصابين. وتوقع أن تكون تلك الاستعدادات إما لتنفيذ عملية موسعة ضخمة على قطاع غزة في ضوء وجود استعدادات على الحدود مع غزة وحشد جيش الاحتلال على الحدود مع غزة، أو إخلاء كامل للمنطقة من الشيخ زويد والعريش إلى رفح خلال شهر فبراير وفق ما سربه عدد من ضباط الجيش للأهالي. وقال أبو الفاتح الأخرسي، الكاتب المتخصص بالشأن السيناوي، إن تعزيزات عسكرية كبيرة وصلت إلى سيناء خلال الأيام الأخيرة وتحركت باتجاه المنطقة الحدودية، كما ان هناك تحركات عسكرية في المنطقة الجنوبية في رفح والشيخ زويد تزامنا مع قصف مدفعي على تلك القرى، وسط تجريف كامل لمزارع ومنازل الأهالي حول مطار العريش. وأضاف الأخرسي، في مداخلة هاتفية لقناة مكملين، مساء أمس الأربعاء، أن تلك التعزيزات تأتي تمهيدا لإنهاء الفصل الأخير من صفقة القرن التي أعلن عنها عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري. وفي السياق ذاته، كشف مصدر أمني أن مديرية أمن شمال سيناء قامت بإلغاء الراحة لجميع الضباط والجنود، وتمّ استدعاء الجميع إلى المديرية. وخلال الساعات القادمة، سيعمل جهاز الشرطة في محافظة شمال سيناء بقوته الرئيسية والاحتياطية بدون إجازات للأفراد، بحسب المصدر. وكانت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية قد نقلت، الشهر الماضي، عن مصدر أمني، فضّل عدم ذِكر اسمه، قوله إن إمدادات عسكرية إضافية وصلت إلى العريش، والشيخ زويد، ورفح، وأضاف المصدر إنه تمّ تزويد الكمائن الأمنية في شوارع مدينة العريش، بتحصينات مستوردة تمّ تصنيعها خصيصًا للتصدي لهجمات السيارات المفخخة وقذائف (آر بي جيه)، بينما كان التأمين السابق يعتمد على الكتل الإسمنتية وأكوام الرمال فقط.