غلاء متزايد وعدم القدرة على مجابهة التضخم، وسيطرة فئة بعينها على موارد البلاد وارتفاع في معدلات البطالة وتفاقم الديون، هذا هو الوضع الحالي لمصر تحت الحكم العسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي، الذي فشل جذريا في الملف الاقتصادي، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان أجواء ما قبل ثورة يناير. وأشارت الوكالات الأجنبية إلا أنه على الرغم من الترديد المستمر لإعلام السيسي وحكومته بأن هناك إنجازات اقتصادية إلا أن ذلك لم يمنع الغليان الذي يشهده الشارع المصري منذ بدء نظام الانقلاب في اتخاذ الإجراءات التي من شأنها زادت من أعباء المواطنين انصياعا لمتطلبات صندوق النقد الدولي، والتي جعلت المصريين في تأهب مستمر للانتفاض ضد هذا النظام الغاشم. قالت وكالة رويترز إن الدين الخارجي لمصر قفز بنسبة 41.6% على أساس سنوي إلى 79 مليار دولار في ختام السنة المالية 2017/2016 التي انتهت في 30 يونيو الماضي، ليسجل 33.6% من الناتج المحلي الإجمالي، لافتة إلى أن الأعباء المالية زات على المصريين، حيث شهد عام 2017 تطبيق زيادة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 1% ليصبح إجمالي الضريبة 14% في يوليو بدلا من 13%، وأضافت الوزارة أن نظام الانقلاب عمل خلال العامين الماضيين على تنفيذ مطالب صندوق النقد الدولي والتي رفعت معدلات الفقر بين المصريين، والتي تمثلت في فرض ضريبة القيمة المضافة وتحرير سعر الصرف وخفض الدعم الموجه للكهرباء والمواد البترولية، في محاولة من لإنعاش الاقتصاد المنهار وقالت الوكالة الألمانية إن السيسي ونظامه زادوا من أزمات المصريين ويدفعونهم بقوة نحو الثورة دون أن يشعروا، مثلما كان الوضع قبل يناير 2011، مشيرة إلى إعلان البنك المركزي المصري قبل أسابيع فتح حساب مصرفي لتحصيل كسور الشيكات أو ما يعرف ب«الفكة» والذي يوضح أن نظام الانقلاب لم يكتفِ بإفقار المصريين بل إنهم يسعون للحصول على الفكة التي تمثل أهمية للفئات الأكثر فقرا. وأكدت وكالة الأناضول أن تحسين الوضع الاقتصادي كان أحد الوعود لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، مشيرة إلى أن النتائج والمعدلات الأخيرة أثبتت فشله في تحقيق هذا الوعد، وباتت تشير إلى قرب انتفاضة المصريين ضده. وأضافت الوكالة أن الغلاء الذي يعد أحد المشاكل المؤرقة للطبقات المحدودة والمتوسطة في مصر، بات يمثل تهديدا حقيقيا للنظام في مصر، مشيرة إلى أن حكومة الانقلاب اعترفت بتلك الأزمة، من خلال التقارير الصادرة عنها. ولفتت الوكالة إلى أن معدل التضخم صعد في مصر بنسبة 30.7% خلال 2017 مقارنة بالعام السابق له، وفق بيان للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مشيرة إلى أن التضخم في مصر بدأ موجة صعود متسارع منذ تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، في 3 نوفمبر 2016، وترك سعر العملة المحلية يتحدد وفق آليات العرض والطلب، مما يعني أن الوضع يسير من سيئ إلى أسوأ. وعن الوضع الاستثماري أكدت المؤسسة المالية والاستثمارية «هيرميس» الأشهر بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن أكثر من نصف المستثمرين في مصر يرون أن المعوقات الاستثمارية كبيرة جدا، خاصة أسعار الفائدة، التي لجأ إليها نظام الانقلاب حتى يتمكن من توفير سيولة بالبنوك. وقالت المؤسسة إنه منذ قرار تحرير سعر صرف الجنيه في 3 نوفمبر 2016، رفع المركزي المصري أسعار الفائدة الأساسية بنسبة 7% على ثلاث مرات لتصل إلى 18.75% للإيداع و19.75% للإقراض، لافتة إلى أن المستثمر بشكل عام لا يحتاج إلا إلى الثقة ووضوح الرؤية وعدم البيروقراطية في الإجراءات وخاصة من المحليات، وهذا ما لا يتوافر في مصر تحت الحكم العسكري.