سليمان خاطر مات مقتولا، مات علشان مقدرش يخون"، تلك الكلمات التي رددها الآلاف المصريين في شوارع مصر وجامعاتها، قبل 33 عامًا، مرت على رحيل المجند "سليمان خاطر" داخل محبسه، وسط روايات وشهادات متواترة عن ضلوع أمن الدولة وجهاز المخابرات في تصفيته بدم بارد، بعد مطالبات صهيونية بتسليمه لإسرائيل، بعد أن قتل بسلاحه الميري 7 صهاينة، خلال اقتحامهم الحدود المصرية أثناء خدمته في أحد النقاط الأمنية. وذلك في يوم 5 أكتوبر من عام 1985م، عندما كان المجند سليمان خاطر يحرس نقطة حدودية على الحدود المصرية الفلسطينيةالمحتلة، التي يعتبرها العدو الصهيوني تابعه له، حيث إنه بدأ يومه كما يفعل دائمًا وكما هو مشهور عنه بين زملائه، متأهبًا بسلاحه الميري طوال الوقت وموجهًا إياه ناحية أماكن تواجدهم، خشية هجومهم، فهو كان يعلم بمكر الصهاينة كالكثيرين من المصريين، على الرغم من توقف الحرب منذ سنوات، إلا أنه لم يقتنع بذلك. وظل "خاطر" متأهبًا كعادته، حتى مر مجموعة من الصهاينة، طلب منهم المجند الوقوف لكنهم لم يلتفتوا له، فقام بإطلاق الرصاص، فأسقط سبعة منهم وفر البقية هاربين من أمام رصاصاته. وكانت النقطة الحدودية التي كان يحرسها "خاطر" في منطقة تسمى "رأس برقة"، تقع بين طابا ونويبع، ولا توجد فيها حياة سوى لعدد قليل من بدو سيناء الرحل. وليست لها أي سمعة أو شهرة سياحية.. وهو ما يدحض مقولات أنهم سياح ضلوا الطريق، ويؤكد ما ذهب إليه حس البطل سليمان خاطر، ويكشف عن خيانة العسكر الذين صفوه في محبسه. البطل أيمن محمد حسن أيمن حسن وواصل العسكر خيانتهم لتضحيات وبطولات المصريين أيضا، وهو ما حدث مع البطل أيمن محمد حسن.. وفي 26 نوفمبر 1990م قام الجندي أيمن محمد حسن بتنفيذ عملية عسكرية على الحدود المصرية الفلسطينيةالمحتلة، أسفرت عن مقتل 21 إسرائيليا وإصابة عشرين آخرين وإتلاف ست سيارات، عندما رأى أحد الجنود الإسرائيليين وهو يمسح حذاءه بالعلم المصرى، واشتعل الغضب في قلبه بعدما رأى الجندى الإسرائيلى وهو يمارس الجنس مع مجندة إسرائيلية على العلم المصرى. فقد نجح البطل المصري في عبور الأسلاك الشائكة على الحدود مع إسرائيل، ثم قام بإعداد كمين عسكري للاختفاء بداخله، وعندها لمحته سيارة تحمل إمدادات وأغذية، قرر أن يتعامل معها فقام بقتل سائقها، ثم فوجئ بعدها بسيارة أخرى تابعة للمخابرات الإسرائيلية في طريقها لمطار النقب وكان يقودها ضابط كبير برتبة عميد، فقتله أيضا، وتبين عقب ذلك أنه كان يعمل بمفاعل ديمونة النووى. بعد ذلك، فوجئ المجند المصرى باقتراب أتوبيس يحمل جنودًا وفنيين عاملين بمطار النقب العسكري الإسرائيلى يمر عبر بوابة أمن المطار الخارجية في طريقها نحوه، ومن هنا اتخذ البطل المصرى أيمن حسن من هذا الأتوبيس هدفًا لعمليته العسكرية. وبمجرد اقتراب الأتوبيس منه أطلق الرصاص على سائقه فأفرغ في صدره خزينة سلاح كاملة، ثم وصل الأتوبيس الثانى، ويحمل بداخله ضباط مطار النقب العسكري الإسرائيلى، وقام بإجراء مناورة للتمويه حتى يشاهد الضباط الأتوبيس الأول المضروب، فيتوقفوا ليحاولوا إنقاذ ركابه الجرحى، وبالفعل توقف الأتوبيس، فقام بإطلاق النيران عليهم إلى أن لقي السائق مصرعه، كما لقي 4 ضباط آخرون حتفهم. ولم يتوقف أيمن عن إطلاق الرصاص إلا بعد إصابته بطلقة سطحية بفروة رأسه، وبعدها تماسك حتى نجح في الاختباء ومواصلة إطلاق النيران عليهم، وقابله قائد المنطقة العسكرية الذي قال له: "أشعر بالفخر لما قمت به".. وتمت بعدها محاكمة أيمن حسن عسكريًا، وحكم عليه بالسجن 12 عاما. وخرج في عام 2000 وقبل ذلك ترك أيمن حسن رسالة لوالده يقول له إن ابنك مات شهيدا في سبيل الوطن والدين. وخرج البطل من السجن ليتعامل معاملة السوابق وتعرض لمضايقات جهاز أمن الدولة له وعمل سباكا مع اسطي كبير، حيث إن البطل من محافظة الشرقية ويقيم بالزقازيق، وكانت أمن الدولة تستدعي الاسطي السباك باستمرار لأن أيمن يعمل معه عامل سباك وقرر البطل أنه يترك الشغل ويعمل باليومية. وأكد أن الفقر كان صاحبه خلال عشر سنوات وبفضل الله تأتي ثورة 25 يناير يحصل على وظيفة بمجلس الدولة بالزقازيق. الإخوان في حرب فلسطين الإخوان قي حرب فلسطين وسبق خيانات العسكر بحق الأبطال ومن قاموا ببطولات قومية ضد الصهاينة، من أمثال خاطر وحسن، اعتقال مجاهدي الإخوان الذي أبلوا بلاء حسنا في فلسطين في عام 1948. وبدأ بئر الحيانة في التصاعد، فبعد أن رفض العرب قيام دولة إسرائيل المزعومة، أعلن النقراشي أنه سيحمي المجاهدين الفلسطينيين ممثلين في مفتي فلسطين سماحة الحاج أمين الحسيني رحمه الله، الذي نزل إلى أرض مصر هو وابن أخيه القائد الشهيد عبد القادر الحسيني في عام 1946م، حيث جاؤوا يجهزون لمعركتهم الفاصلة لاستنقاذ وطنهم السليب فلسطين، وأعطى تصريحًا للإخوان بجمع مختلف الأسلحة والمفرقعات اللازمة لهذه المعركة الفاصلة وتزويد الهيئة العربية العليا بها. وقد أدى الإخوان المسلمون هذا الدور على أحسن ما يكون الأداء وأفضل، كما صرّح لهم النقراشي بالتدريب على استعمال الأسلحة والمفرقعات على أرض مصر دون حظر أو قيد، حتى يمكنهم من المساهمة إيجابيا في تحرير فلسطين، مع إخوانهم من رجال الهيئة العربية العليا. كل هذه الشواهد والأعمال جعلت الإخوان المسلمين يطمئنون تمامًا إلى صدق النقراشي باشا في كل ما يفعل أو يقول، فوقفوا بمتطوعيهم جنبًا إلى جنب مع قوات الجيش المصري مضحين بكل مرتخص وغال.. وبعد قبول الدول العربية الهدنة الأولى والثانية، حيث استطاع العدو خلال الهدنة الأولى جلب أنواع جديدة من الأسلحة الثقيلة والطائرات الضخمة، وحين آنس اليهود في أنفسهم القوة والإعداد ضربوا بالهدنة الثانية عرض الحائط. فبعد أن كان بين قوات الجيش المصري وبين تل أبيب عدة كيلومترات فقط، اشتد الضغط على خطوط الجيش الأمامية، مما اضطر قيادته إلى تقصير خطوطه والتخلي عن عدة مناطق منها المجدل وأسدود والتجمع في منطقة رفح-غزة، تاركين خلفهم قوة قوامها خمسة آلاف جندي محاصرة في الفالوجا، لم تستطع الإفلات واللحاق بالجيش المنسحب إلى غزة دون سبب ظاهر. والغريب أن تصدر الأوامر بالانسحاب من هذه المناطق الشاسعة دون أن يبذل الجيش المصري أي مجهود في ضرب فصائل العدو التي أخذت تقطع الطرق على إمداداته، ودون أن يتعرض الجيش لهجوم جدي يضطر بسببه إلى الانسحاب. ولم يعد هناك من أمل في إنقاذ فلسطين، بعد أن أصبحت قوة الجيش كلها متجمعة في منطقة رفح-غزة بأوامر عليا، ولواء الفالوجا الذي كان مقررًا أن يحتل بئر سبع محاصر في الفالوجا، لا يستطيع حراكًا. وتركز الأمل في أن يقوم متطوعو الإخوان بهذا الواجب الكبير وهو فك حصار الفالوجا، وقد تقدموا فعلًا إلى قيادة الجيش بهذا الرأي الذي وافق عليه اللواء المواوي، وكتب إلى كل من الأمانة العامة للجامعة العربية وإلى رئاسة أركان الحرب يطلب تجنيد كتيبتين من 1600 من المتطوعين الإخوان عن طريق المركز العام وإرسالهم فورا إلى الميدان ليتمكن من السيطرة على الموقف. رفض النقراشي هذا الطلب دون أدنى تفسير واضح، لذلك كان هذا الموقف الغريب من النقراشي في أوائل فبراير عام 1948م. الصفعة الثانية والقاضية في وجه الجهاد بفلسطين إن الموقف السابق للنقراشي غير المُبرر كان بداية أفول شعلة جهاد الإخوان بفلسطين، وقد خدم العدو الصهيوني بشكل مباشر ومؤثر. فبعد هزيمة الجيوش العربية مجتمعةً، وقبولهم بالهدنتين الأولى والثانية مع اليهود، لم يَعُد أمام اليهود من يقاوم وفيه أمل إلا المتطوعون وخاصة متطوعو الإخوان ذو النصيب الأكبر في المشاركة، ولكن جاء القرار السابق فعطل ما كان مُخطط له. إن دخول الجيوش العربية وتحملها مسئولية الاحتلال الشامل لفلسطين في حرب شاملة، ثم فشلها في ذلك، هو الذي عطل الاستمرار في تنفيذ ما اعتزمه الشيخ البنا من مواصلة إمداد المعركة بالمجاهدين حتى النصر، ولم يقتصر دور هذه الجيوش على إعلان الهزيمة وقبول الهدنة الدائمة في فلسطين الأمر الذي جعل إسرائيل حقيقة واقعة، بل إن النقراشي باشا كلف الجيش المصري باعتقال جميع متطوعي الإخوان من المجاهدين على أرض فلسطين، كما قررت حكومة مصر في هذا الظرف الرهيب حل الإخوان المسلمين في مصر في أوائل ديسمبر 1948م واعتقالهم لعرقلة استمرار السيل المتدفق من المجاهدين، فكانت تلك بمثابة الضربة القاضية لمسيرة الجهاد. الشاذلي وحرب أكتوبر وهكذا دأبت الحكومات المتتالية على خيانة من يقدم لوطنه التضحيات.. وكذلك جرى مع الفريق الشاذلي الذي قاد وخطط حرب أكتوبر فنفي إلى الجزائر وتعرض للإهانات، ومحو صورته من كتب التاريخ واستبدالها بحسني مبارك.