وزير السياحة والآثار يستقبل رئيس هيئة قطر للسياحة لبحث سبل تعزيز التعاون السياحي بين البلدين    هيئة الثروة المعدنية تتعاون مع «واديكو» لاستكمال تقييم خام الطفلة الزيتية    الخميس 17 يوليو 2025.. البورصة تسترد معظم خسائر الأمس    وزير المالية: تحقيق فائضًا أوليًا بنسبة 3.6% خلال العام المالي الماضي    فرنسا تدين قصف كنيسة "العائلة المقدسة" في غزة    أحمد سيد أحمد: "مدينة الخيام" الإسرائيلية فخ لتهجير الفلسطينيين وتفريغ غزة    أوكرانيا تسعى إلى زيادة إنتاج الأسلحة محليا مع تحويل واشنطن صفقة منظومات باتريوت سويسرية لدعم كييف    إعلام إسرائيلى: اعتراض صاروخين أطلقا من شمال غزة باتجاه مناطق الغلاف    بعد مسيرة 21 عامًا.. محمد الصباحي يعلن اعتزال التحكيم    عقدة الخمسة ملايين تُعطّل صفقة مانشستر يونايتد الهجومية    أشرف صبحي يلتقي بوزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين في حادث تصادم بالقليوبية    حالة الطقس اليوم في السعودية.. الأجواء مشمسة جزئيًا في ساعات النهار    أكبرهن 11 عاما .. غرق 3 شقيقات فى البدارى بأسيوط وقوات الحماية المدنية تواصل البحث عنهن.. صور    "لينا معاد" تتصدّر أنغامي.. تامر حسني يتفوّق على عمرو دياب في قائمة الأكثر استماعًا ويتربع على المركز الأول    خالد الجندى: من قدّم عقله على القرآن الكريم أو السنة هلك كما هلك ابن نوح    نائب وزير الصحة والسكان تبحث مع رئيس جامعة المنيا خفض معدلات الولادة القيصرية ووفيات حديثي الولادة    بيان رسمي من وزارة الصحة والسكان بشأن واقعة وفاة 5 أطفال بمحافظة المنيا    احذر ماء الليمون- 4 علامات تجعله مشروبًا خطرًا على صحتك    وفاة بطل أولمبياد 2010 في التزلج بصاعقة    7 أقسام علمية متخصصة.. «الأكاديمية العربية» تطلق كلية العلاج الطبيعي بفرع العلمين الجديدة    متابعة مكثفة للبرنامج العلاجي الصيفي لتنمية المهارات الأساسية للطلاب بأسيوط    القاهرة الإخبارية: ارتفاع حصيلة شهداء كنيسة العائلة المقدسة بغزة إلى 3    «التعليم» تعلن الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد 2025-2026    ضبط 3 أشخاص لاتهامهم بغسل أموال ب90 مليون جنيه من تجارة المخدرات    ضبط 3 متهمين غسلوا 90 مليون جنيه من تجارة المخدرات    انهيار أرضي في كوريا الجنوبية ومصرع 4 أشخاص وإجلاء ألف آخرين    غالبًا ما تدمر سعادتها.. 3 أبراج تعاني من صراعات داخلية    أحمد السقا ينعى والدة هند صبري.. ويسرا تعتذر    وسط إقبال كثيف من الخريجين.. 35 ألف فرصة عمل في الملتقى ال13 لتوظيف الشباب    بدائل الثانوية.. كيفية التقدم لمعاهد التمريض بالأزهر - نظام 5 سنوات    شيخ الأزهر يوافق على تحويل "فارس المتون" و"المترجم الناشئ" إلى مسابقات عالمية بهدف توسيع نطاق المشاركة    "معلومة مؤكدة".. أول رد رسمي من الأهلي حول الاجتماع مع وكيل مصطفى محمد    دبلوماسي إثيوبي يفضح أكاذيب آبي أحمد، ومقطع زائف عن سد النهضة يكشف الحقائق (فيديو)    كشف ملابسات فيديو جلوس أطفال على السيارة خلال سيرها بالتجمع - شاهد    إعداد القادة: تطبيق استراتيجيات البروتوكول الدولي والمراسم والاتيكيت في السلك الجامعي    بين التحديات الإنتاجية والقدرة على الإبداع.. المهرجان القومي للمسرح يناقش أساليب الإخراج وآليات الإنتاج غير الحكومي بمشاركة أساتذة مسرح ونقاد وفنانين    سحب قرعة دوري الكرة النسائية للموسم الجديد ..تعرف علي مباريات الأسبوع الأول    مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى .. والاحتلال يعتقل 8 فلسطينيين فى الضفة    محافظ الفيوم يطالب بتسريع وتيرة العمل بملفي تقنين الأراضي والتصالح في مخالفات البناء    في 6 خطوات.. قدم تظلمك على فاتورة الكهرباء إلكترونيًا    للعام الثالث.. تربية حلوان تحصد المركز الأول في المشروع القومي لمحو الأمية    "IPCC" الدولي يطلب دعم مصر فى التقرير القادم لتقييم الأهداف في مواجهة التحديات البيئية    الأونروا: 6 آلاف شاحنة مساعدات تنتظر على حدود غزة.. والآلية الحالية لا تعمل مطلقا    بمنحة دولية.. منتخب الكانوى والكياك يشارك فى بطولة العالم للناشئين بالبرتغال    ليفربول يقدم عرضا ضخما إلى آينتراخت لحسم صفقة إيكيتيتي    كابتن محمود الخطيب يحقق أمنية الراحل نبيل الحلفاوى ويشارك في مسلسل كتالوج    إغلاق حركة الملاحة الجوية والنهرية بأسوان بسبب سوء أحوال الطقس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 17-7-2025 في محافظة قنا    وفاة والدة النجمة هند صبري    احتفالاً بالعيد القومي لمحافظة الإسكندرية.. فتح المواقع الأثرية كافة مجانا للجمهور    فيلم الشاطر لأمير كرارة يحصد 2.7 مليون جنيه في أول أيامه بدور السينما    نائب وزير الصحة يعقد الاجتماع الثالث للمجلس الأعلى لشباب مقدمى خدمات الرعاية الصحية    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: بروتوكول تعاون مع الصحة لتفعيل مبادرة "الألف يوم الذهبية" للحد من الولادات القيصرية    ما الفرق بين المتوكل والمتواكل؟.. محمود الهواري يجيب    محافظ منطقة واسط بالعراق: 50 شخصا إما توفوا أو أصيبوا إثر حريق هائل في مركز تجاري بمدينة الكوت    كيف نواجه الضغوطات الحياتية؟.. أمين الفتوى يجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد إسماعيل علي يكتب: عسكرة السياسة.. وتسييس القضاء

"كل ميسّر لما خلق له"! ويدخل هذا فى معنى الخلق، ما أُعد وهُيئ له.
ومن عمق وعى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الحكمة، جعل من علامات يوم القيامة، أن يُوسّد (أى يُولّى) الأمر لغير أهله، وهم الذين تهيئوا بحكم جوانب فكرية، فضلا عن خبرة وتعلم وتدريب، لهذا الموقع أو العمل أو المنصب.
وإذا كان هناك فريق يصرخ ويندب تخويفا مما يسمى بتديين السياسة وتسييس الدين، فنحن ندعوه إلى ألا يغفل أمرين هما على قدر عال من الخطورة وبؤس المصير، ألا وهما عسكرة السياسة، وتسييس القضاء.
وقد كتبنا عدة مرات عن خطورة عسكرة السياسة، كما نراها فى هيمنة العسكر على مقاليد الحكم فى مصر، والتى أنتجت تراجعا لمصر وتقزيما لمكانتها، ونضوبا فى الكثير من مظاهر قوتها الناعمة، ومن هنا فسوف نلفت النظر فقط اليوم إلى صور فشل ذريع اكتوينا بناره منذ أن تسلم العسكر قيادة البلاد، وقت اندلاع ثورة يناير، ومن فرط ثقة الثوار بهم، ذهبوا إلى بيوتهم، وانفرط عقدهم، فكان ما كان من مصائب أحاطت بالثورة طوال هذه الفترة "الانتقامية"، وإذا بالثوار يفيقون بعد فوات الأوان ليجدوا تخبطا هنا وعثرات هناك، فشلا هنا، وجمودا هناك؛ لأن العسكر كما رددنا مرارا، وظيفتهم المتعارف عليها فى كل الدنيا أن يكونوا حراسا للبلاد، وهى مهمة شاقة مقدسة، اكتسبوا بممارستها حبا وتقديرا وإجلالا من الجميع، لكن أن يعنى هذا صكا على بياض يبيح لهم أن ينتقلوا إلى مهمة إدارة البلاد السياسية، فهذا "شذوذ" وخروج عن المنطق والأصول.
لقد اكتشفنا بعد فوات الأوان أن العسكر متشبثون بالسلطة، إلى آخر قطرة، بحجة الحرص على مصالح البلاد، فالوطنية ليست حكرا لأحد، وليس صحيحا أنهم صدقوا فى وعدهم بتسليم السلطة، فقد حرصوا على أن يتركوا "إسفينا"، و"خنجرا" فى ظهر من يتولى السلطة بعدهم لتكبيله وعرقلته، وبصريح العبارة "لتفشيله"، حتى يظلوا فى مواقعهم السلطوية، حتى لو من وراء ستار، مما لا بد معه أن تستمر صور الإخفاق والتراجع، وهذا إخلال صريح بواجب الأمانة.
لعل من أوضح الأمثلة التى يمكن أن تذكر هنا أن عدم تأهلهم للممارسة السياسية الناضجة، واستسلامهم لمشورة بعض مستشارى السوء ممن فشلوا فى أن يوجدوا لهم موطئ قدم بين الجماهير، ولما رأوا عكس هذا، بالنسبة للإخوان المسلمين، حيث ينجحون دائما فى أية انتخابات، على الرغم مما يواجهونه من حملات ظالمة، وحروب ضارية، إذا بهؤلاء الفاشلين، مستشارى السوء، يُفَصلون هذا الإعلان غير الدستورى الذى يكبل حركة رئيس انتخبته ملايين الشعب، بينما، لا العسكر، ولا مستشاروه، قد حصلوا على أصوات ملايين الناس.
وهكذا تجد هؤلاء القوم الرافعين لراية الدولة المدنية، يساندون الدولة العسكرية، التى يستحيل أن توصف بالمدنية، بل إن هناك من يجعل المقابل ل"المدنية" هو "العسكرية"، فيخونون مبدأهم وينقلبون على عقيدتهم السياسية، المهم ألا تظهر الإخوان لاعبا أساسيا على المسرح السياسى، حتى لو ذهبت مصر إلى الفوضى والتخبط والتراجع، على يد العسكر!
ويكفى أن نشير إلى أمر واحد هو: كيف لأى عاقل يمكن أن يوافق على أن يقوم العسكر بمهمة التشريع؟ طبعا لن يقوموا بهذا بأنفسهم، وإنما هناك فريق "الترزية"، أو على رأى أحد الظرفاء، حيث قال: إن حرفة الترزية فيها قدر غير منكور من الاحترام، لكن هؤلاء هم "صرماتية القوانين"!
لقد كنت واحدا من الذين انخدعوا فى الإدارة السياسية للقيادة العسكرية عقب الثورة لدرجة أن كتبت مقالا سوف أظل نادما عليه طوال ما بقى من عمرى، وسوف أظل أستغفر الله، داعيا أن يسامحنى ويعفو عن هذا المقال السيئ، عند ما كتبت معتذرا للمجلس العسكرى، عن حملة قدتها عام 1986 ضد توغل العسكر فى الحياة المدنية المصرية، مستغلين الكثير مما تتمتع به القوات المسلحة للحصول على امتيازات لا حدود لها، ملايين المصريين محرومون منها، بل قد لا يسمحون لأنفسهم بأن يحلموا بها!
وإذا كنا نستنكر عسكرة السياسة، أى أن يقوم العسكر بالحكم والقيادة السياسية، والسيطرة والتوجيه، فإن ما لا يقل خطورة عن هذا هو أن تتسرب الأهواء السياسية إلى أرض القضاء، فكما أن تحريم السياسة على العسكر ناتج عن أنهم –منفردين- يملكون قوة مادية مذهلة تتيح لهم أن يفرضوا ما يرون ويريدون، فتنعدم أبسط قواعد الديمقراطية وحقوق المواطنة، فالأمر كذلك بالنسبة للقضاء، فهم الذين يصدرون الأحكام، واجبة الاحترام والنفاذ، فإذا تسرب هوى سياسى، تصبح الأحكام مشوبة بالشك، وتجنح إلى فريق دون فريق.
ولعل أعلى سلطة قضائية فى مصر، قد أحاط بها غبار مؤسف فى الفترة الأخيرة، خاصة ما اتصل بالحكم الذى صدر فى وقت مريب بحل مجلس الشعب، بعد أسابيع قليلة من تقدم طاعنين على المجلس، فى الوقت الذى يحتفظ فيه أرشيف المحكمة بعدد من القضايا الخطيرة "المركونة" منذ سنوات. وحسنا فعل الكاتب المبدع علاء الأسوانى، فى حديثه على قناة الجزيرة مباشر، عند ما لفت نظرنا إلى أن المحكمة الدستورية حكمت من قبل فى العهد البائد ببطلان انتخابات مجلس الشعب، بعد عشرات الشهور، بل ظل المجلس منعقدا، رغم حكم المحكمة بحله أربعة أشهر كاملة، لم يصدر صوت واحد من قضاتها، كما حدث فى الفترة الحالية، منددا، ولما أمر مبارك بإجراء استفتاء على حل المجلس، لم يصدر صوت للقضاة الأجلاء بالاحتجاج، بل قالوا إن لرئيس الدولة أن يمارس سلطته السيادية، وفقا لمتغيرات تقدرها أعمال السيادة!!
وعند ما بدأ بعض النواب يتحركون بنية إعداد تشريع خاص بالمحكمة الدستورية، ثار بعض القضاة، ومن حقهم هذا، لكن ألا يعد التسريع بحل المجلس صورة من صور الانتقام والضربة الاستباقية؟
وعند ما يكيل "الزند" إنذاراته المعهودة، بلغته المفتقدة لأبسط قواعد الأدب القضائى، ضد نواب الشعب، ساخرا من الأغلبية، إذا بقرار الحل يصدر بعدها، وكذلك فى المرة الأخيرة عند ما خرج عن أبسط حدود اللياقة فى الحديث عن رئيس الدولة الذى اختارته الملايين، ثم نجد المحكمة تسقط قرار الرئيس بعودة مجلس الشعب، أفلا يكون هذا وذاك مثيرا لغبار الشك؟!
أما الأستاذة المستشارة التى حظيت بإعجاب سوزان مبارك، رأس الفساد، كيف تدور ساهرة الليالى متنقلة من فضائية إلى أخرى تصرح بآراء تعلن بها عن موقفها، وكثير منها تعلق بالفعل بما أصدرته المحكمة التى هى عضو فيها، كيف يحدث هذا، ونحن نعلم من سادتنا القضاة أن ليس للقاضى أن يصرح بموقفه من قضية معروضة على المحكمة، قبل تداول الأمر فيها ثم إصدار الحكم؟
لقد غرقنا فى مناقشات بيزنطية باسم القانون، فقيه كبير يقول فى الأمر إنه يجوز لرئيس الدولة كذا ولا يجوز للمحكمة كذا، ويبرز فقيه كبير آخر يقول العكس، وكله باسم القانون، أفلا يفتح هذا الطريق "لعشرات الفئران" أن تتسرب إلى "عبنا" فتجعلنا نتساءل: ومن إذن أدرانا أن الذى حكم بكذا أو كذا من قضايا الحكم والسياسة قد مال إلى جانب وكان يمكن أن يكون له حكم آخر مناقض، خاصة أن المواقف السياسية المسبقة قد فاحت رائحتها عدة مرات؟!
مرة أخرى: لا تتهموا غيركم قبل أن تنتبهوا إلى ما يجب عليكم من مراعاة الأصول.
العسكر مهمتهم هى حراسة الوطن، وهم جزء من السطلة التنفيذية، يأتمرون بمن يقف على رأسها، والقضاة لا ينبغى أن يصرحوا بما ينمّ عن مواقف سياسية، ولا بد أن يكيلوا بميزان واحد، وينصحوا من يخرج عن حدود أدب الكلام، بأن ما يقوله هو إهانة للقضاة قبل أن يكون إهانة لمن وجه إليه خشن الألفاظ، وسيئ العبارات، فى وقت كال فيه المديح لمنتسب للإعلام أصبح مثارا للسخرية من قبل ملايين الناس، ويعتبره مثلا أعلى، لبئس ما فعل وما قال!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.