"إبداع بلا حدود".. 60 مشروعًا ابتكاريًا لطلاب التربية الفنية ب "نوعية طنطا"    محافظ جنوب سيناء خلال لقاؤه «الجبهة»: المواطن السيناوي في قلب الأولويات    إسلام عفيفي: الإعلام الرقمي هو المعركة الحقيقية لتشكيل وعي الجماهير    الصين صدرت 242 ألف سيارة تجارية في الربع الأول من 2025    وزير التعليم يستقبل الممثل المقيم لصندوق الأمم المتحدة للسكان لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك    حماس: غارات الاحتلال على مستشفى غزة الأوروبي تأتي في سياق حرب الإبادة    أحمد موسى ساخرًا من عواد: «لو أنا في الجول مكنش دخل الهدف ده»    اتحاد شباب كفر الشيخ ينظم ملتقى «قلبي على وطني» لتعزيز الوعي    محافظ المنوفية: ضبط 20 طن زيت طعام ودقيق فاخر مجهولي المصدر    بأعين كبيرة وأسنان بارزة.. دمية لابوبو تثير هوس عالمي    بعيدا عن العري.. جوليا جارنر تخطف الانظار ب «مهرجان كان السينمائي»    خالد أبو بكر: قانون تنظيم الفتوى يمنع الفوضى التي قد تضر بالرأي العام    نصائح للتغلب على الحر والنوم بعمق    وكيل الصحة بالمنوفية يتفقد القومسيون الطبي لبحث تطوير الخدمات    وزير خارجية سوريا: رفع ترامب العقوبات عن بلادنا نقطة تحول محورية    مسؤول روسي: الهدف الرئيسي لمحادثات إسطنبول إرساء سلام مستدام في أوكرانيا    هل الصور الفوتوغرافية في البيوت تمنع دخول الملائكة ؟ أمين الفتوى يجيب    كان بيجمع بطاطس.. غرق شاب أثناء عمله بالمنوفية    التقنية الحيوية ومستقبل مصر.. رؤية من جامعة القاهرة الأهلية    محافظ الدقهلية: 1457 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية الخليج مركز المنصورة    الصحة العالمية تحذر من عجز أعداد الممرضين في إقليم شرق المتوسط    إلهام شاهين تشارك جمهورها صورًا من على شاطئ البحر في لبنان    رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج يشكر مصر على استضافة البطولة الإفريقية    وكيل وزارة الصحة يعقد اجتماعًا مع لجنة المعايشة بمستشفى سفاجا المركزي    جامعة برج العرب التكنولوجية تنظم الملتقى الثاني لكليات العلوم الصحية التطبيقية    بعد الفوز على سيراميكا.. ماذا يحتاج الأهلي لاقتناص لقب الدوري؟    المرأة الوحيدة في استقبال ترامب.. من هي الأميرة السعودية ريما بنت بندر؟    سن الأضحية من الخروف والماعز والبقر.. يكشف عنها الأزهر للفتوى    مسعود معلوف: الذكاء الاصطناعى والطاقة أهم الاستثمار بين أمريكا والسعودية    «كان يا ما كان في غزة» ينطلق في عرضه العالمي الأول من مهرجان كان السينمائي    انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمديرية أوقاف كفر الشيخ    أهلي طرابلس الليبي يعلن استمرار حسام البدري مديرا فنيا للفريق    النقل: وسائل دفع متنوعة بالمترو والقطار الكهربائي للتيسير على الركاب    "نيويورك تايمز": قبول ترامب للطائرة الفاخرة يتجاوز حدود اللياقة.. ومعلومات عن اطلاق عملة مشفرة لتمويل مؤسسته    قرار عاجل من المحكمة في إعادة إجراءات محاكمة متهمين بأحداث شغب السلام    الصحة العالمية: نصف مليون شخص فى غزة يعانون من المجاعة    فرص عمل بالإمارات برواتب تصل ل 4 آلاف درهم - التخصصات وطريقة التقديم    بالصور- مصادرة مكبرات صوت الباعة الجائلين في بورسعيد    13 ملعقة بماء الذهب.. مذيعة تتهم خادمتها بالسرقة والنيابة تحقق    براتب 87 ألف جنيه.. تعرف على آخر موعد لوظائف للمقاولات بالسعودية    وزير الثقافة يزور الكاتب صنع الله إبراهيم ويطمئن محبيه على حالته الصحية    رئيس الوزراء يتابع إجراءات طرح إدارة وتشغيل مشروع "حدائق تلال الفسطاط"    أمينة الفتوى توضح سنة الاشتراط عند الإحرام    «بتهمة تزوير معاينة بناء».. السجن سنتين لمهندس تنظيم بمركز مغاغة في المنيا    تحديد موعد مشاركة الجفالي في تدريبات الزمالك    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    غلق 138 محلًا لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    استلام 145 ألف طن من القمح المحلى بمواقع التخزين بالصوامع والشون فى بنى سويف    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    مصرع شاب غرقا فى حوض مياه بالشرقية    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    ولي العهد السعودي في مقدمة مستقبلي ترامب لدى وصوله إلى الرياض    صحة غزة: شهيدان فلسطينيان إثر قصف إسرائيلي استهدف مجمع ناصر الطبي    تغيير وحيد بالتشكيل المتوقع للأهلي لمباراة سيراميكا كليوباترا    محافظ أسيوط يتفقد تدريب 60 فتاة على صناعة التللي بالمجمع الحرفي في الشامية بساحل سليم    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    تشكيل المصري المتوقع لمواجهة فاركو بالدوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عسكرة السياسة وتسييس القضاء
نشر في المصريون يوم 15 - 07 - 2012

"كل ميسر لما خلق له" ! ويدخل هنا فى معنى الخلق، ما أُعد وهُيئ له..
ومن عمق وعى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الحكمة، جعل من علامات يوم القيامة، أن يُوّسّد ( أى يُولّى ) الأمر لغير أهله، وهم الذين تهيأوا بحكم جوانب فكرية، فضلا عن خبرة وتعلم وتدريب، لهذا الموقع أو العمل أو المنصب..
وإذا كان هناك فريق يصرخ ويندب، تخويفا مما يسمى بتديين السياسة وتسييس الدين، فنحن ندعوه إلى ألا يغفل أمرين هما على قدر عال من الخطورة، وبئس المصير، ألا وهما عسكرة السياسة، وتسييس القضاء.
وقد كتبنا عدة مرات عن خطورة عسكرة السياسة، كما نراها فى هيمنة العسكر على مقاليد الحكم فى مصر، والتى أنتجت تراجعا لمصر وتقزيما لمكانتها، ونضوبا فى الكثير من مظاهر قوتها الناعمة، ومن هنا فسوف نلفت النظر فقط اليوم إلى صور فشل ذريع اكتوينا بناره منذ أن تسلم العسكر قيادة البلاد، وقت اندلاع ثورة يناير، ومن فرط ثقة الثوار بهم، ذهبوا إلى بيوتهم، وانفرط عقدهم، فكان ما كان من مصائب أحاطت بالثورة طيلة هذه الفترة " الانتقامية "، وإذا بالثوار يفيقون بعد فوات الأوان ليجدوا تخبطا هنا وعثرات هناك، فشلا هنا، وجمودا هناك، لأن العسكر، كما رددنا مرارا، وظيفتهم المتعارف عليها فى كل الدنيا أن يكونوا حراسا للبلاد، وهى مهمة شاقة مقدسة، اكتسبوا من خلال ممارستها حبا وتقديرا وإجلالا من الجميع، لكن أن يعنى هذا صكا على بياض يبيح لهم أن ينتقلوا إلى مهمة إدارة البلاد السياسية، فهذا " شذوذ" وخروج عن المنطق والأصول.
لقد اكتشفنا، بعد فوات الأوان، أن العسكر متشبثون بالسلطة، إلى آخر قطرة، بحجة الحرص على مصالح البلاد، فالوطنية ليست حكرا لأحد، وليس صحيحا أنهم صدقوا فى وعدهم بتسليم السلطة، فقد حرصوا على أن يتركوا " إسفينا "، وخنجرا " فى ظهر من يتولى السلطة بعدهم لتكبيله، وعرقلته، وبصريح العبارة " لتفشيله"، حتى يظلوا فى مواقعهم السلطوية، حتى ولو من وراء ستار، مما لابد معه أن تستمر صور الإخفاق والتراجع، وهذا إخلال صريح بواجب الأمانة.
لعلى من أوضح الأمثلة التى يمكن أن تذكر هنا أن عدم تأهلهم للممارسة السياسية الناضجة، استسلامهم لمشورة بعض مستشارى السوء، ممن فشلوا فى أن يوجدوا لهم موطأ قدم بين الجماهير، ولما رأوا عكس هذا، بالنسبة للإخوان المسلمين، حيث ينجحون دائما فى أي انتخابات، على الرغم مما يواجهونه من حملات ظالمة، وحروب ضارية، إذا بهؤلاء الفاشلين، مستشارو السوء، يُفَصلون هذا الإعلان غير الدستورى الذى يكبل حركة رئيس انتخبته ملايين الشعب، بينما، لا العسكر، ولا مستشاروه، قد حصلوا على أصوات ملايين الناس.
وهكذا تجد هؤلاء القوم الرافعين لراية الدولة المدنية، يساندون الدولة العسكرية، والتى يستحيل أن توصف بالمدنية، بل إن هناك من يجعل المقابل ل " المدنية " هو " العسكرية "، فيخونون مبدأهم وينقلبون على عقيدتهم السياسية، المهم ألا يظهر الإخوان لاعبا أساسيا على المسرح السياسى، حتى لو ذهبت مصر إلى الفوضى والتخبط والتراجع، على يد العسكر!
ويكفى أن نشير إلى أمر واحد هو : كيف لأى عاقل يمكن أن يوافق على أن يقوم العسكر بمهمة التشريع؟ طبعا لن يقوموا بهذا بأنفسهم، وإنما هناك فريق " الترزية"، أوعلى رأى أحد الظرفاء، حيث قال إن حرفة الترزية فيها قدر غير منكور من الاحترام، لكن هؤلاء هم " صرماتية القوانين "!
لقد كنت واحدا من الذين انخدعوا فى الإدارة السياسية للقيادة العسكرية عقب الثورة لدرجة أننى كتبت مقالا، سوف أظل نادما عليه طوال ما بقى من عمرى، وسوف أظل أستغفر الله، داعيا أن يسامحنى ويعفو عن هذا المقال السيئ، عندما كتبت معتذرا للمجلس العسكرى، عن حملة قدتها عام 1986 ضد توغل العسكر فى الحياة المدنية المصرية، مستغلين الكثير مما تتمتع به القوات المسلحة للحصول على امتيازات لا حدود لها، ملايين المصريين، محرومون منها، بل قد لا يسمحون لأنفسهم بأن يحلموا بها!
وإذا كنا نستنكر عسكرة السياسة، أى بأن يقوم العسكر بالحكم والقيادة السياسية، والسيطرة والتوجيه، فإن ما لا يقل خطورة عن هذا هو أن تتسرب الأهواء السياسية إلى أرض القضاء، فكما أن تحريم السياسة على العسكر، ناتج من أنهم – منفردين- يملكون قوة مادية مذهلة تتيح لهم أن يفرضوا ما يرون ويريدون، فتنعدم أبسط قواعد الديمقراطية وحقوق المواطنة، فالأمر كذلك بالنسبة للقضاء، فهم الذين يصدرون الأحكام، واجبة الاحترام والنفاذ، فإذا تسرب هوى سياسى، تصبح الأحكام مشوبة بالشك، وتجنح إلى فريق دون فريق.
ولعل أعلى سلطة قضائية فى مصر، قد أحاط بها غبار مؤسف فى الفترة الأخيرة، خاصة ما اتصل بالحكم الذى صدر فى وقت مريب بحل مجلس الشعب، بعد أسابيع قليلة من تقدم طاعنين على المجلس، فى الوقت الذى يحتفظ فيه أرشيف المحكمة بعدد من القضايا الخطيرة " المركونة " منذ سنوات. وحسنا فعل الكاتب المبدع علاء الأسوانى، فى حديثه على قناة الجزيرة مباشر، عندما لفت نظرنا إلى أن المحكمة الدستورية، حكمت من قبل، فى العهد البائد على بطلان انتخابات مجلس الشعب، بعد عشرات الشهور. بل ظل المجلس منعقدا، رغم حكم المحكمة بحله أربعة شهور كاملة، لم يصدر صوت واحد من قضاتها، كما حدث فى الفترة الحالية، منددا، ولما أمر مبارك بإجراء استفتاء على حل المجلس، لم يصدر صوت القضاة الأجلاء بالاحتجاج، بل قالوا إن لرئيس الدولة أن يمارس سلطته السيادية، وفقا لمتغيرات تقدرها أعمال السيادة!!
وعندما بدأ بعض النواب يتحركون بنية إعداد تشريع خاص بالمحكمة الدستورية، وثار بعض القضاة، ومن حقهم هذا، لكن، ألا يعد التسريع بحل المجلس، صورة من صور الانتقام والضربة الاستباقية ؟
وعندما يكيل " الزند" إنذاراته المعهودة، بلغته المفتقدة لأبسط قواعد الأدب القضائى، ضد نواب الشعب، ساخرا من الأغلبية، إذا بقرار الحل يصدر بعدها، وكذلك فى المرة الأخيرة عندما خرج عن أبسط حدود اللياقة فى الحديث عن رئيس الدولة الذى اختارته الملايين، ثم نجد المحكمة تسقط قرار الرئيس بعودة مجلس الشعب، أفلا يكون هذا وذاك مثيرا لغبار الشك؟!
أما الأستاذة المستشارة التى حظيت بإعجاب سوزان مبارك، رأس الفساد، فكيف تدور ساهرة الليالى متنقلة من فضائية إلى أخرى تصرح بآراء تعلن بها عن موقفها، وكثير منها تعلق بالفعل بما أصدرته المحكمة التى هى عضو فيها، كيف يحدث هذا، ونحن نعلم من سادتنا القضاة أن ليس للقاضى أن يصرح بموقفه من قضية معروضة على المحكمة، قبل تداول الأمر فيها ثم إصدار الحكم؟
لقد غرقنا فى مناقشات بيزنطية باسم القانون، فقيه كبير يقول فى الأمر أنه يجوز لرئيس الدولة كذا ولا يجوز للمحكمة كذا، ويبرز فقيه كبير آخر يقول العكس، وكله باسم القانون، أفلا يفتح هذا الطريق" لعشرات الفيران، أن تتسرب إلى "عبنا" فتجعلنا نتساءل: ومن إذن أدرانا أن الذى حكم بكذا أو كذا من قضايا الحكم والسياسة، قد مال إلى جانب، وكان يمكن أن يكون له حكم آخر مناقض، خاصة أن المواقف السياسية المسبقة، قد فاحت رائحتها عدة مرات؟!
مرة أخرى: لا تتهموا غيركم قبل أن تنتبهوا إلى ما يجب عليكم من مراعاة الأصول:
العسكر مهمتهم هى حراسة الوطن، وهم جزء من السلطة التنفيذية، يأتمرون بمن يقف على رأسها،
والقضاة لا ينبغى أن يصرحوا بما ينم عن مواقف سياسية، ولابد أن يكيلوا بميزان واحد، وينصحوا من يخرج عن حدود أدب الكلام، بأن ما يقوله، هو إهانة للقضاة قبل أن يكون إهانة لمن وجه إليه خشن الألفاظ، وسيئ العبارات، فى وقت كال فيه المديح لمنتسب للإعلام أصبح مثارا للسخرية من قبل ملايين الناس، ويعتبره مثلا أعلى، لبئس ما فعل وما قال!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.