السيسي وبوتين يشهدان مراسم وضع هيكل الاحتواء لمفاعل الضبعة النووي    رئيس مصلحة الجمارك: بدء تطبيق منظومة «ACI» جوًا مطلع يناير المقبل    وزير التموين: توافر السكر الحر بالمجمعات الاستهلاكية بسعر 28 جنيهًا للكيلو    تكساس الأمريكية تصنف جماعة الإخوان "منظمة إرهابية"    "السيسي وبوتين".. صداقة متينة وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر وروسيا    برشلونة يواجه فرانكفورت في كامب نو    ضبط سائق سيارة صدم شخصين وفر هاربًا بالقاهرة بعد تداول فيديو الواقعة    البيئة تنظم مؤتمر الصناعة الخضراء الأحد المقبل بالعاصمة الإدارية الجديدة    جامعة قناة السويس تحتفي بأبطالها المتوجين ببطولة كأس التميز للجمهورية    الزراعة: أكثر من مليون شتلة فراولة تم تصديرها خلال أكتوبر    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    مجلس الشيوخ الأمريكى يوافق على مشروع قانون للإفراج عن ملفات إبستين    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    لن نبكي على ضعف الدولار    دوري أبطال إفريقيا.. 30 ألف متفرج في مباراة الأهلي وشبيبة القبائل الجزائري    الإسماعيلي يكشف حقيقة طلبه فتح القيد الاستثنائي من فيفا    وزير الزراعة يعقد اجتماعاً موسعاً لمديري المديريات ومسئولي حماية الأراضي بالمحافظات    ارتفاع عدد مصابي انقلاب سيارة ميكروباص فى قنا إلى 18 شخصا بينهم أطفال    فرق الصيانة بالسكة الحديد تجرى أعمال الصيانة على القضبان بشبرا الخيمة    حسين فهمى يكرم محمد قبلاوي.. والمخرج يهدى التكريم لأطفال غزة    قصور ومكتبات الأقصر تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. صور    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد الجوية تحذر من تغير حالة الطقس    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    بث مباشر.. بدء مراسم وضع هيكل الاحتواء لمفاعل الضبعة النووية    تامر حسني يكشف تفاصيل أزمته الصحية بعد خضوعه لجراحة دقيقة في ألمانيا    نورا ناجي عن تحويل روايتها بنات الباشا إلى فيلم: من أجمل أيام حياتي    هيئة الرعاية الصحية تُطلق عيادة متخصصة لأمراض الكُلى للأطفال بمركز 30 يونيو الدولي    ما هو فيروس ماربورج وكيف يمكن الوقاية منه؟    الصحة: 5 مستشفيات تحصل على الاعتماد الدولي في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    مصرع 3 شباب في تصادم مروع بالشرقية    الصحة تغلق 11 مركزًا غير مرخص لعلاج الإدمان بحدائق الأهرام    القادسية الكويتي: كهربا مستمر مع الفريق حتى نهاية الموسم    الزمالك يستقر على موعد سفر فريق الكرة لجنوب أفريقيا    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    الدفاع الروسية: قواتنا استهدفت منشآت البنية التحتية للطاقة والسكك الحديدية التي تستخدمها القوات الأوكرانية    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث استعدادت التعامل مع الأمطار    حزب الجبهة: متابعة الرئيس للانتخابات تعكس حرص الدولة على الشفافية    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    المايسترو هاني فرحات أول الداعمين لإحتفالية مصر مفتاح الحياة    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر الإفك والفتنة
نشر في المصريون يوم 10 - 06 - 2012

لا أحد يشكّ أن أعظم منجزات الثورة على الإطلاق يتمثّل فى هذه الحقيقة: أن الجماهير قد استطاعت - لأول مرة - الإدلاء بأصواتها بحرية تامة، وأن تحقق إرادتها المستقلة لا إرادة الطاغية المستبد.. حدث هذا فى ثلاث مناسبات، وأربع جولات من الاستفتاء والانتخابات، توشك أن تكتمل بالخامسة، فى جولة الإعادة للرئاسة.. ولكن هناك مَن لا يريد أن يعْبُر الشعب إلى غايته بسلام، وهناك مَن لا يريد أن تحقق الثورة أهدافها.. وهؤلاء هم أعداء الثورة الذين يخشَوْن الديمقراطية، ويرون فيها خطرًا داهمًا على مصالحهم ووجودهم..
وما يجرى الآن على الساحة السياسية فيه مؤشرات على المصير الذى يُراد للثورة المصرية أن تنتهى إليه، بإعلان إنتصار مرشّح الجنرالات رئيسًا لمصر، وإعادة نظام مبارك بصورة جديدة، وهو الهدف الذى تسعى إليه - بكل شراسة - الاستخبارات الأمريكية بالتواطؤ مع القوى المعادية للثورة فى السلطة وخارج السلطة..
عُنوان هذه المرحلة هو: إشاعة الاضطراب والبلبلة والحَيرة، وضرب القوى الثورية بعضها ببعض، لتعميق حالة اليأس من الثورة لدى الجماهير. وفى هذه الأجواء المضطربة يأتى مؤتمر المستشار أحمد الزند مؤشرًا فاقعًا على اتجاه انتهازي نحو صدام مؤسّسي، إيذانًا بسقوط الدولة والثورة فى قبضة المجلس العسكري، ومن ثَمَّ فى حجْر الولايات المتحدة الأمريكية.. ومن المؤشرات ذات الدلالة الخطيرة على مخطط هدم الثورة نرصد هذه الوقائع:
أولاً: الهجوم الغوغائي الذى شنَّه المستشار أحمد الزند على البرلمان فى مؤتمره الصحفي بنادى القضاة يوم الخميس الماضى، والتصريحات المستفزّة التى أدلى بها، ويكفى التوقيت الذى جاء فيه قبل موعد جولة الإعادة فى انتخابات الرئاسة بأيام قليلة.. ليدلّ على أنه دِعاية رخيصة لأحمد شفيق.. وأنه نذير بقرب الانقضاض على ثورة الشعب..
ثانيًا: يعزز هذه النظرة ارتفاع صيحة الفزاعة الإسلامية والإخوانية بصفة خاصة، وبقوة أكبر من أي وقت مضى، ويمضى توظيفها بإصرار لصالح أحمد شفيق، الذى تحوّل فى الإعلام من أكبر المعارضين للثورة وأول المشاركين فى محاولة إجهاضها عبر موقعة الجمل، من مركزه فى ذلك الوقت كرئيس للوزراء.. ومساعدته فى تهريب الأموال المنهوبة خارج البلاد، وتواطؤه مع وزير داخليته فى تدمير أدلة اتهام أعمدة النظام السابق على جرائمهم وسرقاتهم وفسادهم - تحوّل أحمد شفيق رغم هذا كله - فى الإعلام- إلى رجل الثورة والمدافع عنها الساعى لتحقيق أهدافها..
ثالثًا: لقد سبق أن هدد الجنزورى، رئيسَ مجلس الشعب، فى حضور أحد جنرالات المجلس العسكري (دليلاً على موافقته الضمنية) بأن أوراق بطلان انتخابات البرلمان قد أُودعت فى المحكمة الدستورية العليا، وستظهر نتيجتها عند اللزوم.. واللزوم هنا هو نجاح الإخوان بأغلبية برلمانية تسمح لهم بتشكيل حكومة..
وإليك هذا السيناريو المحتمل: الحكم ببطلان قانون الانتخابات التشريعية يترتب عليه إلغاء البرلمان، فإذا ارتبط هذا بإلغاء قانون العزل، واستمرت لُعبة جولة انتخابات الرئاسة بمرشح الجنرالات.. فتلك دلالة على نيات إضعاف مركز مرشح الثورة والتزوير لصالح أحمد شفيق.. أما إذا صدر قرار "الدستورية" بالموافقة على قانون العزل، فسوف يُستبعد شفيق، ومع إلغاء البرلمان، تعود الأمور إلى نقطة الصفر مرة أخرى، وتنهار كل منجزات الثورة، وتسقط كل السلطات في قبضة المجلس العسكري.. ولن تكون هنالك حكومة مدنية لتسلُّم السلطة، ولا مواعيد لإنهاء المرحلة الانتقالية، فإذا انفجرت ثورة شعبية ثانية، فسيكون للجنرالات مع الثورة شأن آخر!
وعندئذ سيدرك الشعب - ولكن بعد فوات الأوان - أنه قد تم خداعه: من الذين أقسموا أن نياتهم حسنة، فيما يتعلق بوعدهم تسليم السلطة فى الموعد المحدد، ومن أصحاب الشعارات الرنانة عن العدالة الاجتماعية وحقوق الفقراء، ومن أصحاب الكاريزمات المنتحلة، الذين أجهزوا على فرصة المرشح الوحيد الداعم للشعب ولثورته؛ إنهم فى حقيقة الأمر قد مهّدوا الطريق - بمواقفهم الأنانية وبغبائهم أحيانًا - لأعداء الثورة وأعداء الديمقراطية أن يتسلقوا على جثة الثورة وعلى أكتاف الشعب المغدور به..
وأخيرًا أود أن أشير إلى الحقائق التالية:
أولاً: المسئول الأول عن قانون الانتخابات التشريعية وتقسيمه بين مرشحين بقوائم ومرشحين خارج القوائم هو المجلس العسكري وترزية القوانين من أعوانه، فقد لغّموا القانون بديناميت لتفجيره عند اللزوم، واللزوم هنا هو أن الانتخابات جاءت بأغلبية إسلامية إلى البرلمان، وهذا لا ترضى عنه أمريكا، ومن ثم لا يرضى عنه المجلس العسكرى، الذى صرّح بوضوح - منذ البداية - على لسان أعضائه: أنهم لن يسمحوا للبرلمان بممارسة صلاحياته فى التشريع ولا فى مُساءلة الحكومة، وأنكروا حق حزب الأغلبية فى تشكيل حكومة، كما الشأن فى كل الديمقراطيات.. وكان هذا مؤشرًا على الرغبة المُبيَّتة لدى المجلس العسكري للتخلص من البرلمان فى أقرب فرصة، وقد تعزّزت هذه الرغبة بعد منافسة حزب الأغلبية البرلمانية فى انتخابات الرئاسة، وفوز مرشحهم بالمركز الأول، رغم ضراوة الدعاية المضادة..
ثانيًا: هاجم المستشار الزند البرلمان؛ لأن بعض أعضاء فيه استتنكروا الأحكام التى صدرت بتبرئة كبار المسئولين عن دماء شهداء الثورة وضحاياها، وطالبوا بإعادة المحاكمة على أسس صحيحة، وانتزاع الأدلة من الذين أخْفَوْها، والذين قاموا بتدميرها. كان الحكم صادمًا لمشاعر الشعب، فهبّ يعبّر عن سخطه المشروع على أحكام، لم تنصف مظلومًا، ولم تحقق عدالة، ولم تقتصّ للشهداء، بل أطلقت سراح كبارالمجرمين..
ويريد المستشار الزند أن يختم على أفواه أعضاء البرلمان الذين عبروا عن مشاعر الجماهير ورغبتهم فى القصاص العادل، ولو أنهم لم يفعلوا لاعتبرهم الشعب خونة للأمانة التى وضعها فى أعناقهم..
لقد استقوى الزند بالقُضاة، واستعْداهم على البرلمان بحجة الإهانة التى لحقتهم منه، والحقيقة أنه لا يهمه صيانة كرامتهم التى يتمحّك بها، ولا يعبأ باستقلال القضاء وقداسته المزعومة. فليس بهذا الأسلوب الغوغائى يحافظ القضاة على كرامتهم، أو يحقق القضاء استقلاله.. وفى تاريخ الرجل ثلاثة مؤشرات - على الأقل - تؤكد انسجامه التام مع النظام السابق فى محاربة استقلال القضاء وإخضاعه لمشيئة الدكتاتور.. من ذلك:
1- دوره فى تخريب حركة نادى القضاة الوطنية الجريئة سنة 2005 فى المطالبة باستقلال القضاء، التى قادها المستشار زكريا عبد العزيز، حيث ساندته قوى شعبية لا يُستهان بها..
2- تآمره - مع نظام مبارك - على المستشار زكريا عبد العزيز، لانتزاعه من قيادة نادى القُضاة، وتشويه الحركة، وإغراء فريق من القضاة بالمصالح الشخصية مثل الانتدابات، والبدلات وتعيين أبنائهم المتخرّجين بدرجة مقبول، فى مناصب النيابة، رغم منافاة ذلك للأخلاق والعدالة، ولمبدأ تكافؤ الفرص..
3- صمته المريب على تزوير الانتخابات فى عهد سيده المخلوع، وعدم دفاعه عن القضاء عندما مسحت السلطة جريمتها فى عباءة القُضاة الذين أشرفوا على الانتخابات المزوّرة .. أين كان الزند عندما سحلت قوات الأمن قُضاةً واتهمتهم زورًا بحمل السلاح وقدمتهم للمحاكمات..؟!، وأين كان عندما حكم فِرعون مصر ثلاثين عامًا بقوانين استثنائية باطشة؟، وأين كانت قداسة القضاء عندما اخترع الدكتاتور محاكم عسكرية لمحاكمة المدنيين، وضرب عرض الحائط بأحكام القضاء الطبيعى فى آلاف القضايا؟، وصار عدم تنفيذ الأحكام القضائية هو شعار الدولة..؟، لقد كان الزند فى قلب الفتنة بين القضاة والمحامين فى قضية طنطا الشهيرة، واليوم يسعى لفتنة أكبر بين السلطتين القضائية والتشريعية..
الفتنة تطل برأسها، والشعب وحده هو الذى يستطيع إخمادها، لا بالصمت ولا بالمقاطعة؛ فالمقاطعة تسهّل على المزوّرين جريمتهم، أما الإصرار والاحتشاد عند صناديق الانتخاب، بأعداد كبيرة لدعم الدكتور محمد مرسى مرشح الشعب والثورة، فهو العمل الوحيد الذى يبطل التزوير ويحقق إرادة الشعب.. ويعيد الأمور إلى نصابها.. إنها المعركة الفاصلة، ولا عذر لوَطنيّ مخلص ذى ضمير أن يتخلّف عنها.. وإلا فالكل سيغْدو مسئولاً عن ضياع الثورة وضياع الأمل!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.