أكبر الظن أن الأيام القادمة ستكون هى الأصعب فى تاريخ الثورة المصرية، فإما أن تواصل انطلاقها نحو تحقيق أهدافها، وإما الانتكاسة التى قد تفتح أبواب الجحيم على مصر فى ظل تعقد الأمور وإصرار السلطة الحاكمة على استخدام كل الأوراق المتاحة من أجل تعقيد الموقف والدفع به نحو حافة الهاوية. فبعد صدمة المجتمع المصرى فى الأحكام الصادرة فى حق مبارك وكبار معاونيه، إذ بنا نفاجأ أننا أمام حكمين يوم 14 يونيه القادم سيحددان مصير وشكل الدولة خلال الفترة القادمة، وقد كان لافتًا للنظر أن يتولى الصحفى / مصطفى بكرى – لصيق الصلة بالمجلس العسكرى - الإعلان عن تحديد موعد نظر مدى دستورية قانون العزل خلال أحد البرامج الحوارية الليلية قبل أن تعلنه المحكمة الدستورية بنفسها، مما جعل الجميع يتساءل عن السبب الحقيقى وراء الإصرار على إعلان الأحكام قبل 48 ساعة من جولة الإعادة والتى ستخلف العديد من الآثار القانونية، ولعل أبرزها نسف جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية والحكم ببطلان القانون الذى أجريت على أساسه انتخابات مجلس الشعب، مما يعنى فى أحسن الأحوال إعادة الانتخابات على المقاعد الفردية، وهو الأمر الذى سيعيدنا إلى المربع رقم واحد من جديد فى ظل أجواء محتقنة. وعلى خط تلغيم الواقع المصرى جاء حديث المستشار الزند الذى بدا واضحًا فيه أن الرجل قد قرر الدخول على خط دعم شفيق فى جولة الإعادة بكل قوة والوقوف ضد الإرادة الشعبية وضد مجلس الشعب الذى يمثل الشعب المصرى تمثيلاً حقيقياً لأول مرة منذ عقود طويلة خلت، فلم يكن حديثه فى الواقع دفاعاً عن القضاء والقضاة بقدر ما كان هجوماً سياسياً استخدم ألفاظاً خشنة لا تليق بسياسى مخضرم فضلاَ عن قاضٍ قضى معظم حياته على منصة القضاء، وإلا فما دخل الانتصار لكرامة القضاة ومكانتهم من حديث عن عودة نظام الانتخاب بالقائمة الفردية وهى أمور ليست من مهام نادى القضاة ولا من سلطاته وأى استفادة سيجنيها عموم القضاة فى مصر من عودة نظام الانتخابات الفردى والذى يعلم الصغير قبل الكبير أنه كان بوابة المرور المأمولة لعودة فلول الحزب الوطنى إلى مجلس الشعب مرة أخرى. وكيف يحرض رئيس نادى القضاة على عدم تطبيق القانون والامتناع عن تطبيق قانون السلطة القضائية حال إقراره من مجلس الشعب وهو الأمر الذى يوقعه تحت طائلة القانون دون ريب، وللعلم فقانون السلطة القضائية الذى يتم تداوله الآن تحت قبة البرلمان هى مشاريع مقدمة من شيوخ المهنة مثل المستشار أحمد مكى، والذين باعهم الزند لنظام مبارك وتركهم يواجهون تغول سلطة مبارك التنفيذية آنذاك على السلطة القضائية بصدر عار وظهر مكشوف، كما لم ينتفض يوم أن سحل نظام مبارك قضاة مصر الشرفاء فى الانتخابات البرلمانية. ثم كيف يحتقر رئيس نادى القضاة إرادة الناخب المصرى التى شكلت هذا المجلس بتركيبته الحالية وادعائه بأنه لو يعلم أن الانتخابات ستأتى بهذه التشكيلة ما أشرف القضاة على الانتخابات، ونسى السيد المستشار أن إشرافه على الانتخابات لم يكن تفضلاً من جموع القضاة على الشعب المصرى بقدر ما كان تنفيذاً لأحكام الدستور والقانون مقابل مكافآت ضخمة حصل عليها المشرفون على العملية الانتخابية، وكأنه مطلوب من الناخب المصرى أن يرسل بياناً باتجاهاته التصويتية لرئيس نادى القضاة ليقرر على ضوئها.. هل سيشرف على الانتخابات أم لا؟!! أظن أن المستشار الزند ورط جموع القضاة فى تصريحاته الصادمة التى كانت ترويجاً لشفيق فى مشواره الانتخابى ومحاولة للانقضاض على الثورة، وهو الأمر الذى لاحظه الجميع، كما أنها جاءت كتسخين للواقع المصرى بعد أن توافقت الأحزاب السياسية على معايير اللجنة التأسيسية، فكان لابد من إشعال جبهة أخرى عبر مثل هذه التصريحات التى أظن أنها قد تدفع إلى تأزيم الموقف بين السلطة التشريعية والقضائية وصولاً إلى أحكام يوم 14 يونيه والتى ستعيد تشكيل المشهد المصرى مرة أخرى. إنها الأيام الصعبة القادمة، التى أسأل الله أن يلطف بالشعب المصرى وتمر على خير. [email protected]