أتذكر الآن كلام صديقى محمد مصطفى مدير التحرير الذى يجاورنى فى المكتب بالجريدة حينما قال بعد فترة من تعيين عبد الفتاح السيسى وزيرا للدفاع إنه يتوجس خيفة من هذا الرجل ولا يطمئن له، وكنت أقلل من تلك المخاوف، لكن فراسته كانت واضحة بحيث رأى ما لم أرى ولا غيرى، وبالفعل عملها "السيسى" وانقلب على الرئيس الشرعى بمعاونة بعض من أشباه الرجال الذين يقدمون أنفسهم للشارع على أنهم رموز دينية أو سياسية وهم فى الحقيقة ليسوا سوى أذناب، لكل منهم دور مرسوم وربما اندفع إلى لعب هذا الدور بإرادته أو رغما عنه لكن النتيجة واحدة، وإذا صحت المعلومات التى يتم تداولها عن سيناريوهات الانقلاب وأدوار المتورطين فيه نكون أمام عصابة مدعومة من دول عربية تعهدت بالتمويل والدعم وحل مشكلات مصر الاقتصادية ليشعر المواطنين بالراحة فيتقبلون الوضع، المعلومات تقول إن مسئولين بارزين من دولتين عربيتين كانا يجريان اتصالات مستمرة مع شخصيات مصرية لترتيب الانقلاب وتوفير الأموال اللازمة لإنجازه، وأنه تم بالفعل التعهد بتوفير بضعة مليارات من الدولارات فى حال نجاح المؤامرة لحل بعض المشاكل المعيشية كالبنزين والسولار وغيرها، وهى المشاكل التى كانت تفتعلها مؤسسات فى الدولة العميقة حتى يبدو الرئيس مرسى عاجزا عن تلبية مطالب الناس، ويكون هناك مبررا للانقضاض على السلطة، سيناريو الانقلاب على الرئيس مرسى بدأ أولا قانونيا، فلما فشل بحكم الإعلان الدستورى الذى أثار غضب مدبرى المؤامرات راح الانقلابيون يبحثون عن محاولات أخرى من خلال تهييج الشارع ثم الإيعاز لبعض الشباب بتنظيم حركات مشبوهة كحركة تمرد ثبتت علاقتها الوثيقة برموز الحزب الوطنى المنحل والتى لعبت على وتر المشاكل اليومية المفتعلة. ولم يحاول الساسة المراهقون إخفاء جريمتهم بالمشاركة فى انقلاب عسكرى على الرئيس الشرعى، بل هم الآن يبررون عمليات الدهم والاعتقال ومصادرة الحريات التى يقوم بها الانقلابيون، ويقول كبيرهم الذى كان وراء احتلال العراق إن الاعتقالات وإغلاق القنوات أمر استثنائى فى ظرف استثنائى حتى تمر تلك المرحلة بسلام!! ونسى هذا وغيره من أشباه الرجال أنهم كانوا يحاكمون الرئيس مرسى صباحا فى الصحف ومساء فى الفضائيات وبأشد العبارات والسباب دون أن يقترب منهم أحد، والآن يبررون للباغى بغيه ويزينون له أعماله أملا فى المناصب والمغانم، لكن هذا لن يكون فهناك الآن ملايين الشباب فى الشوارع والميادين على استعداد للتضحية بأرواحهم، وهناك حالة تململ فى مؤسسات سيادية، وبدأ الرأى العام يدرك حقيقة المؤامرة، خاصة وهو يرى النائب العام المطرود يعود إلى عمله ليتخذ عدة إجراءات انتقامية قبل أن ينسحب، وكنت أتمنى أن يستمر فوجوده فى حد ذاته كان بمثابة وقود لثوار 25 يناير الذين يرون الآن العسكر وقد انقضوا على الشرعية وألغوا ببساطة إرادة عشرات الملايين من المصريين الذين انتخبوا رئيسا وأقروا دستورا، ممارسات العسكر الآن تعيدنا إلى حقبة الستينيات وربما كانت أسوأ، وهم لا يدركون أن الشعب المصرى الذى استرد حريته بعد ثورة يناير ليس هو ذاك الشعب الذى استسلم فى الستينيات ولن يسمح باستمرار هذا الانقلاب وهو الآن فى الشارع ولن يعود إلا بعودة رئيسه الشرعى محمد مرسى إلى منصبه.