أكتب هذا المقال فى فجر يوم الاثنين الأول من يوليو ولا تزال الأمور لم تنكشف، ولا تزال المعركة على أشدها ولم تضع الحرب أوزارها، ولكن يكفى أن هناك شواهد ومشاهد يستطيع الإنسان -إذا تأمل وتدبر– أن يستشرف النتيجة وأن يتوقع مآلات المشهد وما يسفر عنه من توقعات. نحن فى مشهد رابعة العدوية، مشهد لا يستطيع أن يصفه الواصفون، أو يتحدث عنه المتحدثون، أو يكتب عنه الكاتبون سواء من حيث المجموع حيث الوحدة والقوة والترابط والإيثار وقيم التحضر والنظافة بما تشعر معه بأجواء الثورة الأول، أو من حيث وضوح الرؤية والهدف واستلهام كل معانى الثبات والصبر والتضحية من أجل الهدف النبيل والقضية العادلة التى يتحرك من اجلها الفرد بيته وأهله وأولاده طائعا مختارا بلا أدنى مقابل سوى وجه الله تعالى مواصلا الليل بالنهار مع تواضع أحوال المعيشة من طعام وشراب ومأوى نلتحف السماء ونفترش الأرض ليلا، بالإضافة إلى قضاء الليل فى صلاة التهجد والتبتل والدعاء والبكاء والخشوع والخضوع والركوع والسجود، بما يُشعر المرء بالسكينة والطمأنينة والاستبشار بأن هذه الفئة هى المنصورة، وأن الله لن يضيعها. أما فى النهار فالشمس الحارقة فى كبد الصيف مع وجود نساء وأطفال.. كل هذا يعطى مؤشرا واضحا بأن هذه قضية عادلة ومحقة، تلك القضية التى تستحق كل هذه التضحية وجميع هذا الثبات. فإذا كشفنا الستار عن المشهد الثانى، مشهد مدان التحرير أو الاتحادية، وجدنا التشتت فى الرؤية والتمزق فى الهدف، فهم عبارة عن أمشاج مختلطة ما بين من خرج لحظ نفسه وبين من خرج لمجرد الرفض لمرجعية مشهد رابعة العدوية، ومن خرج لاستعادة النظام السابق ومن خرج لمطالب عادلة ومحقة.. ينتشر التحرش والاغتصاب الجماعى، وتسود روح عدم الثبات والانشقاق والتشرذم؛ حيث لا ثبات ولا صمود ولا تضحية ولا إيثار، وهذا من علامة خذلان الله لهم! إن يوم 30 يونيو الذى كانوا يعدونه ليكون يوم قيامة الإسلاميين والوطنيين الشرفاء سوف يسجله التاريخ على أنه يوم فارق فى حياة مصر، وأن من وقفوا وثبتوا فى ميدان رابعة العدوية أحبطوا مخطط الانقلاب على الثورة والانقلاب على الشرعية، وإبطال المحاولات المستميتة لاستعادة النظام السابق القديم برؤوسه ومصالحه وطبيعته. ومن هنا أقول بكل اطمئنان: إن مصر قبل 30 يونيو ليست هى مصر بعد 30 يونيو، فسوف تنكسر شوكة المعارضة ويسلس قياد الأمور للرئيس المنتخب على أن يتخذ إجراءات صارمة وحاسمة تأخر فيه كثيرا لصالح الثورة ولصالح مصر والمصريين.