التحصين يعمِّق الأزمة والإلغاء يعيد رسم الخريطة السياسية بانتخابات برلمانية جديدة حتى 16 يونيو الجارى، موعد حكم المحكمة الدستورية فى دستورية مرسوم الصوت الواحد الانتخابى، الذى جرت الانتخابات النيابية الأخيرة وفقا له، وقاطعتها المعارضة الكويتية (الإسلامية والوطنية والشعبية)، وطعنت عليه.. حتى ذلك اليوم تعيش الساحة السياسية الكويتية فى حالة من الترقب والغموض، وسط موجة من الشائعات التى تربك المشهد السياسى. وكانت قوى المعارضة قد تقدمت بطعن بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 بتعديل القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة الشهير بمرسوم قانون الصوت الواحد. وفى هذا السياق، تسعى المعارضة الكويتية لمواجهة استباقية لتحصين متوقع للمرسوم مع بعض المعالجات الإجرائية والتعديلات، التى تعتبرها المعارضة التفافا على الدستور. حيث قال النائب فى المجلس المبطل محمد الدلال: "يهمنا فى حكم الدستورية أن لا يمكن الحكومة منفردة بوضع قانون الانتخابات فى غياب المجلس، وأن تغل يد الحكومة فى التوسع بإصدار مراسيم لا تتوفر فيها حالة الضرورة، وأن تتنبه المحكمة إلى ضرورة التصدى للعبث الحكومى بخلق شماعة الخطأ الإجرائى فى الانتخابات القادمة". بينما شدد النائب عن الحركة الدستورية الإسلامية د. جمعان الحربش -فى اتصال مع "الحرية والعدالة"- على أنه إذا حصنت الدستورية مرسوم "الصوت الواحد" فالمقاطعة واجب أخلاقى ووطنى، قائلا: هل يعقل أن 5 مجالس تحل فى ست سنوات، مؤكدا أن تحصين مرسوم "الصوت الواحد" إلغاء للدستور. وأوضح الحربش، أن حل مجلس 2012 باطل، ولا أحد يعتقد أن الحراك سينتهى، متسائلا ماذا نقول للمعتقلين ولمسلم البراك الملاحق ب98 قضية وفيصل المسلم الملاحق بتعويضات مليونية؟! وتابع: أن تكون العملية الانتخابية فى يد السلطة عن طريق مراسيم الضرورة يجب أن تطوى، ومعنى أن يتم تحصين مرسوم الضرورة أننا نقول للسلطة التنفيذية فى المستقبل كلما رفضتم نتائج الانتخابات غيروا الدوائر الانتخابية، ونحن نؤكد "ومن يطالبنا أن ننخرط فى الانتخابات إذا ما تم تحصين مرسوم الضرورة هو يطالبنا بالشراكة فى جريمة لن نشارك فيها وستكون أشبه بالمجلس الوطنى". وأضاف الحربش: إذا أبطل المرسوم فمجلس 2009 انتهت مدته ولا مكان لوجوده فهو مجلس أسقطه الشعب الكويتى، ويجب أن يعرف الجميع أننا لن نقبل أن تستبد السلطة بالنظام الانتخابى، وأعتقد هنا تنتهى مهمة الدستورية، واليوم واجب أعضاء المحكمة الدستورية الانحياز إلى الأمة والشرعية، فقد تم إبطال مجلس 2012 لخطأ إجرائى، وقناعاتنا التى نراها اليوم وسنقولها فى كل وقت إنه لا يجوز أن يبطل خيار أمة لخطأ إجرائى فعلته السلطة التنفيذية. وعلى ذلك، فكل مجلس فى المستقبل من الممكن أن تفتعل الحكومة خطأ إجرائيا ويتم إبطاله، ومع ذلك فى مجلس 2012 مجلس الأغلبية الشرعية ما رفضنا التعامل مع هذا القرار؛ فقد أبطل خيار الأمة بحكم قضائى لسنا مقتنعين به، لكن حينما تصل إلى إبطال الدستور الكويتى أعتقد المشاركة فى هذه الجريمة هى إضفاء لمشروعية خطيرة، وهى استبداد السلطة التنفيذية، وأحسب أنها ستقود البلد إلى الهاوية بهذه القرارات. وكان عدد من قيادات المعارضة السياسية قد اجتمعوا -الاثنين الماضى- بديوان رئيس مجلس الأمة السابق أحمد السعدون، ووجهوا عدة رسائل إلى الحكومة بأن الهدوء الشعبى الذى يشهده الشارع الكويتى حاليا ليس قبولا بالأمر الواقع، لكنه انتظار لحكم الدستورية فى 16 يونيو، مؤكدين رفضهم أن يبقى مصير أية انتخابات نيابية بالكويت بيد السلطة التنفيذية التى يمكنها التحكم بمخرجات العملية السياسية. كما كان لافتا تأكيد أحمد السعدون ونواب المعارضة أن الكويتيين لن يقبلوا بالعودة إلى تجربة المجلس الوطنى التى عاشتها البلاد فى 1986، بعد الانقلاب على إرادة الشعب وتعيين النواب فى المجلس الوطنى. وكانت ساحات الإرادة والدواوين الكويتية قد شهدت حراكا سياسيا واسعا وتظاهرات شارك فيها عشرات الآلاف قبل نحو شهر، وواجهتها قوات الأمن، كما تشن السلطات حملة بلاغات وقضايا ضد القيادات السياسية والمعارضين. وفى السياق ذاته، أصدر التيار التقدمى الكويتى والمنبر الديمقراطى الكويتى بيانا حول الحكم المرتقب للمحكمة الدستورية فى الطعن بمرسوم الصوت الواحد، أكدا خلاله على أهمية الحكم بوصفه يرسم مرحلة تاريخية جديدة، داعين إلى مراعاة قواعد النظام الديمقراطى فى البلاد. وإلى موعد الحكم يبقى المشهد السياسى غامضا، منتظرا إما التحصين.. وعندها ستخرج التظاهرات والاحتجاجات الشبابية والشعبية التى تضع الاستقرار السياسى على المحك، وإما إلغاء مرسوم الضرورة، وعندها سيصدر قرار حل مجلس الأمة حلا دستوريا وتعاد الانتخابات على أساس القانون رقم 42 لسنة 2006، الذى يعيد رسم الخريطة النيابية والسياسية من جديد.