* التيبّس العاطفى وجفاف المشاعر يؤدى إلى الانفصال أو تصحر الحياة الزوجية * حاولى بناء الثقة وإدارة حوار جذاب وتفاعل إيجابى مع زوجك أكتب إليك بعد أن مللت الحديث مع نفسى فرغم أنى متزوجة ولى أولاد إلا أننى أعيش فى وحدة نفسية وعزلة رغم وجود زوجى معنا؛ فهو ليس مسافرا أو لديه عمل يستغرق وقته خارج المنزل طوال اليوم، فهو موظف حكومى ينتهى من عمله عصرا، إلا أنه لا يربطنى به غير تلبية احتياجاته ومتطلباته الزوجية. نعم هو فى كل تصرفاته ممتاز؛ فهو كريم إلا فى عواطفه، وهو ذكى إلا فيما أحتاجه من تواصل عاطفى. وفى الواقع أنا أعلم أنه يحبنى ورغم ذلك أشعر كثيرا أنه معى بجسده لا بقلبه؛ فليست كل احتياجاتى مسكنا فاخرا ومطعما طيبا؛ حتى فى تربية أولادنا وهم أغلى ما نملك؛ فكل منا له أسلوبه الخاص معهم. وقد أدى ذلك إلى العديد من المشاحنات لانعدام الحوار وتبادل وجهتى النظر حول أى موضوع فهو إما أن يقول تصرفى أنت بما ترينه مناسبا أو أن يُصدر قرارا مقتضبا دون أى تبرير، وإذا تساءلت أو عرضت وجهة نظر أخرى إما أنه يسفه رأيى أو يتجاهله. أستاذى الفاضل، لقد حاولت أن أتكلم مع زوجى الذى أحبه وأحترمه عن المشاكل التى تولدت من انعدام الحوار بيننا فيبادرنى: لماذا لا تحمدين الله على كل تلك النعم؟ ويتساءل: ماذا ينقصك؟ أستاذى الفاضل، أنا فى حيرة من أمرى هل أنا متجنية على زوجى؟ أم أننا فعلا نواجه مشكلة ربما تتحول مع الوقت إلى تصدع بيننا؟ أنتظر ردك. يجيب عن هذه الاستشارة د. يحيى عثمان، المستشار الاجتماعى والأسرى، فيقول: ابنتى الكريمة، لقد تحدثت عن حالة زوجك الصامت، ولكن دعينى أتساءل: هل كانت هذه حالته منذ أن تقدم لخطبتك فى أول لقاء وخلال الشهر الأول من الزواج؟ لماذا لم تسألى نفسك ما الأسباب التى أدت بزوجك إلى هذه العزلة النفسية بينكما، رغم أن الحوار احتياج طبيعى، والمولى جل شأنه حاور الملائكة والأنبياء حتى إبليس "قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ" (الحجر: 32). دعينى أطرح عليك بعض الأسباب التى عادة ما تؤدى بالزوج إلى الخرس والعزلة النفسية بين الزوجين ألا وهى: 1 – اقتصار حديث الزوجة على الطلبات الشخصية أو الأسرية أو الشكوى المستمرة التى تؤدى إلى التجريح أو التقليل من قيمة الزوج. 2 – استخدام أسلوب غير مناسب فى الحديث أو فى طريقة عرض الموضوع محل حوار الزوجين. 3 – عرض الموضوع بشكل مناسب، ولكن قد يكون الوقت والمكان غير مناسبين، مثل عرض الموضوع داخل غرفة النوم قبل النوم مباشرة. 4 – مراعاة الحالة النفسية والمزاجية فربما يكون الزوج مهموما بأمر ما فى عمله أو يواجه أزمة مالية أو مشكلة صحية أو عائلية تخص أهله. 1 – قد يعزف الزوج عن الحديث إن لم يجد من زوجته الاستماع بإنصات واهتمام، حتى ولو لم يكن الموضوع له قيمة أو حتى تكرر عرضه مرات عدة. فإن لم يجد الزوج من زوجته الشوق والاهتمام حتى لو كان مصطنعا فسوف يصمت. 2 – قد تبدو الزوجة مستمعة بإصغاء ولكن لا ينتهى الأمر عند ذلك! فما بعد الحديث هو المهم، فما كان مطلوبا منها وما كان يهدف الزوج من الحديث معها بشأنه لم تفعله رغم موافقتها عليه. مثلا أن يحدثها عن أن ابنهما فى سن حرجة ويحتاج منها زيادة جرعة الاهتمام ولا يجد أثر ذلك فعليا أو أنه يعانى من مشكلة مالية ويطلب منها ترشيد الإنفاق ولا يجد منها استجابة فى تقليل الإنفاق. إن تكرار عدم مبالاة الزوجة بما يهدف إليه الزوج من الحوار يفقده دوافع الحوار؛ فيصمت، بعد أن تأكد له أنه لا عائد من محاورة زوجته. 3 – قد يكون رد الفعل من الزوجة فى أثناء الحوار سلبيا مثل التطرق إلى موضوعات انتهت أو ذكريات سلبية وتفتعل منها مشكلات. أو أن يشمل ردها انسحابا سلبيا مثل مغادرة المكان فى أثناء المناقشة أو شدة الانفعال أو تعتقد أن الهدف من الحوار هو التقليل من شأنها مما يدفعها إلى التبرير غير المنطقى أو الهروب ورفض المواجهة. الآثار: أختى الفاضلة، إن استمرار حالة الصمت قد يؤدى إلى الفتور ليس فقط من الحديث بين الزوجين ولكن ما يعقبه من فتور شامل لكل أدوات التواصل الزوجى؛ فقد يؤدى ذلك إلى ملل من الحياة الزوجية بكاملها وهذا بالطبع يؤدى بالبحث عن حل إما بالانفصال أو الزواج بأخرى. كما يمكن أن يؤدى ذلك أيضا إلى آثار سلبية على الأولاد لقصور التواصل بين الزوجين بصياغة منهجية تربوية شاملة متكاملة تتوافق مع الدور الذى يمكن أن يقوم به كل منهما تجاه هذه المسئولية العظيمة. الحل: بعد إخلاص النية لله عز وجل والتوكل عليه وتذكر المعانى الجليلة لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذى يشيد بقيمة ما تبذله الزوجة من جهد فى بناء الأسرة المسلمة حيث قال "..وحسن تبعل الزوجة لزوجها يعدل ذلك كله". عليكِ أولاً مراجعة تاريخ علاقتك بزوجك بكل موضوعية والتعرف على السلوكيات التى بدرت منك ودفعت زوجك إلى مثل هذه الحالة. وقد يساعدك فى ذلك أيضا التزود المعرفى من المكتبة العربية وعشرات الصفحات الإلكترونية والمحطات الفضائية التى تبث برامج عن الأسرة والتنمية الذاتية الخاصة التى تتناول فنون العلاقات الزوجية والأسرية وأساليب الحوار والتأثير فى الآخر وكيفية عرض الأفكار وغيرها فهى يمكن أن تكون المعين الذى يزودك بالمعرفة القيمة فى بناء الثقة والقدرة على بناء حوار جذاب مع زوجك وتفاعل إيجابى معه.