ضمن برنامج "امرأة ورجل فى عيون السينما"، عرض مركز الجزيرة للفنون ثلاثة أفلام تسجيلية قصيرة هى "غريب" للمخرجة ندا زتونة، "المواسم الأربعة" للمخرجة نهى المعداوى، "الباب" للمخرج عبد الفتاح كمال، بدأت العروض بفيلم "غريب" تلاه فيلم "المواسم الأربعة" وهما فيلمان قصيران لم يتعد زمنهما العشر دقائق ولولا الفيلم الثالث "الباب" الذى امتد عرضه لحوالى النصف ساعة لكانت حصيلة اليوم الفنى هزيلة جدا ليس بسبب ضعف المحتوى الفنى لهذه الأفلام فقط، ولكن أيضا لغياب الجمهور تماما وعدم وجود شخص واحد داخل قاعة العرض! بدأت العروض، وكنت أنا المشاهد الوحيد الذى لا يعمل ضمن طاقم الموظفين بالمركز، وانتهت العروض كما بدأت ولم أنظر خلفى لأرى إن كان مسئولو قاعة السينما بمركز الجزيرة الذين حضروا معى بداية العروض استمروا حتى النهاية أم لا. ليس بالشىء الجديد، فكثيرا ما نتردد على عدد من المراكز الثقافية ومراكز الإبداع ولا نجد إقبالا لحضور إحدى الفعاليات من عروض سينمائية أو مسرحية أو موسيقية، ولا نجد سوى عدد محدود من الجمهور يكونون فى معظمهم إعلاميين قد حضروا لتغطية الفاعلية أو مسئولون عن الفاعلية وأصدقائهم. الأمر لا يصل إلى ما نأمل أن نراه فى المراكز الثقافية الخاصة كمكتبة بدرخان وساقية عبد المنعم الصاوى من حضور جماهيرى كبير يعكس مدى تقدير هذا الشعب للفنون والثقافة ولكن يشهد لها بالأفضلية، فإلى متى تظل السياسات المتبعة نفسها فى إدارة تلك المراكز على نهجها ونحن نتابع مراكز الإبداع الثقافى تتحول شيئا فشيئا إلى مراكز مظلمة لا يلتفت إليها أحد ولا يعلم كيف يصل إليها؟ بدأت العروض كما ذكرنا سالفا بعرض فيلم "غريب" للمخرجة ندا زتونة، ويعرض الفيلم لرجل فى الخمسينات من العمر يحكى تجربته البسيطة مع الحياة، حيث عمل فى مطلع شبابه حرفيا وحالفه الحظ عندما ذهب لينهى عملا فى بيت أحد قيادات الشرطة الذى عرض عليه أن يلحقه بالعمل بالشرطة، فوافق لكنه سريعا ما كره ذلك العمل لما فيه من عنف تجاه الآخرين، ثم اتجه بواسطة أحد الأصدقاء إلى العمل فى السينما ككومبارس يؤدى أدوار رجال الشرطة لخبرته السابقة فى هذه المهنة. العرض الثالث فيلم "الباب" للمخرج عبد الفتاح كمال، ويعرض تاريخ رقصة التحطيب الذى يبدأ من الفراعنة، حيث وجدت الكثير من النقوش على جدران المقابر فى عصور ومناطق مختلفة كبنى حسن بالمنيا والقرنة بالبر الغربى لمدينة الأقصر، واحتوت تلك النقوش على صور لجنود يتدربون على استخدام العصا فى الحرب، وهذا ما عرف حديثا بالتحطيب الذى استخدم لاستعراض القوى فى النزاعات واستعراض الموهبة والمهارة فى الرقص بالعصى فى الأفراح والمناسبات. و"الباب" معناه النقطة التى يحصل عليها لاعب العصا من خلال توصيل ضربة بالعصا للخصم ما بين القدم والعنق، أما إذا وصلت الضربة للرأس فتكون القاضية أو الحاسمة. غاب عن الأفلام الثلاث فكرة التوثيق، التى من أجلها سميت تلك النوعية من الأفلام بالتسجيلية أو الوثائقية، فهى تسجيلية لتسجيلها حدث أو ظاهرة معينة وتوثيقية؛ لأنها توثق لذلك الحدث أو الظاهرة، وهذا ما غاب عن الأفلام، فلم نجد عرضا لأسماء الشخصيات المستعان بها فى تصوير الأفلام أو وظيفتها أو مساهمتها فى الأحداث إلا فى التترات، إلى جانب فريق العمل كالأفلام الروائية.