كيف أصبح مظهر شاهين خطيبا للثورة وهو مَن تم تعيينُه فى مسجد عمر مكرم عن طريق أمن الدولة شأنُه شأن معظم المشايخ بالوزارة وقتها؟! حيث كان أمن الدولة هو مَن يدير وزارة الأوقاف من الألف إلى الياء، وما كان الوزير أو وكلاء الوزير إلا سكرتارية يتلقون الأوامر من قيادات وضباط بل أمناء الشرطة فى قطاع أمن الدولة المنحل. كما أنه لا يشك أحد فى أن المساجد الكبيرة التابعة للوزارة ما كان يتم السماح فيها لأحد بالإمامة والخطابة إلا المرضى عنهم من أمن الدولة الحاكم الفعلى للبلاد. أذكر هذه الشهادة كونى كنت منسقا للمنصة الرئيسية وشاشة العرض الكبيرة التى قمنا بإنشائها بجوار "هارديز" فى بدايات الثورة المصرية. أول ظهور ل"شاهين" فى أحداث الثورة كانت خطبته فى يوم الجمعة 4 فبراير، التى جاءت بعد أحداث موقعة "الجمل" مباشرة التى شارك فيها الملايين من أبناء الشعب. حيث جاءت الأخبار إلينا بأن الشيخ محمد حسان سوف يأتى ليخطب الجمعة، ويقنع المتظاهرين بإخلاء الميدان، وهو ما أشعل الغضب فى نفوسنا من هذا الموقف، وقررنا عدم السماح له أو لغيره بذلك. وفى صباح هذا اليوم الجمعة 4 فبراير، جاء الشيخ جمال قطب وطلب منى أن يلقى كلمة للمتظاهرين، فاستقبله فريق المنصة باحترام، وطلبت منه عدم التصادم مع مطالب الثوار، خصوصا بعد الدماء التى أراقها نظام المخلوع فى موقعة "الجمل". لم يسمع "قطب" لنصيحتى، وألقى كلمة دعا فيها الثوار إلى الهدوء وحل الأزمة سياسيا لا ثوريا، وهو ما أغضب الثوار فهتفوا ضده وهَمَّ بعضهم بالاعتداء عليه، فأدرك الرجل خطورة الموقف وتراجع عما قال، وطلب من الثوار أن يسامحوه ثم انصرف ولم يعد مرة أخرى. فى هذا الموقف كان الشيخ صفوت حجازى أحد أبطال الميدان بلا منازع، وكنا نرى ضرورة أن يلقى "حجازى" الخطبة وعرضنا عليه ذلك إلا أنه رفض. هنا ظهر على مسرح الأحداث بزيه الأزهرى مظهر شاهين، إمام وخطيب عمر مكرم، الذى قَبِلَ على الفور أن يخطب الجمعة بلا تردد!! خطب "شاهين" الجمعة ولم يكن قد وصل إلى علمنا أنه قام بمداخلة على قناة "الفراعين" مسجلة وموجودة على موقع "اليوتيوب" يوم الأربعاء 2 فبراير يوم موقعة "الجمل" دعا فيها الثوار إلى ترك الميدان، ورفَضَ دعوات الاحتشاد لمليونية الصمود والإصرار بعد موقعة "الجمل"، وعد الأحداث فتنةً يجب إطفاؤها، وأنه لا يعلم مَن يقتل مَن؟!! نعم.. لم نكن نعلم حقيقة مظهر شاهين، الشيخ الأزهرى الذى عيّنه أمنُ الدولة إماما وخطيبا لمسجد عمر مكرم، أحد أكبر المساجد بالقاهرة. لم نعلم بحقيقة "شاهين" ولو كنا نعلم ما سمَحْنا له أبدا بأن يخطب الجمعة، التى فتحت له الباب بعد ذلك ليكون خطيبا للثورة!! سامحنى الله.. فقد كنتُ أول مَن أسهم فى هذا الخطأ، وكنت أتصل ب"مظهر" لأعلمه بالخطبة والأهداف من ورائها فى معظم المليونيات التى تمت بعد خلع مبارك. من جانبى، أؤكد أن "مظهر" شارك فى الثورة فقط؛ لأنه كان إماما لعمر مكرم، ولو كان إماما لمسجد غيره لَمَا شارك فى الثورة من الأساس، بل لا أستبعد أن يكون أمن الدولة هو مَن سمَح له بذلك ليكون عَيْنًا له علينا!!