منتجات "بير السلم".. الموت فى "قطع الغيار"

مجدى المنزلاوى: 50% خسائر المصانع المرخصة.. والحل: إنشاء "مجمعات صناعية صغيرة"
رئيس جمعية حماية المستهلك: منتجاتها بدون إشراف فنى أو علمى
ربما صادفك يوما أن تعطلت سيارتك أو غسالتك أو ثلاجتك أو أى من الأجهزة الكهربائية أو الهندسية واشتريت لها قطع غيار، وما لبث أن مَرّ عليها أيام قليلة حتى توقفت وتعطلت ثانية رغم أنها لم تعمل لفترة طويلة.
السبب فى ذلك أن هناك مصانع لا تخضع للرقابة ويطلق عليها مصانع "بير السلم" غالبا تكون منتجاتها غير مطابقة للمواصفات رغم أنها قريبة الشبه من المنتج الأصلى ولا يستطيع غير المتخصص أو الفنى تمييزها، وفى العادة يتم الغش فى 3 أشياء هى الخامات و"التيكت" والصلاحية.
وغالبا ما يحدث أن يتم تدوير "الكُهنة" التى تكون على الأرجح منتهية الصلاحية فى السيارة أو الغسالة أو الثلاجة وغيرها، بحيث يتم عمل معالجات كيماوية لها حتى تبدو جديدة أما من الداخل فهى متهالكة، وكثيرا ما يعمد القائمون على تلك الصناعات إلى تغيير "التيكت" وكتابة بلد المنشأ عليها ويتم بيعها على أنها مستوردة من الخارج.
كوارث قطع غيار سيارات
تقرير الإدارة العامة لمباحث التموين والذى حصلت عليه "الحرية والعدالة" يكشف عن ضبط 373 ألفا و170 قطعة غيار سيارات ودراجات مغشوشة فى الفترة ما بين 1\1\ 2013 حتى 5\4\ 2013.
ويوضح التقرير أن من أبرز القضايا التى تم ضبطها فى مجال مكافحة ضبط قطع غيار السيارات المغشوشة والمجهولة المصدر قيام صاحب شركة لقطع غيار السيارات بتجميع كميات كبيرة من قطع الغيار صينية الصنع خالية من أية فواتير أو مستندات تفيد مشروعية دخولها البلاد "مجهولة المصدر" مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات القياسية، فضلا عن أنها مُقَلّدة لكبرى الماركات العالمية.
وحسب التقرير فإن هذا الشخص الذى يتخذ من عقار كائن بقليوب مخزنا غير مرخص لمزاولة نشاطه؛ تمهيدا لطرحها للبيع بالأسواق على أنها أصلية، وهو ما يعد مدخلا للغش والتدليس على جمهور المستهلكين ومعرضا حياتهم للخطر، بهدف تحقيق أرباح غير مشروعة بالمخالفة لقانون حماية الملكية الفكرية.
ويشير التقرير إلى ضبط 15 ألف قطعة غيار سيارات (رولمان بلى- فلتر- قاعدة صباب بوجيه) بعضها غير مدون عليه بلد المنشأ فى أحد المخازن، فضلا عن ضبط صاحب مخزن (غير مرخص) لقطع غيار السيارات- بقسم الهرم- لحيازته 1399 قطعة غيار مختلفة الأنواع ذات منشأ صينى مجهولة المصدر، إذ يقوم بإزالة البيانات المدونة عليها وتدوين بيانات "صنع فى ألمانيا".
ويوضح التقرير أنه تم ضبط صاحب مصنع آخر لقطع غيار السيارات -بقرية ميت حلفا- لقيامه بإنتاج وتصنيع فلاتر السيارات مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات القياسية مستخدما خامات أجنبية الصنع خالية من أية فواتير أو مستندات تفيد مشروعية حيازتها أو مصدرها، حيث تم ضبط 254850 قطعة (حشو فلتر، جوان فلتر، كوباية فتلر) وكلها مستلزمات إنتاج.
مخاطر "بير السلم"
يعلق المهندس مجدى المنزلاوى -نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات- على انتشار ظاهرة قطع الغيار والسلع الهندسية المغشوشة بقوله: إن مصانع " بير السلم" فى مجال الصناعات الهندسية تظهر بوضوح فى الأجهزة الكهربائية وصناعات تشكيل المعادن وقطع غيار السيارات وغيرها، لافتا إلى أن خطورتها تكمن فى أنها تؤثر على مستوى الأمان والجودة واستهلاك الطاقة، وتؤثر فى الوقت ذاته على المصانع المرخصة بنسبة لا تقل عن 50%.
ويضيف المنزلاوى أن اتحاد الصناعات ووزارة الصناعة لديهما برامج متعددة لضبط حركة السلع، وتصنيف منتجات "بير السلم" ضمن المنتجات على أنها غير مشروعة، مشيرا إلى أن معظم منتجات هذه المصانع صناعات مغذية لأن تلك المصانع ليس لديها قدرات كبيرة وتكنولوجيا حديثة بالتالى فإن معظمها صناعات صغيرة.
ويشير المنزلاوى إلى أنه يوجد نوعان من صناعات "بير السلم" فى مجال الصناعات الهندسية؛ الأول مصانع لديها الرغبة فى الوجود فى السوق بصفة رسمية لكن تواجهها معوقات تتعلق بالتراخيص وتعرقلها الإجراءات الروتينية فى أن يكون لديها ورشة معتمدة، أما النوع الآخر فمصانع لا يكون لدى أصحابها الرغبة فى دفع الضرائب ويفضلون البقاء فى السوق غير الرسمية.
ويستطرد قائلا: "هناك تقديرات لبعض الخبراء أن سوق بير السلم تمثل 50% من حجم السوق المصرية"، موضحا أنه لا يوجد مستندات رسمية تؤكد عدد هذه المصانع أو الصناعات التى تنتجها.
مجمعات صناعية صغيرة
ويؤكد نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية أن الحل الوحيد للقضاء على تلك المشكلة أن يتم إنشاء مجمعات صناعية صغيرة وعمل ورش صغيرة وتقنينها، مشيرا إلى أن ذلك سيعود على المجتمع بمنافع عدة منها سداد الضرائب المستحقة وضمان جودة المنتج.
وشدد المنزلاوى على ضرورة أن تكون هناك نظرة وخطة شاملة، بحيث يتم تيسير الإجراءات لإنشاء تلك المجمعات بحيث يوجد فيها غرفة تجارية وإدارة سجل تجارى ومكتب ضرائب ومكتب صناعى ولا يحتاج الشخص الذى يرغب فى إقامة المصنع "فوق" أو بشكل شرعى أن يقطع مسافات طويلة لإنهاء تلك الإجراءات، على أن يكون هناك فئات ضريبية للمدة الماضية وتكون هناك مساهمة فى التأمينات الاجتماعية.
كود وزارة الصناعة
من جانبها، تقول الدكتورة سامية الجندى -رئيس جمعية حماية المستهلك بالمعادى- إن مشكلة صناعات "بير السلم" تتمثل فى أنه لا يوجد إشراف فنى أو علمى أو عملى عليها سواء من جانب الحكومة أو الجمعيات الأهلية؛ لذا فإن المنتج غير مضمون وغير آمن.
وتضيف أنه بالإضافة إلى عدم صلاحية تلك الصناعات والتى غالبا ما تكون منتهية، فإن خاماتها لا تصلح من الأساس ومن ثم فإن المنتجات التى تنتج فى المصانع تكون غير معتمدة وغير حاصلة على موافقة من وزارة الصناعة".
وتتابع الجندى قائلة إنه فى حال العثور على أى من منتجات "بير السلم" وإذا لم يكن المنتج معروفا ومن شركة معتمدة، وعليه كود من وزارة الصناعة فإن الجمعية تُخطر مباحث التموين لاتخاذ الإجراءات اللازمة".
وتوضح أنه تم خلال الأيام الماضية ضبط كميات كبيرة من أسلاك كهربائية وقطع غيار سيارات وإطارات وفرامل مطروحة من قبل مصانع " بير السلم" لا تصلح للاستخدام.
وتشير رئيس جمعية حماية المستهلك إلى أن الأسلاك الكهربائية المصنعة فى مصانع "بير السلم" عندما يتم توصيلها بالكهرباء ما تلبث أن تنصهر وهذا يمثل خطرا كبيرا؛ نظرا لاستخدامه فى المنازل وقد يتسبب فى حدوث الحرائق، كما أن استخدام قطع غيار لفرامل السيارات غير أصلية تعرض قائد السيارة ومن معه ومن على الطريق إلى مخاطر كبيرة قد تودى بحياتهم.
وتؤكد أنه لا توجد إحصائيات بالمنتجات التى تصنع فى مصانع "بير السلم"، لافتة إلى أن الفوضى والانفلات الأمنى دفع العديد من هذه المصانع إلى طرح منتجاتها فى الأسواق بشكل لم يكن موجودا قبل الثورة، وناشدت المواطنين عدم شراء أية منتجات مجهولة المصدر.