برزت قضية استهداف دولة الإمارات العربية لأعضاء دعوة "الإصلاح" التى تحمل فكر الإخوان المسلمين، على سطح المباحثات التى أجراها ولى عهد أبو ظبى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أمس الثلاثاء، مع الرئيس أوباما فى البيت الأبيض لمناقشة العلاقات القوية والدائمة بين البلدين والمصالح الإستراتيجية المشتركة لمنطقة الخليج والشرق الأوسط. وسلطت الكاتبة لورى بلوتكين بوجارت، المتخصصة فى سياسة الخليج العربى بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، الضوء على هذه القضية، مؤكدة أن من بين المواضيع فى طليعة مباحثات الرجلين هى الإجراءات الأمنية الأخيرة التى اتخذتها الإمارات لاستهداف جماعة الإخوان المسلمين المحلية المعروفة باسم دعوة "الإصلاح". وقالت لورى إنه تجرى محاكمة (94) شخصا معظمهم من أعضاء "الإصلاح" كانوا قد اعتقلوا العام الماضى بتهمة التنسيق مع جماعات أجنبية والتآمر للاستيلاء على السلطة، وغيرها، وأضافت أن هناك توقعات واسعة النطاق بأن ولى العهد هو العقل المدبر وراء فرض تلك القيود الصارمة. وأشارت الكاتبة الأمريكية إلى أن العلاقة بين دعوة الإصلاح والحكومة الإماراتية تتميز بوجود خط متباين طبقا للظروف الإقليمية، ففى أواخر خمسينيات وستينيات القرن الماضى، وصل أعضاء من جماعة الإخوان المصرية الفارون إلى دول الخليج من قمع نظام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر؛ حيث فتحت لهم تلك البلدان أحضانها، واعتبرهم حكام المنطقة ثقل موازنة مريحا لمشاعر القومية العربية، التى اعتبروها تهديدا متناميا لهم فى ذلك الوقت. إجراءات تعسفية وتولى أعضاء دعوة "الإصلاح" من الإماراتيين المنتهجين لفكر الإخوان المسلمين العديد من المناصب الرفيعة فى قطاعات التعليم والعدل، بما فى ذلك منصب وزير التربية والتعليم. ومع زيادة نفوذ أعضاء جماعة "الإصلاح"، بذلت الحكومة جهودا كبيرة للحد من نموها؛ حيث قامت الحكومة بنقل العديد من الأفراد العاملين فى مجال التعليم لوظائف بوزارات أخرى لتقليل تأثيرهم على الشباب الإماراتى. وفى الوقت الحالى، قالت الكاتبة الأمريكية إن مخاوف الإمارات من جماعة "الإصلاح" ترتبط بصعود الإسلاميين إلى سدة الحكم فى دول الربيع العربى عبر أنحاء الشرق الأوسط فى أعقاب الثورات العربية، لا سيما فيما يتعلق بمصر، وتشعر أبو ظبى بالقلق من أن دعوة "الإصلاح" تسعى إلى تحقيق نفس الهدف السياسى الذى حققته جماعة الإخوان فى مصر بتوليها السلطة، بعد أن أطاحت ثورة 25 يناير بنظام حسنى مبارك. وأقرت لورى -ذات التوجه الصهيونى- أن المحاكمة التى أجريت ضد عناصر الإخوان الذين تم القبض عليهم مؤخرا فى الإمارات قد شابها حتى الآن مناخ من السرية والتخويف؛ حيث مُنع المراقبون القانونيون الدوليون ووسائل الإعلام الأجنبية من المشاركة ورفع تقارير مباشرة عن إجراءات القضية، كما حكم على والد أحد المتهمين بالسجن لمدة عشرة أشهر الشهر الماضى؛ بسبب نشره "أكاذيب" عن المحاكمة من خلال تغريداته على موقع "تويتر"! وذلك فى انتهاك لقانون جديد يحظر مثل هذا النشاط. ووفقا لتقرير صادر عن أربع مجموعات لحقوق الإنسان، يشكل اعتراف أحمد بن غيث السويدى، الذى تم الحصول عليه من خلال التعذيب فى أثناء الحبس الانفرادى الذى قضاه فى مكان سرى لمدة عام، الدليل الجوهرى لتلك التهم. وأقرت لورى أنه وفى هذا المناخ من المستحيل تقييم الأوضاع المتعلقة بالتهم، وفيما إذا كانت الحكومة تواجه تهديدا حقيقيا حول قيام المتهمين بالتآمر ضدها، وإذا كان الأمر كذلك، وما مداه. وانتهت الكاتبة الأمريكية إلى أنه ستكون هناك تداعيات مهمة لنتيجة المحاكمة، لا سيما إذا تمخض عنها إدانة المدعى عليهم بتهمة التحريض وإثارة الفتنة بالإمارت؛ حيث إن صدور حكم بالإدانة يشمل عرض أدلة مُقنعة ستسىء لسمعة دعوة "الإصلاح" على الصعيد المحلى والدولى، ويجرئ الحكومة على اتخاذ إجراءات إضافية مستقبلية ضد "الجماعة" بدعم خارجى قوى. على الجانب الآخر، فبدون قيام مثل هذه الأدلة، تؤكد الكاتبة أن الإدانة ستترك أبو ظبى عرضة لاتهامات دولية بأنها تقوم بقمع الدعوات السلمية من أجل الإصلاح، وخلصت بوجارت إلى أنه ينبغى على واشنطن أن تشجع أبو ظبى على تعزيز مكانتها فى الداخل والخارج من خلال تقديم أدلة للجمهور حول الجرائم المزعومة.