حمل الخطاب الانتخابى الذى ألقاه رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى أمام مرشحى ائتلاف دولة القانون –الجمعة الماضية- بمدينة كربلاء، وتلاعبه على وتر إلغاء المحاصصة الطائفية التى تقوم عليها حكومته ومحاربته الفساد، بين طياته الكثير من الدلالات التى تشير لرغبته فى دفع العراقيين للالتفاف حوله، وكسب شعبية كبيرة بتصوير نفسه يخوض "ثورة تصحيح" لإعادة العراق لمساره الطبيعى، لمحاولة مواجهة انخفاض شعبيته بسبب سياساته الإقصائية، وذلك استعدادا لانتخابات المجالس المحلية المقررة الشهر الجارى. فالمالكى سعى فى خطابه لمغازلة مشاعر العراقيين الذين يعانون للحصول على أبسط احتياجاتهم الأساسية بسبب استشراء الفساد بصورة غير مسبوقة، حيث قال: إن هناك قناعة بأن تكون الغالبية السياسية لقائمة واحدة أو لقوائم منسجمة، تستطيع أن تشكل غالبية سياسية، لتمضى بالبلاد وبالمحافظة نحو الأمن والتقدم. وأضاف: "نحن على طريق تشكيل الغالبية السياسية لتسيير أمور الدولة مركزيا.. حينما أردنا الغالبية السياسية، اعترض عليها البعض، وقال: "لماذا الاعتراض؟ أليست هى الديمقراطية؟ ومعمول بها فى العالم، فلا إنقاذ من هذا المأزق إلا بحكومة الغالبية". وأكد ضرورة عدم فرض الوزير على رئيس الوزراء، وهو غير منظور بكفاءته واختصاصه، لأن الدولة لا تبنى دون اختصاصات، ولا يوضع الرجل المناسب إلا فى المكان المناسب. وقال: "بدأنا بالشراكة، وتطورت إلى محاصصة سيئة، وانتهت إلى عملية تعطيل الدولة، من خلال قيود على حركة الدولة، وهذه ليست شراكة، وإنما الشراكة هى التى ينظمها الدستور، والتى تحقق المصالح الوطنية العليا". وأشار إلى أن العراق لن تقوم له قائمة إلا بتشكيل حكومة غالبية سياسية، تنهض بالخدمات، وتسكت الأصوات المعارضة والمثيرة للفتن، لافتا إلى أن العمليات الإرهابية عادت إلى مدن العراق بعد كل الجهود التى بذلتها الدولة لضرب الإرهاب. يذكر أن الحكومة الحالية تضم وزراء يمثلون الشيعة والسنة والأكراد، لكن الخلافات بين ممثلى هذه المكونات عادة ما تعرقل تشريع القوانين المهمة فى مجلس النواب أو إقرار وتنفيذ القوانين والمشاريع من قبل مجلس الوزراء. خطاب التفافى علق العديد من المراقبين على خطاب المالكى قائلين: إنه بدأ ينتهج سياسة دغدغة مشاعر العراقيين للالتفاف حوله من جديد، بعدما فقد الكثير من شعبيته جراء سياساته الإقصائية والتهميشية لمكونات كثيرة من المجتمع العراقى على رأسهم السنة، حيث تشتعل فى الكثير من مدن العراق مظاهرات للمطالبة برحيله، بجانب مشاكله مع الأكراد حول النفط، كل ذلك أضعف شعبيته، لذلك لجأ لأسلوب تصوير نفسه على أنه بطل يخوض "ثورة تصحيح" على الفساد، لدفع العراقيين للالتفاف حوله من جديد. وأشاروا إلى أن توقيت الخطاب الذى يبعد عن انتخابات المجالس المحلية نحو أسبوعين يؤكد أن المالكى لم يقصد إلا إنقاذ شعبيته بمحاولة تصوير نفسه بطلا ينقذ العراق من براثن المحاصصة الطائفية، وأنه من أجل ذلك يواجه تحديات جسام ويحتاج للمساندة الشعبية والإعلامية التى لن تتحقق إلا من خلال حصول حزبه على الأكثرية السياسية فى مجالس المحافظات، مما يجعل الكرة فى ملعب المواطن ليشارك فى ثورة التصحيح. يذكر أن محافظات بغداد والأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك ونينوى تشهد منذ 25 ديسمبر الماضى تظاهرات احتجاج واعتصامات، تطالب بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الأبرياء ومقاضاة "منتهكى أعراض" السجينات، فضلا عن رحيل المالكى وإلغاء المادة 4 من قانون الإرهاب وقانون المساءلة والعدالة وإصدار عفو عام وإلغاء الإقصاء والتهميش لمكونات عراقية.