مرة أخرى تحاول السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس عرقلة المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، خاصة بين فتح وحماس، فبعد الدعوة التى وجهتها قطر فى القمة العربية الأخيرة لعقد قمة عربية مصغرة فى القاهرة لإنجاز تلك المصالحة رفض محمود عباس حضور تلك القمة إلا إذا تمت دعوة فتح بوصفها ممثلا وحيدا للشعب الفلسطينى وعدم حضور حركة حماس تلك القمة. ولا يفهم أى عاقل.. كيف يعقد أى مؤتمر لتحقيق مصالحة بين طرفين ويحضر فيها طرف ويتم تغييب الطرف الآخر بدعوى أن الحاضر هو الممثل عن الجميع؟! لا يجادل أحد فى أن منظمة التحرير الفلسطينية -التى تحتل حركة فتح معظم مقاعدها ويتم حرمان "حماس" من التمثيل فيها حتى الآن- هى الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى، وأنها صاحبة الحق فى حضور المنتديات الدولية والعربية الرسمية ممثلا لهذا الشعب، لكن القمة العربية المصغرة المقترحة تعد استثناء لذلك، فهى قمة ذات هدف وحيد هو تحقيق المصالحة بين طرفين صراعهما معروف للقاصى والدانى وانعكاس ذلك السلبى واضح، ومن ثم فمن المنطقى بل من الواجب حضور الطرفين مع احتفاظ كل بصفته.. عباس رئيسا للسلطة وحماس حركة فلسطينية، فما العلة من "التلكك" بتمثيل الشعب الفلسطينى الذى لا محل له من الإعراب هنا. إن عقدة نفسية وعقدة تاريخية تسكنان عقل ونفسية قادة السلطة حيال حركة "حماس" تجعلانهم لا يطيقون رؤية قادتها على مائدة واحدة، ولكم حاولت حركة فتح وحركات أخرى بدعم غربى وتواطؤ صهيونى إزالة حماس من الوجود منذ مجىء محمود عباس رئيسا للسلطة فى 10/ 1 / 2005م بدءا من ممارسات فرق الموت فى غزة، مرورا بإغلاق الجمعيات الخيرية التى تقدم خدماتها لكل قطاعات الشعب الفلسطينى، والاعتداء على المساجد، حتى التعاون الأمنى مع الصهاينة فى الضفة الغربية، وفق ترتيبات الجنرال الأمريكى «دايتون»، وإفشال مشروع رفع الحصار عن غزة فى الأممالمتحدة بالتعاون مع المحتل الصهيونى. وقد فضح الصهاينة دور السلطة المتواطئ فى التخطيط والمشاركة مع الجيش الصهيونى فى الحرب الوحشية على غزة (2008م)، وتابع العالم تصريحات وزير الخارجية الصهيونى (22 / 9 / 2009م) التى كشف فيها أن السلطة برئاسة «عباس» طلبت من الحكومة «الإسرائيلية» مواصلة الحرب على قطاع غزة حتى يتم القضاء على حركة «حماس». كما تابع العالم نشر وثيقة صهيونية رسمية فى مايو 2009م أعدتها الخارجية الصهيونية، التى أكدت مشاركة سلطة «عباس» فى الحرب على غزة ثم وقف الرجل سدا منيعا أمام مناقشة تقرير القاضى «ريتشارد جولدستون» الذى اتهم الصهاينة بارتكاب جرائم حرب فى غزة! ثم يخرج عباس كل مرة معلنا قبوله الحوار والمصالحة مع حماس رفعا للحرج عن نفسه أمام الرأى العام العربى، لكنه يقرن ذلك بشروط تعجيزية، وفى الوقت نفسه لم نر ظلا لأى شروط يطرحها عباس أمام استئناف مفاوضات الاستسلام مع الصهاينة الذين يواصلون التهام الأراضى الفلسطينية وتشريد أهلنا فى القدس والضفة، ويمارسون الإذلال اليومى للمواطن الفلسطينى على الحواجز الأمنية ويفرضون كل شروطهم على السلطة وعلى رأسها عدم الاقتراب من المصالحة مع حماس. إن القضية الفلسطينية لم تكن بحاجة إلى مصالحة الفرقاء من «فتح» و«حماس» أكثر من اليوم، ولم تكن هناك فرصة مناسبة لتحقيقها والبدء فيها مثل اليوم، خاصة بعد أن أدرك الجميع أن الصهاينة ليسوا أهل سلام ولا مفاوضات. ولكن حتى تتحقق تلك المصالحة؛ فلا بد أن تكون شاملة لكل فصائل الشعب الفلسطينى دون استثناء، وأن تنفض "السلطة" عن كاهلها أى ضغوط دولية أو إقليمية عن كاهلها ولا تأبه بالتهديدات الصهيو/ أمريكية، وأن يعلى الجميع مصلحة الشعب الفلسطينى، ويلتفوا جميعا حول خيار «المقاومة"..فلا بديل سواه.