رصدت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان حول العالم، مأساة النازحين داخليا فى الصومال الذين توافدوا على العاصمة "مقديشو" هاربين من المجاعة وانعدام الأمن نتيجة النزاع المسلح. وأوضح المنظمة، فى تقريرها الصادر الأربعاء الماضى، أن عناصر من قوات أمن الدولة وجماعات مسلحة اغتصبوا وضربوا وارتكبوا غير ذلك من ألوان الاعتداءات وسوء المعاملة بحق النازحين الصوماليين. وأشارت إلى أن النساء الذين فروا من جراء المجاعة والصراعات الدائرة إلى معسكرات بالعاصمة مقديشو، يتعرضون لعمليات اغتصاب جماعى داخل هذه المعسكرات، فضلا عن أنهم مُحتجزون عن مغادرة المعسكرات من قِبل الحراس الذين هم أيضا يعاملونهم بطريقة سيئة للغاية. ويعرض التقرير تفاصيل انتهاكات خطيرة تشمل الاعتداءات البدنية والقيود المفروضة على التنقل والحصول على الغذاء والمأوى والتمييز على أساس عِرقى ضد النازحين منذ عام 2011. وتقدر منظمات الإغاثة الإنسانية أن ما بين 180 ألفا و370 ألفا من النازحين يوجدون فى مقديشو، لكن البيانات الدقيقة غير متوفرة بسبب عدم تسجيل النازحين رسميا. وعلى الرغم من تعهدات الإصلاح التى أعلنت عنها الحكومة الصومالية الجديدة التى تولت السلطة فى شهر سبتمبر العام الماضى، إلا أنها لم تنفذ الإصلاحات على أرض الواقع لتغيير الأوضاع الحالية المأساوية فى البلاد. انعدام الأمن تتجدد المعارك العنيفة والمباغتات من حين لآخر بين القوات الحكومية ومقاتلى حركة الشباب المجاهدين فى المناطق التى توجد فيها قوات الطرفين. وأفادت تقارير مؤخرا أن معركة عنيفة اندلعت فى منطقة "برتاطير" فى إقليم "جدو" جنوب غرب الصومال، بعد هجوم مباغت شنته القوات الحكومية على المنطقة التى كانت توجد فيها عناصر تابعة لحركة الشباب، وتسبب فى إلحاق أضرار بالغة بالمقاتلين. وشهدت العاصمة مقديشو خلال الأسابيع الأخيرة عمليات اغتيالات وهجمات انتحارية تساعد على زعزعة استقرار الصومال التى تعيش فى أسوأ الأزمات منذ أكثر من 10 سنوات؛ جراء الجفاف والنزاع والارتفاع فى الأسعار، وما خلفته من آثار فتاكة على الإنسانية. ففى غضون ثلاث سنوات، تسبب الصراع فى الصومال بمقتل أكثر من 21 ألف صومالى، وذلك فى الفترة بين مطلع عام 2007 ونهاية العام 2010، كما أدى إلى تشريد مليون و500 ألف شخص من منازلهم. ولم يشهد عاما 2011 و2012 تحسنا فى ظروف الأمن، كما أنه إضافة إلى الضحايا الذين يسقطون جراء النزاع بين الطرفين، فهناك أبرياء يدفعون حياتهم بسبب غياب النظام العام، واتساع معدل الجريمة وانتشار السلاح على نطاق متزايد بين الأفراد. جفاف ومجاعة كانت وكالات الإغاثة الدولية التابعة للأمم المتحدة قد حذرت من أن الجفاف والمجاعة فى الصومال قد يؤديان إلى مأساة إنسانية ذات أبعاد خطيرة؛ إذ سيحتاج شخص واحد من بين كل ثلاثة أشخاص إلى مساعدات إنسانية عاجلة. وأشارت إلى أنه ما يزيد من تفاقم الوضع ارتفاع أسعار الغذاء وندرة المياه الصالحة للشرب فى معظم أنحاء الصومال، خاصة الأقاليم الجنوبية والوسطى؛ حيث يعانى السكان فيها من قلة الغذاء التى تتسبب فى وفاة الأطفال الصغار. يشار إلى أن تلك الكوارث حصدت حياة مئات الآلاف من المواطنين، وخلفت أعدادا من المصابين عقليا أو نفسيا أو جسديا بعد هلاك معظم الثروة الحيوانية وفشل الزراعة الموسمية، ونزوح عشرات الآلاف من السكان إلى العاصمة وضواحيها، بالإضافة إلى اللجوء القسرى للدول المجاورة؛ نتيجة للجفاف المتكرر والتصحر والفيضانات والحروب المستمرة منذ ما يزيد عن عقدين.