• احتواء أزمة إضراب النيابة- فتح ثلاجة "عبد المجيد"– التحقيق فى نهب المال العام– التصدى للعنف– إثبات فساد الزند- الضغط لتحصيل الضرائب من رجال أعمال المخلوع – منع آل ساويرس من السفر- تطوير العمل بالنيابة - جهود استرداد الأموال المهربة- حل مشاكل الجاليات عوض: طلعت عبد الله فتح ملفات رجال أعمال المخلوع عبد العزيز: فضح المتهربين من الضرائب ومن استولوا على الأراضى الحفناوى: سعى لتطهير القضاء وطلب رفع الحصانة عن الزند لعل النائب العام المستشار طلعت عبد الله اختار الطريق الصعب الذى جعل كل هذه السهام تصوب ناحيته، وفتح باب الهجوم العنيف ضده، عندما حمل على عاتقه فى جرأة يحسد عليها الجهود التى يبذلها لاسترداد الأموال المنهوبة، وفتح "ثلاجة" عبد المجيد محمود النائب العام السابق، بما فيها من بلاغات ضد فساد رموز النظام السابق، والتحقيق فى ملفات نهب المال العام، والتصدى للعنف، وإثبات فساد المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة، والضغط لتحصيل الضرائب من رجال أعمال المخلوع. فوسط أجواء ملتهبة على الساحتين القضائية والسياسية تولى عبد الله مسئوليات النائب العام، بعد الإعلان الدستورى الصادر فى شهر نوفمبر من العام الماضى، بما له من رصيد لدى الشعب بوصفه أحد رموز تيار استقلال القضاء. فمنذ اليوم الأول، واجه النائب العام العراقيل الواحدة تلو الأخرى، وتنافس المحسوبون على النظام السابق من القضاة والسياسيين -على حد سواء- فى الهجوم على الرجل وكيْل الاتهامات له، ومحاولة تعجيزه، إلا أنه ترك كل ذلك ولم يألُ جهدا طوال 4 أشهر فى تحقيق الصالح العام والدفاع عن مصالح المواطنين فى الداخل والخارج وإنفاذ القانون وتطوير العمل بالنيابة العامة. فقد نجح النائب العام فى احتواء أزمة أعضاء النيابة العامة عقب إعلانهم الإضراب وتعليق العمل اعتراضًا على تعيينه خلفًا ل"محمود،" بعودة جميع أعضاء النيابة للعمل والانتظام بنسبة 100% فى وقت وجيز، وعدم تعطيل مصالح المواطنين وقضاياهم. وتحمل عبد الله فى ذلك إيذاءً معنويا، ورغم ذلك حرص على عدم إشعال الموقف بعد محاصرته من قبل أعضاء النيابة المحسوبين على المستشار أحمد الزند -رئيس نادى القضاة- وتجاوز الأمر الذى كان كفيلا -لولا حكمته- أن يشعل فتيل الأزمة، ولم يكن يجرؤ أحد على إخماده حتى الآن. وأصدر النائب العام قرارًا بتشكيل هيئة نيابة خاصة بحماية الثورة، برئاسة المستشار عمرو فوزى، وعضوية 20 آخرين من رؤساء ووكلاء النيابة العامة؛ بهدف التحقيق فى الجرائم المتعلقة بقتل وإصابة الثوار والاعتداء عليهم، وكذلك جرائم إخفاء المعلومات أو الأدلة التى من شأنها تمكين الجهات المختصة من القصاص العادل لشهداء ومصابى ثورة 25 يناير، وجرائم الامتناع عمدًا عن تقديم الأدلة لتمكين المحاكم من تحقيق العدالة الناجزة، وقضايا الفساد السياسى والمالى لرموز النظام السابق. وفى إطار مواجهته لموجة العنف، أمر النائب العام الأجهزة الأمنية وجهاز الأمن الوطنى والمخابرات بالقبض على ميليشيات وعناصر بلاك بلوك الإرهابية، التى قامت بتعطيل المواصلات العامة "المترو" و"السكة الحديد" وقطع الطرق، وأحرقت ودمرت العديد من المنشآت العامة والخاصة، وأثارت الذعر والرعب بين المواطنين. كما كلف الأجهزة الأمنية بمراقبة جميع صفحات "بلاك بلوك" على شبكات التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، وتحديد أعضاء التنظيم الإرهابى، ومعرفة مؤسسى هذه الحركة، تمهيدا لضبطهم والتحقيق معهم. وناشد النائب العام المواطنين بالقبض على المخربين وتسليمهم لأقرب مأمور ضبط قضائى "الشرطة أو الجيش" لما تمر به البلاد من أعمال إرهابية وتخريبية، بدءًا بظهور عناصر لبلاك بلوك، وانتهاء بالأحداث المؤسفة التى شهدتها القاهرة عقب إعلان الأحكام الصادرة بقضية مذبحة بورسعيد، ترتب عليها إحراق النادى الاجتماعى لنادى الشرطة، وقسم شرطة الجزيرة، واتحاد كرة القدم، وسرقة جمع الكئوس من داخل الاتحاد، بالإضافة لقطع طريق 6 أكتوبر وخطوط المترو. وكان النائب العام على موعد مع مواجهة أخرى للعنف ضد المحرضين، وخاصة من الشخصيات العامة والسياسيين، حيث أحال النائب السابق حمدى الفخرانى لمحكمة الجنايات بتهمة التحريض على العنف فى أحداث المحلة. ونسبت نيابة أمن الدولة العليا إلى الفخرانى، خلال التحقيقات، تهم الاشتراك بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة على تخريب المنشآت العامة، وإشاعة الفوضى، وتكدير السلم العام. وفى الملف ذاته، استدعى النائب العام قبل أيام عددا من الشخصيات العامة للتحقيق فى أحداث الاعتداء على الإخوان المسلمين فى منطقة المقطم، من بينهم د. محمد أبو الغار ونوارة نجم وعلاء عبد الفتاح وحازم عبد العظيم وأحمد دومة، وغيرهم. ولأول مرة يستخدم النائب العام سلطاته فى شأن يخص المصريين فى الخارج، حيث كلف النائب العام وفدًا على أعلى مستوى من أعضاء النيابة العامة برئاسة المستشار حسن ياسين -النائب العام المساعد ورئيس المكتب الفنى- للسفر إلى دولة ليبيا؛ للاطلاع على تحقيقات النيابة بشأن المصريين المحتجزين بتهمة "التبشير"، وكذلك الكنيسة التى حرقت، وأيضا المواطن المصرى الذى قتل فى أحداث ليبيا. وفى أشهر معاركه القضائية قبل الحكم الذى صدر مؤخرا ببطلان قرار عزل النائب العام السابق، طلب من المجلس الأعلى للقضاء رفع الحصانة عن المستشار أحمد الزند؛ بناءً على مذكرة اتهامات نيابة الأموال العامة بقيامه بالاستيلاء على 180 فدانًا من أهالى مطروح. لم يكتف المستشار طلعت عبد الله بمحاربة الفساد والعنف والمحرضين، بل انطلق للتطوير من خلال توقيع بروتوكول بين وزارة الاتصالات بشأن تحديث وسائل الأداء القضائى وخدمات النيابة العامة، لتيسير سُبل إجراءات التقاضى باستخدام تطبيقات تكنولوجيا المعلومات، وذلك لتيسير الإجراءات وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وتهيئة ظروف عمل جيدة للموظفين. كما تمت الموافقة على تسليم "لاب توب" لكل عضو نيابة، عليه الدستور الجديد؛ لتسهيل البحث عن النصوص، كما منح الأعضاء سلطة الاستقلال واتخاذ الرأى فى القضايا دون تدخل من أحد. كما أنشأ النائب العام موقعا إلكترونيا للنيابة العامة، يتضمن 6 أبواب رئيسية تتعلق بآخر الأخبار الصادرة عن النيابة والتعليمات، والأسئلة الشائعة، وأخبار التحقيقات فى شأن القضايا محل اهتمام الرأى العام، وباب المعلومات الهادفة إلى توعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم أمام النيابة، والسيرة الذاتية للنائب العام. كما تم تدشين صفحة خاصة على "فيس بوك" للتواصل مع المواطنين والشباب، وإطلاعهم على قرارات النائب العام، وتلقى مقترحاتهم ومشاركاتهم من خلال الصفحة الرسمية للنيابة العامة. ويبذل النائب العام ومكتب التعاون الدولى التابع له جهودًا مضنية فى استرداد الأموال التى هربها الرئيس المخلوع وأفراد عائلته، ورموز نظامه من الوزراء ورجال الأعمال التابعين للحزب الوطنى المنحل أثناء ثورة 25 يناير. وعقد النائب العام عدة لقاءات مع وفود من بريطانيا وأمريكا وتركيا ولبنان وسويسرا بهدف تذليل العقبات التى تعرقل استرداد الأموال المهربة. وتسلم النائب العام مؤخرا، خطابًا رسميًا من القاضية الإنجليزية رئيسة لجنة التنسيق بين الجانبين المصرى والإنجليزى، لاسترداد الأموال المهربة الخاصة ب8 رجال أعمال مصريين هاربين إلى لندن، وعلى رأسهم المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الأسبق، ويوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق. وتعهد الجانب الإنجليزى فى هذا الخطاب الموقع عليه من رئيس الوزراء الإنجليزى، بعدم استخدام البيانات والمعلومات التى حصلت عليها اللجنة الإنجليزية أثناء وجودها بالقاهرة الأسبوع الماضى، والتى تخص حسابات رجال الأعمال الثمانية المقيمين فى لندن، فى إقامة أى دعاوى من الجانب الإنجليزى ضدهم. وأضاف الخطاب أن يتم استخدام هذه البيانات والمعلومات فقط فى الكشف عن أموال وممتلكات رجال الأعمال الثمانية فى لندن، وعن التحويلات التى تمت، وعدم السماح بأى تحويلات جديدة منهم للخارج. كما وافق النائب العام على فتح باب التصالح مع الوزراء ورجال الأعمال والشخصيات العامة التى قامت بالعدوان على المال العام، والمتهمين فى قضايا تتعلق بالاستيلاء على المال، وإعادة مليارات من الجنيهات لخزانة الدولة. وسدد المخلوع وعائلته 31 مليون جنيه قيمة ما حصلوا عليه من هدايا من المؤسسات الصحفية القومية، كما أمر النائب العام بالتحفظ على أموال 21 من المستثمرين المحليين والخليجيين من بينهم رجلا الأعمال السعوديان عبد الرحمن وحسن الشربتلى مالكا مشروع سيتى ستارز، ورجل الأعمال المصرى هشام السويدى، إضافة إلى متهمين آخرين من شركات تداول الأوراق المالية «هيرميس»؛ لاتهامهم فى القضية المعروفة إعلاميا بقضية التلاعب فى البورصة، وبيع البنك الوطنى المصرى، وهى القضية نفسها التى من بين متهميها نجلا المخلوع جمال وعلاء مبارك. كما أصدر قرارًا بوضع رجلى الأعمال أنسى نجيب ساويرس رئيس مجلس إدارة شركة "أوراسكوم للإنشاءات والصناعة"، وابنه ناصف أنسى نجيب ساويرس المدير التنفيذى للشركة على قوائم الترقب والوصول؛ لاتهامهم بالتهرب من دفع 14 مليار جنيه ضرائب مستحقة عليهما. وتم تشكيل لجنة من إدارة التهرب الضريبى لبحث القضية، وإعداد تقرير نهائى بها، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية نحو المشكو فى حقهم، وتلك الخطوات أتت بثمارها سريعا حيث عرض آل ساويرس سداد 7 مليارات جنيه مقابل التصالح ووقف الإجراءات القضائية. وأحال النائب العام 26 متهمًا فى القضية رقم 333 لسنة 2012 والمعروفة إعلاميًّا باسم "خلية مدينة نصر الإرهابية" إلى محكمة الجنايات؛ لبدء محاكمتهم على جرائم إعادة إحياء تنظيم إرهابى محظور، وتلقى تمويلات من الخارج، وحيازة أسلحة ومفرقعات ومواد شديدة الانفجار، وتنفيذ أعمال إرهابية فى داخل البلاد وخارجها، والسعى إلى قلب نظام الحكم وإسقاط النظام الجمهورى، لتكوين إمارة جهادية يزعمون أنها إسلامية. وأحال النائب العام توفيق عكاشة صاحب قناة الفراعين للمحاكمة الجنائية لاتهامه بسب وقذف ائتلاف ضباط الشرطة، بعدما تقدم الائتلاف ببلاغ ضد توفيق عكاشة لسبه وقذفه مجموعة من الضباط المؤسسين للنقابة، والتطاول على ذويهم وزوجاتهم فى برنامجه فى حلقة بتاريخ 17 إبريل الماضى. كما خاطب النائب العام وزارة الداخلية لتنفيذ قرار محكمة مستأنف مدينة نصر بحبس توفيق عكاشة 6 أشهر، وذلك لقيامة بسب وقذف مطلقته على القنوات الفضائية. ومن جانبه، يقول المستشار محمد عوض -رئيس محكمة استئناف الإسكندرية، أحد رموز حركة "قضاة من أجل مصر"- إنه من الطبيعى أن تجد هذا الكم الهائل من الهجوم على المستشار طلعت عبد الله؛ لأنه يعمل بضمير مهنى بامتياز وله تاريخ سابق فى فتح ملفات الحزب الوطنى المنحل ورجال الأعمال المنتفعين من حكم المخلوع مبارك، الذين يمصون دماء المصريين دون رقيب ويتهربون من الضرائب ولم يحاسبهم النائب العام السابق. وأوضح عوض، أن هؤلاء اللصوص تضرروا من النائب العام، فشنوا حملات شرسة بقيادة فلول النظام السابق ورجال الأعمال الفاسدين، وساعدهم فيها الإعلاميون المتهربون من الضرائب التى وصلت إلى مليارات الجنيهات. وأضاف أن هناك ملفات أخرى، خافوا أن تطولها سيف العدالة فشنوا هذه الحملة الشرسة خوفا على مناصبهم التى يعتلونها دون وجهة حق. ومن جانبه، أشار المستشار زكريا عبد العزيز -رئيس نادى القضاة السابق- إلى أن المستشار طلعت عبد الله له تاريخ يعرفه الجميع، ومشهود له بالنزاهة؛ فكان ضمن تيار الاستقلال المعتصمين فى 2006 وكان العضو رقم 2 بعد المستشار حسام الغريانى رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق فى قائمة من أعدوا تقرير تزوير الانتخابات عام 2005. بالإضافة إلى أنه لم يتول أى منصب فى نيابة أمن الدولة، وازدادت الهجمة عليه؛ نظرا لفضحه العديد من الشخصيات والصحفيين فى قضايا التهرب الضريبى وهدايا المؤسسات الصحفية والاستيلاء على أراضى الدولة بأسعار زهيدة وبخْسة وتحقيقاته مع بعض الشخصيات التى علية علامات استفهام. ومن ناحيته، يقول المستشار القانونى عثمان الحفناوى: إن الهجمة تزداد يوما بعد يوم ضد النائب العام الحالى؛ نظرا لفضح العديد من رموز المخلوع، وإحالة بعض البلاغات ضد ما يطلقون على أنفسهم "نشطاء سياسيين" للتحقيقات فى وقائع التحريض على العنف وتكدير الأمن العام، وفتحة ملفات النائب السابق، وإصدار أوامر التحفظ على أموال رجال مبارك الذين يتلاعبون بالبورصة، بالإضافة إلى سعيه لتطهير المنظومة القضائية من خلال طلبة رفع الحصانة عن الزند، مشيرا إلى أن "عبد الله" سيكمل المسيرة التى بدأها المصريون فى ثورة 25 يناير المجيدة.