أصبح معلوما للكافة أن المؤسسات الصحفية القومية الخاسرة كانت مصدرا لثراء بعض رؤساء مجالس إداراتها وتحريرها السابقين فى العقود الثلاثة الماضية، كثير بل غالبا كل المؤسسات الصحفية الحكومية لم تدفع للدولة قيمة الضرائب على الإعلانات، كل الوسط الصحفى يعرف أن رئيس مجلس إدارة مؤسسة قومية سابق حصل بعد الثورة على أكثر من مليونى جنيه فى عشرة أشهر، الرقم المذكور موثق، ولا أدرى لماذا لم يخرج ذلك الزميل القومجى ليثبت غيرته على مؤسسته وعلى العدل الاجتماعى فيرد ولو نصف هذا المبلغ؟ متى نسمع ونقرأ نتائج محاكمة رؤساء المؤسسات الصحفية الذين نثروا الهدايا الثمينة على المخلوع وأسرته وباقى أركان حكمه وبطانته؟ لا يكفى أن يدفع المرتشون فقط قيمة هذه الهدايا، لا بد من معاقبة الرشاة. عدد قليل من كبار الصحفيين "القومجية" ارتشوا من أموال الشعبين العراقى والليبى، على مدار فترتى حكم السادات ومبارك، رأيت بنفسى كثيرين من الرموز القومجية رائحين غادين إلى عراق صدام إبان الحرب العراقية الإيرانية، كنت أغطى تلك الحرب طيلة سنواتها من الجانب العراقى بحكم عملى التليفزيونى مع محطة يابانية، سمعت أحيانا بعض أحاديث المنح والعطايا فى أثناء السفر على الخطوط العراقية أو فى مطاعم فنادق بغداد ذات الخمس نجوم، صحفى كبير من رموز القومجية فتح له المجرم الملتاث القذافى قناة فى مدينة الإنتاج الإعلامى عدة سنوات، الزميل تنقل وأكل على كل موائد من يدفعون، وقد شهدت واقعة لعبه على الحبال بين دولتين خليجيتين، فوضعته واحدة على القائمة السوداء من سنوات، فى حين أعطت الأخرى جريدته إعلانات على كامل الصفحة الأخيرة، ثم وضعته قبل شهور على شاشة فضائيتها كى يناوئ الحكم الجديد. وشهدنا فى العهد البائد ثلة صحفيين وإعلاميين ونشطاء حقوقيين علمانيين وليبراليين، تضخمت ثرواتهم وانتفخت جيوبهم من أموال ومعونات كانت تأتى من الغرب لجمعيات حقوقية، الناس من حولهم يعرفون ويتكلمون همسا وصراحةً، ليس من المقبول وطنيا أن نسكت على المدفوع لهم ولا على من يدفعون لأجل خلخلة قيم المجتمع المتوارثة دينيا وعرفيا، حتى لو كنا نعترف بوجود أعراف خاطئة. قبل أيام، وفى صدد الحديث عن محددات مشروع قانون تداول المعلومات وعلاقته بالأمن القومى، ذكر مسئول أمنى سيادى أن بعض المتدربين فى جمعيات حقوقية كانوا يتلقون ثلاثة عشر ألف دولار لكل منهم أثناء دورات التدريب فى الخارج. أؤكد أن ما أكتبه هنا ليس تعميما، ولهذا أستخدم كلمة بعض، لست مع اتهام الزملاء بالشبهات والقيل والقال، ولكنى فى نفس الوقت مع قطع الشك باليقين، إن سمعة الصحفيين والإعلاميين والحقوقيين فى نظرى كسمعة القضاة.