"عندما يذهب الشهداء إلى النوم.. أصحوا.. وأحرسهم من هواة الرثاء وأقول لهم: تصبحون على وطن.. من سحاب ومن شجر، من سراب وماء أهنئهم بالسلامة من حادث المستحيل.. ومن قيمة المذبح الفائضة".. تلك كلمات للراحل الرائع محمود درويش.. لشهداء وطنه.. فيا شهداء وطنى.. تصبحون على وطن جميل.. تتوارى فيه كل الوجوه القبيحة السابقة.. والسابقة الحالية التى مازالت تحاول البحث عن قناع جديد.. لا تجده من فرط ما بدلت من أقنعة!! أبحث داخلى عن وردة أضعها على قبر كبير يضمكم معا.. فلا الوردة داخلى.. ولا القبر جاهز بعد لاحتوائكم.. لتبقون شاهدا أمامنا على غلو ما دفع الوطن ثمنا للحرية.. أبحث داخلى عن كلمات أرسلها لكم كتحية.. فتستعصى الكلمات.. أحنى هامتى تحية حتى ألامس أرض وطنى المبللة بدمائكم الطاهرة.. فلا يكفى انحناء.. يا شهداء وطنى.. تصبحون على وطنى. أتتبع صوركم جميعا المفترشة ميدان التحرير بلهفة.. صورة بديعة، لا يشوبها سوى ظهور تلك الوجوه القبيحة.. السابقة الحالية.. تتنقل عبر الفضائيات لتستبدل سبابها فى الثورة وشبابها بمديح كاذب لزج.. وأجد اليوم أن فضح هؤلاء واجب وطنى على كل منا.. وهو أقل ما يمكن تقديمه لأرواحكم جميعا.. وهو ما يحمى تلك الثورة من بثور تسعى حثيثا للالتصاق بها. الزميل الحقوقى جمال عيد المدير التنفيذى للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.. نشر منذ عدة أسابيع تقريرا موثقا يضم قائمة بأسماء ما يزيد عن 30 صحفيا ورئيس تحرير لصحف قومية وحزبية وخاصة.. تقاضوا أموالا وهدايا من الرئيس التونسى الهارب.. لنشر أخبار كاذبة لتجميل صورة النظام فى صحفهم.. بل واستمروا فى منع نشر كل ما يخص الثورة التونسية من أخبار ومقالات حتى بعد سقوط النظام السابق.. الحقوقى جمال عيد تقدم بما يثبت تقريره من وثائق ومستندات لنقابة الصحفيين المصرية.. وبالطبع تجاهل النقيب الملف برمته.. وواراه أدراج مكتبه فى المبنى الضخم الذى كان ملاذا للحريات بشارع عبد الخالق ثروت. الآن يازميلى العزيز جمال عيد.. لم تنته مهمتك بما نشرت.. فتلك الوجوه نفسها هى التى تتحدث الآن.. ويجب أن تصمت.. الآن واجبك الوطنى تجاه تلك الثورة وشهدائها أن تتقدم بما تملكه من مستندات إلى النائب العام.. فحق هؤلاء.. وحق مصر القادمة علينا جميعا أن يتم التحقيق فى هذا الملف.. نعم نعرفهم جميعا بالاسم.. لكنهم لا يملكون برقعا للحياء.. يخرجون على شاشات الفضائيات فيسبون نظاما سابقا.. كانوا له طواعية من الرقيق.. فخورون بأن تسبق اسماؤهم صفتهم للحزب الحاكم الذى تبخر فجأة.. أبدأ اليوم بأولهم.. وهو ما أراه واجب وطنى. صاحب نظرية "التعبيرية" فى الصحافة المصرية.. وهو صاحب الملف الأضخم على الإطلاق فى وثائق تقرير جمال عيد.. الملف يضم توقيعات بخط يده على إيصالات المبالغ الضخمة التى كان يتلقاها لسنوات من النظام التونسى عبر وسيط عربى.. والرحلات التى نظمها له بن على حول العالم.. والهدايا التى تلقاها لسنوات طوال.. مقدما مقابلها صفحات فى صحيفة كبيرة وعريقة لتجميل وجه بن على وقرينته ونظامه الفاسد.. صاحب نظرية "التعبيرية" الذى حارب كل موهوب فى المؤسسة العريقة.. طاردهم حتى خرجوا – وهم كثر – للعمل بالخارج.. فخور بأنه استطاع محو اسم سلامة أحمد سلامة وفهمى هويدى من صفحات جريدته اليومية.. وهكذا قال فى جمع من الناس.. فخور بقضائه على شكل وملامح الصحيفة الوقوره.. محولا إياها إلى لاشىء.. تحيطه ثلة من أشباه الصحفيين.. لا يعرفون عن مهنة الصحافة شيئا.. عضو لجنة السياسات بالحزب ذاك الوهم الكبير الذى عشنا فيه سنوات طوال.. دخله الشهرى – يا حرام – مليون جنيه من أموال مؤسسة لم يقدم لها شيئا.. بخلاف الرحلات المتواصلة لكل دول العالم.. وما يصاحبها من بدلات سفر ضخمة.. سيارات خاصة له ولأسرته من ممتلكات المؤسسة.. يتحدث، ويتحدث، ويتحدث.. وتصغى له بكل ما تملك من جهد.. عندما ينهى حديثه تكتشف أنك لم تفهم شيئا البتة مما قال.. ناهيك عن اصطناع شديد لعجرفة ليست فى محلها.. وتعال غير مبرر على من يحدثه سواء على شاشات الفضائيات.. أو فى المؤسسة الضخمة التى يرأس تحرير صحيفتها.. أندهش كثيرا عندما أسمعه يتحدث فلا يعرف نطق حرف "القاف".. ينطقه "كاف" كما مذيعات التليفزيون المصرى فى حقبة السبعينات!! سعى بمعول ضخم.. وخطى حثيثة لهدم تاريخ وسمعة ومصداقية صحيفة عريقة محليا وإقليميا ودوليا.. بفخر غير مسبوق.. منح عصبة ممن يشبهونه انسانيا ومهنيا.. كل ما يملكه منذ هبط على رأس الصحيفة الضخمة كلمة لا يعرف معناها "التطوير".. حتى تحولت على مدار سنوات إلى نكتة سخيفة.. طارد الموهوبين حتى تواروا.. وقبل أن يفقدوا أى أمل فى الإصلاح.. حدثت المعجزة.. وانهار نظام كان من فلوله الكثر.. فاهتزت الأرض تحت قدميه.. لكنه لم يفهم بعد.. وكما قال متحدثا عن الشباب فى التحرير منذ عدة أيام: "شوية عيال القوات الخاصة تخلص عليهم وتخلى الميدان".. يعتقد أنه مازال رئيسا لتحرير تلك الصحيفة العريقة.. لا يدرى أن دائرة المهنيين دارت داخل مؤسسته.. وأن المهنيين انتفضوا ولن يتراجعوا.. فقد أدركوا أن مؤسستهم هى بيتهم وجنسيتهم التى طالما فخروا بها من قبل.. رئيس التحرير، الذى أعتبره سابقا كما نظامه الفاسد.. لا يظهر فى مؤسسته نهارا.. يعتقد أنه باختبائه يتحاشى أى ثورة داخلية.. لكنه لا يعرف أن التروس التى اعتراها الصدأ لسنوات.. قد ألقت عليها ثورة شباب التحرير بضع قطرات من زيت الحرية.. فبدأت تعمل بسرعة لا يتخيلها.. حتى ليفاجأ بملفه كاملا أمام النائب العام.. دعوه فى غفوته حتى يحين دوره فهو قادم لا محالة. أما صاحب حصانة الشورى وعضوية لجنة السياسات واللغة المتقعرة وما تبقى لديه من موهبة.. المتربع على عرش مجلة عريقة ألحقها بصحيفة يومية فاشلة رغم ضخامة ما أنفق عليها.. صاحب المواقع الالكترونية المتعددة ومقالات الشتائم المتعددة لكل معارضى النظام.. فتلك حكاية أخرى!