مع التقدم العلمى والتقنى الذى أنجزته البشرية مؤخرا؛ تطورت وسائل الوقاية من الأمراض وتقدمت سبل العلاج.. واختفت أمراض وبائية كانت تحصد الآلاف مباشرة، وكان الإنسان يقف أمامها عاجزا. وقد أسفر هذا التقدم عن إنسان يتمتع بصحة جيدة فينتج أكثر ويستمتع بحياة أفضل.. وهذا هو سر تقدم دول على دول. فالدول التى تهتم بصحة مواطنيها فتمنع التلوث، وتراقب الأغذية وتعتنى بجودة الأدوية، وتهتم بمراقبة الصحة العامة ودراسة أية ظواهر غريبة والبحث عن أسبابها وعلاجها.. إلخ، هذه الدول هى التى تحقق أعلى معدلات النمو؛ لأن لديها مواطنين أصحاء أقوياء منتجين. أما الدول التى تهمل ثروتها البشرية وتتركها عرضة للأمراض والتلوث، وليس لديها برامج للوقاية، وتترك أبوابها مفتوحة للأغذية الفاسدة أو الضارة، وتسمح بتداول أدوية مغشوشة أو تحت التجريب، ولا تهتز لأية ظواهر طارئة مثل زيادة عدد المرضى أو انتشار أمراض معينة، فهى تستحق أن تكون فى ذيل الأمم؛ لأنها أهملت أهم عناصر التنمية، وهو العنصر البشرى. وقد شهدت مصر فى عهد المخلوع ظواهر كانت (وما زالت) تستحق إعلان حالة طوارئ علمية وصحية ورقابية.. ومنها الانتشار الواسع للأمراض الخبيثة. كما تزايد معدل إصابة الأطفال بمرض السكر.. وتزايدت الأمراض الفيروسية المعدية كالتهاب الكبد بطريقة غريبة، وتحول "دور البرد" العادى إلى نزلات تلزم المواطن الفراش لمدة طويلة لم نعهدها.. ونشأت سلوكيات شاذة غريبة على مجتمعنا، مثل قتل الآباء والأمهات واغتصاب الأطفال. وهناك ظواهر زيادة نسبة العقم، وانهيار المناعة وزيادة فقر الدم، وفقدان الشهية لدى الأطفال.. وغير ذلك الكثير. وهذه الظواهر الطارئة لم تجد مَن يحصيها ويخضعها للدراسة والتحليل للوصول إلى سبل العلاج، وإنقاذ المواطنين من هذا المصير المؤلم. وعلى الرغم من أن المواطنين يتحدثون عن هذا الأمر، ويبدو عليهم القلق والخوف؛ فإن الجهات المسئولة لم تشعر بهَوْل الكارثة، ولم تجد ضرورة للاستنفار وإعلان الطوارئ لإنقاذ ثروتنا البشرية من الفناء. ولا شك أن التلوث والفساد البيئى الذى يحيط بنا ويلازمنا أينما نذهب يعد من أهم أسباب الانهيار الصحى الذى طرأ على حياتنا.. ولكن هناك أسباب أخرى ربما تكون أخطر من التلوث، ويجب الانتباه إليها؛ لأن التلوث موجود فى دول عديدة وبمستويات أعلى، ولم تحدث فيها كوارث صحية مشابهة. ومن هذه الأسباب فتح أبواب البلاد للمواد الغذائية المشبوهة أو المشكوك فى سلامتها دون رقيب أو حسيب. ولم يقتصر الأمر على الأغذية المستوردة، فقد وصلت الكارثة إلى عقر دارنا وأصبحنا نزرع وننتج بأيدينا ما يؤذينا بعد أن زال الشك والحذر من الخواجات، وتركناهم يجربون فينا منتجاتهم الزراعية الموبوءة التى يعبثون فى صفاتها الوراثية؛ سعيا إلى قتل السلالات الطبيعية واحتكار البذور الجديدة والمشوهة وراثيا، التى لا تصلح لإنجاب بذور جديدة.. ومن ثم تصبح الدول النامية "أو النائمة" أُلعوبة فى أيديهم؛ إذ يستطيعون "تجويع" الدول التى لا تخضع لهم بمنع البذور وما يرتبط بها من أسمدة ومبيدات، وتتحول الأرض الخصبة والمياه العذبة والشمس المشرقة والسواعد الفتية التى تفلح الأرض.. تتحول إلى منظومة مشلولة لا تسمن ولا تغنى من جوع! لقد انتشرت خضراوات وفواكهه لا طعم لها ولا رائحة، واختفت أخرى كانت أصيلة ومميزة ويحبها الناس مثل "الشمام"، الذى كان ينتجه الفلاح البسيط معتمدا على الله ثم على نفسه دون حاجة إلى بذور مستوردة أو مبيدات أو أسمدة، وظهر فى المقابل مسخ يسمى "الكنتالوب" لا تعرف له مذاقا!. كما اختفت "أو كادت" الطماطم البلدية والخيار البلدى.. وظهرت أشياء غريبة تبدو جميلة الشكل، وكأنها مُصَنّعة، ولكنها بلا مذاق أو نكهة، بل ربما لا ندرك ماذا نأكل إذا لم ننتبه إلى الشكل. وهناك خضراوات وفواكهه محشوة بالدود رغم مظهرها الجميل. وقد ارتبط إنتاج هذه المسوخ المريبة بأنواع معينة من الأسمدة والمبيدات.. وهى من أخطر ما يهدد الجنس البشرى. والسؤال المهم الآن هو: هل خضعت هذه الأغذية للتحليل والدراسة والبحث قبل طرحها بالأسواق؟.. وهل تم التأكد من سلامتها وصلاحيتها للاستهلاك الآدمى؟.. ومن الذى فعل ذلك؟. والسؤال الأهم: هل تم الربط بين الظواهر المرضية التى طرأت على حياتنا واستهلاك هذه المواد الغذائية المشبوهة، وهى دراسة إحصائية سهلة.. وإذا كانت الإجابة بالنفى، فأين الدولة إذا؟! وما جدوى وجود حكومة؟! لا شك أن هناك علاقة أصيلة بين الأمراض "الحديثة" والأطعمة "الحديثة"، ولكننا لا نميل إلى إصدار هذا الحكم دون تحليل ودراسة، وهذا واجب الدولة أولا وأخيرا. إذ ليس معقولا مطالبة المواطن أن يصطحب معه معملا كلما ذهب إلى السوق لإجراء تحليل كيميائى قبل شراء طعامه وشرابه!.. وعلى الحكومة أن تبحث هذا الأمر بالاستعانة بالعلماء والخبراء الوطنين، وليس الخواجات. وهناك نقطة أخرى جديرة بالدراسة.. إذ ارتبطت هذه الظواهر المرضية الغريبة بالعلاقات الآثمة مع العدو الصهيونى. وهؤلاء صنف من البشر لا أمان لهم كما أخبرنا المولى عز وجل، وهم بالطبع لا يمكن أن يرجو لنا الخير، بل لا يمكن أن يضيعوا فرصة للإضرار بنا.. إذ يدركون أن 5 ملايين مغتصب يستحيل أن يجدوا الأمان أمام 92 مليونا من المصريين، بل 300 مليون من العرب. لذا فإننا لا نستبعد أن يدس العدو السم فى العسل.. وإذا لم يفعل فإنه يكون فى منتهى السذاجة والعبط. فهل قام الصهاينة باستغلال العلاقات التجارية والزراعية لنشر الأمراض بيننا والسعى لقتلنا على المدى البعيد بالسم البطىء؟.. هل المواد الغذائية والبذور والأسمدة والمبيدات التى تأتى من العدو بريئة تماما وخالية من السموم والفيروسات وغيرها من مسببات الأمراض؟.. هل تم بحث هذا الأمر؟ ومَن ذا الذى بحث؟ وأين نتيجة البحث؟ إن أى عاقل يبحث هذه المشكلة لا بد أن يقول "فتش عن اليهود".. والواجب على الحكومة أن تجيب عن هذه الأسئلة، أو تفسر لنا أسباب الانهيار الصحى الذى يهدد وجودنا.. وإنا لمنتظرون.