رغم نفى المعارضة السورية ونظام الرئيس السورى بشار الأسد الأنباء التى تناقلتها وسائل الإعلام عن نية معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف الوطنى المعارض، الالتقاء بوزير الخارجية السورى وليد المعلم خلال زيارتهما للعاصمة الروسية موسكو نهاية الشهر الجارى، إلا أن المؤشرات والتصريحات تظهر إمكانية أن يحدث عكس ذلك، خاصة مع اقتراب الثورة السورية من دخول عامها الثالث منتصف مارس المقبل، دون تقدم يشير إلى قرب حسم المعركة لصالح أحد الطرفين، سواء النظام أو الثوار، رغم الانتصارات التى يحققها الجيش الحر على أرض الواقع. وقبل أيام من احتفال الثورة السورية بالذكرى الثانية لانطلاقها، منتصف مارس القادم، ما زال النظام متشبثا بموقعه، رافضا التنازل عن سلطته، رغم المكاسب اليومية التى تحققها الثورة التى أجبرها الأسد على التحول من سلمية إلى القتال للدفاع عن النفس جراء جرائمه وقواته التى أزهقت حتى الآن نحو 70 ألف شهيد بجانب آلاف المعتقلين والمفقودين وملايين المشردين. الواقع الدامى دفع الخطيب -حسب بعض المراقبين- لطرح مبادرة محاورة النظام على أمل حقن دماء السوريين بعد تخلى الغرب عن الثوار ومنعهم من الحصول على الأسلحة النوعية، فى وقت يواصل حلفاء الأسد دعمه بسخاء، بجانب توصل الطرفين لقناعة راسخة بأن حالة الجمود الحالية الناجمة عن فشلهما فى حسم الأمور على الأرض عسكريا تحتم البحث عن طرق ومخارج وحلول أخرى. ورغم رفض النظام فى البداية محاورة "العصابات الإرهابية"، حسب تصريحاته، إلا أنه أعرب عن إمكانية أن يكون اللقاء داخل سوريا، وأبدى وزير المصالحة الوطنية السورى على حيدر استعداده لإجراء محادثات مع الخطيب؛ حيث يكون هذا الحوار تمهيدا للحوار الفعلى الذى يجب أن يجرى فى سوريا. وبعدها أعلن ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسى، أن وزير الخارجية السورى وليد المعلم ورئيس الائتلاف السورى المعارض معاذ الخطيب سيصلان إلى موسكو أواخر الشهر الجارى فى زيارتين منفصلتين، وهو ما أثار تكهنات أن العاصمة الروسية ستكون ميدان أول لقاء يجمع المعارضة بالنظام. حالة اللاحسم ومن الواضح أن النظام والثوار توصلا إلى قناعة بأن حالة الجمود الحالية الناجمة عن فشلهما فى حسم الأمور على الأرض تحتم البحث عن مخارج وحلول أخرى، ووجدا أن موسكو هى الجهة الأكثر ملائمة، فالمعارضة بدأت تشعر أن أصدقاءها فى الغرب خذلوها تماما، فلا السلاح النوعى الذى طلبته وصل، ولا التدخل العسكرى لإسقاط النظام تحقق، وجميع الوعود التى قدمتها الولاياتالمتحدة وأوروبا تبخرت كليا. وتحدث الخطيب عن هذا الخذلان بمرارة عندما أعلن استعداده للحوار مع ممثلى النظام لحقن الدماء، ووقف آلة القتل الجهنمية، وإنهاء معاناة ملايين المشردين واللاجئين السوريين فى دول الجوار، علاوة على أضعاف هذا الرقم داخل البلاد. وموسكو التى تقيم علاقات قوية مع النظام السورى، واستخدمت حق النقض "الفيتو" مرتين فى مجلس الأمن لمنع أى تدخل خارجى لإسقاطه، قد تكون الأكثر قبولا للحكم والمعارضة فى ظل نفض واشنطن يديها كليا عن الملف السورى. كما أن الشيخ الخطيب أدرك أن واشنطن تريد أن يتحول ائتلافه المعارض إلى قوات صحوات تقاتل جبهة النصرة والجماعات الجهادية التى تتبنى أيديولوجية تنظيم "القاعدة"، ولهذا عارض بشدة القرار الأمريكى بوضعها على قائمة الإرهاب، وأطلق مبادرته من أجل الحوار مع ممثلى النظام مقابل تحقيق شروط إنسانية مثل الإفراج عن المعتقلين وتجديد جوازات سفر السوريين فى المهجر. كل تلك الإشارات تظهر أن الحوار بين النظام السورى ومعارضيه بات وشيكا، وربما تكون موسكو ميدان أولى جولاته. لكن على الجانب الآخر، غالبية قوى المعارضة ومن بينها جماعة الإخوان المسلمين ترفض المبادرة من الأساس وتعارض إجراء أى لقاء مع النظام؛ لأن المبادرة والاجتماعات تعطى الأسد ونظامه الذى ولغ فى دماء السوريين مخرجا شرعيا من أزمته وتضفى عليه شرعية لا يستحقها.