سعر جرام الذهب اليوم في مصر مع الإجازة الأسبوعية مساء الأحد    يوفنتوس يهزم بارما بثنائية في الدوري الإيطالي    تفاصيل خروج 15 فتاة من مصابي حادث غرق أبو تلات بعد تقديم الرعاية.. فيديو    وزارة التعليم تقدم تقريرا مصورا حول زيارة الوزير لليابان.. فيديو    التنمية المحلية: تمويل 23 ألفا و900 مشروعا بسوهاج بقروض 4.6 مليار جنيه    محافظ الدقهلية يقرر إيقاف سيارة "تاكسي" لمدة شهر بسبب طلب السائق أجرة أزيد من قراءة العداد    وزير الاتصالات يشهد إطلاق منظومة الكشف المبكر عن سرطان الثدي باستخدام الذكاء الاصطناعي بمستشفى بهية    الجيش الإسرائيلي يعلن عن اعتقال سوريين ومصادرة أسلحة جنوبي سوريا    الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل استهدافه مواقع في صنعاء    ميرتس: على ألمانيا البحث عن شركاء تجاريين جدد    الجالية المصرية في النمسا ترفض محاولات الضغوط الخارجية على مصر.. صور    استراحة الدوري الإسباني - ريال أوفييدو (0)-(1) ريال مدريد.. نهاية الشوط الأول    قائمة بيراميدز - تواصل غياب رمضان صبحي أمام مودرن سبورت    بشرى سارة.. تسليم 30 عقد عمل لمجموعة من الشباب بالقليوبية    الاستئناف تُحدد جلسة محاكمة سارة خليفة وعصابة المخدرات الكبرى    مروان حامد ضيف شرف مهرجان بردية السينمائي في دورة تحمل اسم والده    د.محمد لطفى رئيس الإذاعة: توجيه الرئيس برقمنة المحتوى جاء فى وقته    أحمد خالد صالح: «ما تراه ليس كما يبدو» يحمل رؤية فلسفية عميقة    "بدأت تأكل وتمشي".. هاني فرحات يكشف تطورات جديدة لحالة أنغام الصحية    وكيل وزارة الأوقاف: المولد النبوي فرصة للاقتداء بأخلاق وتعاليم النبي    هل يجوز نقل الموتى من مدفن لاخر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يحرم استخدام ملابس المتوفى أو الاحتفاظ بها للذكرى؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    دراسة: ارتفاع استهلاك الملح يسبب التهاب الدماغ ويزيد ضغط الدم    وزير المالية: مصر تمتلك الأدوات والقدرات الكفيلة بمساندة وتعزيز صادراتها الطبية وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني    مؤتمر فيريرا: نتعامل مع ضيق الوقت.. وسأكون قلقا في هذه الحالة    أفضل أدعية تعجيل الزواج.. تعرف عليها    «إنكار المجاعة أبشع تعبير عن نزع الإنسانية».. «أونروا»: الوضع في غزة جحيم بكل أشكاله    «الإقليمي للدراسات»: قوات «اليونيفيل» شاهد دولي ويجب استمرار وجودها في الجنوب اللبناني    نجم مارسيليا يعود إلى اهتمامات إيه سي ميلان    هل يحق للمطلقة رجعيًا الميراث من زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    «تجارية الإسكندرية» تختتم فعاليات معرض البصريات الدولي «OPTI ALEX 2025» (صور)    الجالية المصرية في فرنسا: المصريون بالخارج متمسكون بهويتهم ويفتخرون بوطنهم    انطلاق مبادرة القضاء على السمنة بعدد من الوحدات الصحية في قنا    جامعة حلوان تكرّم خريجي BIS بتنظيم رفيع المستوى من شركة دعم الخدمات التعليمية    وزيرة التضامن تزور «بيت صغير» التابع لمؤسسة «يلا كفالة»    مراسل "الساعة 6": المتحدة تهتم بأذواق الشباب فى حفلات مهرجان العلمين    البيئة تنجح في إزالة شباك صيد الطيور المهاجرة بشمال محمية البرلس    هيفاء وهبي تشعل مسرح فوروم دي بيروت بحفل كامل العدد | صور    النيابة العامة تطالب المواطنين الإبلاغ الفوري عن أي وقائع للتعدي على الحيوانات    الغائبة الحاضرة.. CNN: ميلانيا ترامب بعيدة عن الأنظار رغم تأثيرها الواضح    السكة الحديد تشغل القطار السابع لعودة الأشقاء السودانيين إلى وطنهم.. صور    طرح النسخة الأحدث من جيتور X70 المستوردة في السوق المصري    النادي لم يتمكن من تسجيله.. جوهرة برشلونة يرفض الرحيل في الصيف    «ماس في فيشة».. حريق في فيلا الفنان محمد صبحي والحماية المدنية تسيطر عليه (تفاصيل)    "أي كلمة عني هتتحاسب عليها".. ماذا حدث بين شيرين عبدالوهاب وياسر قنطوش؟    الجوازات تنهي إجراءات المرضى وكبار السن في دقائق.. صور    وزير الدفاع يلتقي عددًا من مقاتلي المنطقة الغربية العسكرية    الاحتلال يستهدف منتظري المساعدات والطواقم الطبية    قرود تقفز بين الأشجار في قرية بالأقصر.. ما القصة؟    وزير الصحة يبحث خطط شركة "أكديما" للتوسع في الصناعات الدوائية والتصدير    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق ملتقى دهب واستمرار مهرجان مسرح الطفل وأوركسترا مصر الوطني يصل شرق الدلتا    انتشال جثمان طفلة من تحت أنقاض منزل منهار في سمنود    رئيس حزب الإصلاح والنهضة يكشف تفاصيل مخطط الجماعة الإرهابية لاستهداف سفارات مصر    بعد تدخل وزير الرياضة.. جدل قانوني وتنظيمي يحيط الأهلي بعد التتويج بكأس السوبر السعودي    وظائف بنك القاهرة 2025.. اعرف التخصصات المطلوبة وأهم الشروط    وزارة الصحة تعلن قرارا مهما بشأن صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية    التنكيل بالضفة... حملات اعتقالات واقتحامات إسرائيلية واسعة فى الضفة الغربية    "مباراة عادية".. المصري هيثم حسن يتحدث عن مواجهة ريال مدريد في الدوري الإسباني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أ.د. شحاتة محروس يكتب: تأملات فى الحب والحركة

للحب لوازم لا بد منها حتى يحدث ويستمر ويتسع نطاقه، وحتى يصبح له تأثير ملحوظ فى حياة الناس، والحركة من أول لوازم الحب، فلا حب بلا حركة، وإلا أصبح الحب ادعاء كاذبا، وليس واقعا ملموسا، فالحركة إحدى مظاهر الحب ودليل وجوده، والإيمان لأنه يحيى هذه المحبوبات فى النفوس، فيدفع صاحبه إما للحركة نحوها، أو للحركة ضدها، ذلك لأنه يوقظ مشاعر الحب للأشخاص والموضوعات التى تستجلب رضا الله سبحانه، أو يحرك مشاعر البغض للأشخاص والموضوعات التى تستجلب غضب الرب، "وهَلِ الدّينُ إلَّا الحُبُّ وَالبُغضُ؟"
فإذا قلت إن الحركة أول لوازم الحب وأولى دلائله، فإن الحب كذلك يعدّ أهم دوافع الحركة ومن ألزم لوازمها، فالعلاقة بين الحب والحركة وطيدة، وبينهما تشابك غريب، فلا ينفصل أحدهما عن الآخر، فإذا تحركت بما تحب؛ فإنك ستحب الحركة، وتحب الفعل، وإذا امتنعت عن الحركة عما تكره؛ فإنك ستكره العجز والسكون، وتبغض الكسل، وتمقت الخمول، وإذا تحركت أينما تحب؛ فإنك ستجد أن الأرض كلها مجال رحب للحركة، وإذا التمست الحب فى الحركة، وتحركت لأجل الحب، فإنك ستجد البركة، بركة الحب وبركة الحركة. "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ".
ولن يتحرك إنسان لأجل شىء إلا إذا عرف ضرورته، واقتنع بأهميته، ولا يتحرك بعيدا عن شىء إلا إذا عرف خطره، واقتنع بضرره، فإذا أردت أن تدفع أحدهم للحركة فحبب إليه ما تريد أن يتحرك نحوه، واجعله يكره ما تريد أن يتحرك ضده، فتحبب إليه الخير، والحق، والصلاح والإصلاح، والدعوة إلى ذلك كله، أو كره إليه الكفر والفسوق والعصيان، أو الظلم والجهل والطغيان.
وإذا أردت أن تتعرف مجال الحركة التى يدفع إليها الحب، فهناك خدمة الناس، وإدخال السرور عليهم، والانشغال بنفعهم، وتيسير الحياة عليهم، وإرشادهم إلى سواء السبيل، فلن تخدم أحدا أو تحاول نفعه إلا إذا كنت تحبه، فتحب خدمته، وتحب كل شىء منه، وكل شىء حوله، وكل شىء يقوله أو يفعله، ذلك أن الحب يحول البشر إلى شىء أشبه ما يكون بالملائكة الذين ليس لديهم إلا الصفاء والنقاء، "وإن الله يعطى الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطى الإيمان إلا من يحب".
وحب الناس طريق إلى حب الله، فإن رسول الله قال: "مَا تَحَابَّ رَجُلانِ فِى اللَّهِ إِلا كَانَ أَحِبَّهُمَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَشَدُّهُمَا حُبًّا لِصَاحِبِهِ"، وبذلك يتبين أن الحب شأنه غريب، فلا يكون غاية ووسيلة فى نفس الوقت إلا الحب، والذين عاشوا الحب مشاعر وترجموه إلى حركة نافعة لهم وللبشر، وحركة فاعلة فى دنياهم تركوا خلاصة ما وجدوه من أثر للحب على الناس قائلين: "خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ"، ويعنى ذلك أن صاحب الحب يصير قِبلة للناس يتجهون فى مصالحهم إليه، وواحة لهم فى قيظ الدنيا يستظلون بظله، ومخلصا لهم من هموم الدنيا يفيئون إليه، "من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان".
وقد أوصى سيدنا على بن أبى طالب بالحركة المبنية على الحب، فقال: "واصِلوا مَن تُواصِلونَهُ فِى اللهِ، وَ اهجُروا مَن تَهجُرونَهُ فِى اللهِ" أما الشخص أو الشىء الذى لا تحبه ولا تبغضه، فستجد نفسك لا تتحرك نحوه ولا ضده، وبذلك يصير وجود هذا الشخص أو الشىء بالنسبة لك يساوى عدم وجوده، فأنت لا ترغب فيه ولا ترغب عنه، والشخص الذى لا ترغب فيه، ولا ترهبه، أو لا تحبه ولا تخافه، يصير بالنسبة لك منعدم التأثير، قليل الفاعلية، ضعيف الفائدة، حتى لو كان أبوك أو ابنك.
والحب طريق الإصلاح، فالفرد يكون حريصا على إصلاح من يحب، ولا يمكن أن يحرص أحد على صلاح أو إصلاح من لم يحب أو ما لم يحب، إللهم إلا إذا كان يحب الصلاح والإصلاح نفسه، والإصلاح سنة من سنن الكون، لها قوانينها، ولها لوازمها، وحب صلاح الناس وإصلاحهم، وحب الحركة للإصلاح من ألزم لوازم تلك السنة، وحب العدل وبغض الظلم كذلك من لوازمها، ولا يمكن أن يحب الإنسان شيئا لم يره ولم يتعامل به ولم يؤثر فيه، ولم يتذوق طعمه، لذلك فإن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَلْبَثُ الْجَوْرُ بَعْدِى إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى يَطْلُعَ، فَكُلَّمَا طَلَعَ مِنَ الْجَوْرِ شَىْءٌ ذَهَبَ مِنَ الْعَدْلِ مِثْلُهُ، حَتَّى يُولَدَ فِى الْجَوْرِ مَنْ لَا يَعْرِفُ غَيْرَهُ، ثُمَّ يَأْتِى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالْعَدْلِ، فَكُلَّمَا جَاءَ مِنَ الْعَدْلِ شَىْءٌ ذَهَبَ مِنَ الْجَوْرِ مِثْلُهُ، حَتَّى يُولَدَ فِى الْعَدْلِ مَنْ لَا يَعْرِفُ غَيْرَهُ".
ومن لوازم الحب والحركة معا التواصى بالحق الذى هو لبّ الدعوة إلى الله سبحانه، وذلك حسب المبدأ القرآنى "وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"، فحينما يحب الإنسان الحق، ويحب وجوده وشيوعه والعمل به، فإنه سيتحرك إليه، ويحرك الناس نحوه؛ فتبدأ دوائر الحق فى الاتساع، ويبدأ الداعون إليه فى الكثرة، وتزداد لديهم الخبرة، أما إذا سكت الإنسان عن الحق، فإنه يصبح "شيطانا أخرس"، والشياطين كلها لا تحب الحق. سواء كانت شياطين الإنس أو شياطين الجن، أقول: فإذا سكت الإنسان عن الحق؛ فإن دوائر الباطل ستأخذ فى الاتساع، ويحتاج طلب الحق ساعتها إلى جهد جهيد، وإلى صبر طويل، ولا يتواصى بالصبر على الدعوة إلى الحق فى هذا الخضم من الضلالات إلا محب لذلك الحق فعلا.
والحب إما محض عطاء أو فضل كسب، فالحب الذى هو عطاء تنتج عنه الحركة، والحب الذى هو من رزق الكسب ناتج عن الحركة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَالَ: "إِنِّى أُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ". فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِى فِى السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يَضَعُ لَهُ الْقَبُولَ فِى الأَرْضِ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ الأَرْضِ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ: "إِنِّى أُبْغِضُ فُلانًا فَأَبْغِضْهُ، فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِى فِى السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلانًا فَأَبْغِضُوهُ فَيُبْغِضُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِى الأَرْضِ فَيُبْغِضُهُ أَهْلُ الأَرْضِ".
فالفرد الذى يوضع له القبول؛ يتحرك الناس بحركته فى أرض الله صلاحا وإصلاحا، عمارة وتقوى، والذى توضع له البغضاء، يتحرك الناس عنه أو ضده، فيتعرى وتكتشف سوءاته كلها، ويتركه الله لنفسه فيضل "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" (النساء 54).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.