تكشف المواقف والأحداث التى تمر بها مصرنا العظيمة منذ قيام ثورة 25 يناير العظيمة، معادن الرجال الذين يحبون وطنهم ويخلصون له، ويعملون جاهدين لرفعته والمحافظة على المكتسبات التى تحققت، وتجاوز المرحلة الانتقالية بأقل الخسائر، والسير نحو الأمام فى بناء دولة مؤسسات على أسس ديمقراطية، والتخلص من ركام الفساد الذى ينخر فى عظام ومفاصل الدولة، وتقديم من أجرم وأفسد وضلل ورتع فى المال الحرام للكسب غير المشروع لإعادة أموال الشعب وليطهروا أنفسهم من رجس الحرام، والقصاص من قتلة الثوار الذين اعتدوا على المصابين، والتوصل للأطراف الخفية التى تحرض على الفتنة، وتعتدى على المتظاهرين، وتؤجر البلطجية بالساعة واليوم والأسبوع لارتكاب العمليات الإجرامية وفضحها ومن يقف خلفها ويدعمها ويمولها ويوفر لها الحماية، وكشف الجهات المشبوهة التى تضخ ملايين الجنيهات لإثارة الفوضى وتهديد الأمن والاستقرار وترويع فى الشوارع والطرقات وفى منازلهم وأعمالهم. وفى المقابل هناك من سياسيين فاشلين من موروثات نظام المخلوع، ونخبة ظلت طوال ثلاثة عقود تسير فى ركب النظام السابق الفاسد، وأحزاب ديكورية ورقية أنشأها جهاز أمن الدولة البائد، و"فلول" لا يبحثون إلا عن مصالحهم، وهناك طامحون يلهثون وراء المناصب بعد أن فشلوا فى الحصول على ثقة الشعب، فى انتخابات حرة ونزيهة شهد بها الجميع، ومستعدين للتحالف مع الشيطان فى سبيل الظهور، وتصدر المشهد السياسى والإعلامى، و"ائتلافات هلامية حنجورية"، بل هناك قطاع طرق وبلطجية تورطوا فى أعمال حرق وتفجير وإلقاء قنابل مولوتوف حارقة على مقرات أحزاب، وتلوثت أيديهم بالدماء. وهؤلاء لا يريدون للبلاد الأمن والاستقرار وتجاوز هذه المرحلة، ويعملون دائما على توتير المواقف، واستغلال أى حدث فى تأجيج الفتن ونشر الأكاذيب، تساندهم فرق إعلامية منظمة، وفضائيات وصحف ومواقع إلكترونية، وميليشيات إلكترونية تعمل بكامل طاقتها "جملة وقطاعى" على مواقع التواصل الاجتماعي، لنشر الأكاذيب والشائعات السوداء والرمادية لخلق حالة من البلبلة والفوضى. وتلاقت المصالح بين "آسفين يا ريس" الذين يذرفون الدموع على المخلوع ونظامه، وجماعة أصحاب المصالح الذين أثروا بطرق غير مشروعة، وكونوا ثروات طائلة بالسلب والنهب لأراضى الدولة والاستيلاء على أموال البنوك، وبين مؤججى الفتن السياسية، والمتلاعبين بالورقة الطائفية، ومن يحرضون الغرب على مصر سياسيا واقتصاديا، وينتظرون تدخلا خارجيا فى أسرع وقت، وقطع المعونات، وتعطيل أى مساعدات اقتصادية، فيصدرون الرسائل السلبية للخارج عن وطنهم، لتطفيش السياح وإرهاب المستثمرين ورجال الأعمال. وظهر كل فريق على حقيقته، وتبين للمصريين "الصالح من الطالح"، ومن يسعى لمكاسب شخصية وحزبية ضيقة، ومن يعملون جاهدين لخدمة وطنهم فى أى موقع، فوجدنا من راهن على حالة الفوضى وتوتير المواقف، واستغلال التظاهرات السلمية التى خرجت فى ذكرى أحداث محمد محمود، فى أعمال عنف ضد رجال الأمن، وظهرت فرق المولوتوف والقنابل الحارقة والكر والفر فى محمد محمود، وانتقلت إلى القصر العينى، وميدان سيمون بوليفار، وحرقت مدارس واعتدى على منشآت عامة وخاصة، وحطمت سيارات وواجهات محلات، واقتحم مكتب قناة الجزيرة وأضرم النار فيه، ثم جاءت تظاهرات ميدان التحرير وحشد جبهة الإنقاذ مع ائتلافات الفلول و"آسفين يا ريس" بمشاركة محمولة ومدعومة من شخصيات بارزة من الحزب الوطنى المنحل، وظهر لأول مرة متهمون بقتل الثوار بجوار قوى وشخصيات تدعى الثورية، ولا تمل من الحديث عن القصاص للثوار ب"الميكروفونات"، ووقعت المواجهات الدامية أمام قصر الاتحادية، التى ذهب ضحيتها ثمانية من الإخوان والمصور الصحفى الحسينى أبو ضيف، وكما تصاعدت الأحداث فجأة انتهت فجأة، بعد الاستفتاء على الدستور الجديد وموافقة 64% من المصريين عليه. ولكن دعاة الفوضى ونشر الفتن استمروا فى غيهم بعد أن فشلوا فى التأثير على المصريين برفض الدستور، لجئوا إلى ساحة أخرى وهى الاقتصاد، فظهرت دعاوى إفلاس مصر، وأن البلاد على وشك الانهيار، وأن الاحتياطى النقدى الأجنبى نضب، وأن الموظفين لن يقبضوا رواتبهم، فجاء الرد عليهم من المصريين فى الداخل والخارج بحملات الدعم والمساندة للاقتصاد المصري، ودشنت حملات منظمة من مصريين بالخارج ومفكرين ودعاة ومثقفين ورجال أعمال عرب لدعم الاقتصاد المصرى باسم "عشانك يا مصر"، ورد الرئيس محمد مرسى بقوة فى خطاب له "إن من يدعون إفلاس مصر هم المفلسون". والآن بدأت الترتيبات والاستعدادات للانتخابات البرلمانية، وكان على القوى السياسية المختلفة بشتى ألوانها العمل على تهدئة الأوضاع واستقرار البلاد، والانشغال بالتحالفات الانتخابية، وإعداد القوائم واختيار كل حزب أو "ائتلاف سياسى" أو "كتلة سياسية" للشخصيات التى سيدفع بها الانتخابات والنزول إلى الشارع والالتحام بالناس، وكسب وتحفيزهم على المشاركة واختيار برلمان يعبر عنهم وعن طموحاتهم، ولكن من الواضح أن هناك من لم يتعلموا الدرس بعد، فأدمنوا الظهور على الفضائيات، والحديث فى برامج "التوك شو" التى تفتح لهم أبوابها على مصراعيها، وافتعال الأزمات وتصفية الحسابات ونشر الأكاذيب، على حساب وجودهم فى الشارع مع المصريين. ومن يظن أن "الإعلام الكاذب" والفضائيات والصحف الممولة من "بورتو طره" والفلول الهاربة والمدعومة بالمال الطائفى ستؤثر فى اتجاهات الشعب المصرى واهمون، فقد جربها المخلوع ونظامه فى تخويف المصريين من الإخوان والإسلاميين طوال ثلاثين عاما وفشل، وجربوها فى أول استفتاء على التعديلات الدستورية بعد الثورة، وانتخابات مجلسى الشعب والشورى والرئاسة والاستفتاء على الدستور وكلها فشلت؛ لأن الشعب المصرى صاحب حضارة السبعة آلاف عام يعرف من يقف معه ومن يقف ضده، "فرازة" عوام المصريين والبسطاء الذين يعيشون فى القرى والكفور والنجوع هى التى تميز الطيب من الخبيث، ومن يعيشون مع الناس ومن يتعالون عليهم، وأصحاب الأيادى البيضاء النظيفة ومن رتعوا فى الفساد. هذا شعب لن يضلله مضللون ولا ترهبه برامج "توك شو" موجهة، ولا تسيره صحف "صفراء" ولا إعلاميون كل همهم حساباتهم فى البنوك.